في العقيدة الإسلامية كتاب الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم
حُكمُ من يَدَّعي الإسلامَ لفظًا وهو مناقضٌ للإسلامِ معنًى

حُكمُ من يَدَّعي الإسلامَ لفظًا وهو مناقضٌ للإسلامِ معنًى

الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم

الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم قال المؤلف رحمَهُ الله: حُكمُ من يَدَّعي الإسلامَ لفظًا وهو مناقضٌ للإسلامِ معنًى.
الشرح: أي أن هذا بيان حكمِ من يزعمُ الإسلامَ بلسانِهِ وهو مخالفٌ للإسلامِ في الحقيقةِ باعتقادِ أو قول أو فعل ما ينافيه.
قال المؤلف رحمَهُ الله: هناكَ طوائف عديدة كَذَّبت الإسلامَ معنًى ولو انتموا للإسلام بقولهم الشهادتين أشهدُ أن لا إله إلا الله وأشهدُ أن محمدًا رسولُ الله وصلوا وصاموا لأنّهم ناقضوا الشهادتين باعتقادِ ما ينافيهما فإنّهم خرجوا من التوحيدِ بعبادتهم لغيرِ الله فهم كفَّارٌ ليسوا مسلمينَ كالذين يعتقدونَ ألوهيّةَ علي بن أبي طالبٍ أو الخَضِرِ أو الحاكمِ بأمرِ الله وغيرِهم أو بما في حكمِ ذلكَ منَ القولِ والفعلِ.
الشرح: يعني أن هناكَ أناسًا يدَّعون الإسلامَ وهم فِرقٌ متعدّدةٌ ثم يناقضون الإسلامَ فهؤلاء ليسوا بمسلمين مؤمنين، مثال ذلك أن أحدهم يقولُ لفظًا لا إله إلا الله محمد رسول الله ثم يعبُدُ شيئًا من خَلقِ الله كأناسٍ يعبدون عليًّا وهو الخليفةُ الراشدُ ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأناسٍ يعبدونَ الخضر وهو نبيٌّ على القولِ الراجحِ، وأناسٍ يعتقدونَ الألوهيّةَ للحاكمِ بأمرِ الله الذي كانَ في القاهرةِ يعبُدُ الشياطينَ يختلي ويعبد في خلَواته الرُّوحانيين أي الجن.
قال المؤلف رحمَهُ الله: وحُكمُ من يجحدُ الشهادتين التكفيرُ قطعًا ومأواه جهنّمُ خالدًا فيها أبدًا لا ينقطعُ في الآخرة عنه العذابُ إلى ما لا نهايةَ له وما هو بخارجٍ من النارِ.
الشرح: أن مَن يُنكِرُ معنى الشهادتين فهو كافرٌ قطعًا بلا شك، والكافرُ إذا دَخَلَ جهنّمَ في الآخرة فلا يخرجُ منها أبدًا قال الله تعالى: ﴿إِنَّ اللهَ لَعَنَ الْكَافِرِينَ وَأَعَدَّ لَهُمْ سَعِيرًا {64} خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا {65}﴾ [سورة الأحزاب]. وفي هذه المسألة خَالَفَ جَهمٌ وابنُ تيمية، وكان ابن تيمية قبلَ أن يقولَ هذا كفَّرَ جهمًا لقوله بفناءِ الجنةِ والنارِ ثم شارَكَهُ ابنُ تيمية في نصفِ عقيدتِهِ فقال بفناء النار فهو أخو جهم.
قال المؤلف رحمَهُ الله: ومن أدَّى أعظمَ حقوقِ الله بتوحيدِهِ تعالى أي ترك الإشراكِ به شيئًا وتصديق رسولِهِ صلى الله عليه وسلم لا يخلدُ في نارِ جهنّم خلودًا أبديًّا وإن دخلَها بمعاصيه ومآله في النهايةِ على أيّ حالٍ كان الخروج من النّار ودخول الجنّةِ بعد أن يكون قد نالَ العقابَ الذي يستحقُّ إن لم يَعفُ الله عنه.
الشرح: أنَّ الذي أدّى أعظمَ حقوقِ الله وهو الإيمانُ بالله ورسولِهِ واجتنبَ الكفرَ هذا إن ماتَ لا يخلَّدُ في النارِ إن دَخَلَهَا مهما كانت ذنوبُه ولا بدَّ أن يدخلَ الجنّةَ بعد أن يعاقَبَ بذنوبه التي كان اقترفها، هذا إن لم يغفِر الله له ذنوبه، فحُكمُ المسلم العاصي الذي ماتَ قبل التوبةِ أنه تحت المشيئةِ إما أن يعذّبه الله ثم يدخله الجنةَ وإما أن يعفو عنه.
قال المؤلف رحمَهُ الله: قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "يخرجُ من النّارِ من قالَ لا إله إلا الله وفي قلبهِ وزن ذَرّةٍ من إيمانٍ" رواه البخاريُّ.
الشرح: أي أن من ماتَ وفي قلبهِ وزن ذرّةٍ من إيمانٍ أي أقل الإيمان لا بدَّ أن يخرجَ من النارِ وإن دَخَلَها بمعاصيه. والذَّرُّ هو الذي مثل الغبارِ يُرَى لما يدخل نورُ الشمس من الكَوّةِ، ويُطلَقُ على النملِ الأحمرِ الصغيرِ، وإذا أردت المفرَدَ قلتَ ذرّةٌ ويقال للجمعِ ذرٌّ.
قال المؤلف رحمَهُ الله: وأمّا الذي قامَ بتوحيدهِ تعالى واجتنبَ معاصيه وقامَ بأوامره فيدخل الجنّة بلا عذابٍ حيث النعيمُ المقيمُ الخالدُ.
الشرح: أن الذي ءامنَ بالله عزَّ وجل ونزَّهَهُ عن مشابهةِ خلقِهِ وأدى الفرائضَ واجتنبَ المحرماتِ فهو التقي الذي مآلهُ يومَ القيامة أن يدخل الجنةَ لا يَلقَى جوعًا ولا عطشًا ولا نكدًا في القبر ولا في الآخرة بل يدخل الجنةَ حيث النعيمُ المقيمُ، فيكون مأواهُ الذي لا يخرجُ منه.
قال المؤلفُ رحمَهُ الله: بِدلالة الحديث القدسي الذي رواهُ أبو هريرة قالَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عزَّ وجلَّ: "أعددتُ لعبادي الصالحين ما لا عينٌ رأت ولا أذنٌ سَمِعَت ولا خَطَرَ على قلبِ بشر". وقال أبو هريرة: "إقرؤا إن شئتم قوله تعالى: ﴿فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِيَ لَهُم مِّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ {17}﴾ [سورة السجدة] رواهُ البخاري في الصحيحِ.
الشرح: قوله تعالى ﴿قُرَّةِ أَعْيُنٍ {17}﴾ أي شىء تقَرُّ به أعينهم أي تفرح به مما لم يُطلِع الله عليه ملائكته ولا أنبياءه، فالنعيمُ الخاصُّ المعدُّ للصالحين لم يرهُ الرسولُ ولا الملائكةُ ولا خُزَّانُ الجنةِ الموظفونَ هناك، وقد فُسّرت الآيةُ بهذا الذي جاءَ في هذا الحديثِ القدسي.

الشرح القويم
في حل ألفاظ الصراط المستقيم

قائمة الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم