في العقيدة الإسلامية كتاب الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم
السَّبيلُ إلى العلْمِ بالمعْجِزةِ بالقَطْعِ واليَقِينِ

السَّبيلُ إلى العلْمِ بالمعْجِزةِ بالقَطْعِ واليَقِينِ

الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم

الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم قال المؤلف رحمه الله: السَّبيلُ إلى العلْمِ بالمعْجِزةِ بالقَطْعِ واليَقِينِ
العلمُ بالمعجزاتِ يحصُلُ: بالمشاهدةِ لمن شَاهَدوها، وببلوغِ خَبَرِهَا بطريقِ التَّواتُرِ في حَقّ من لم يَشهَدهَا، وذلك كعِلمِنَا بالبلدانِ النَّائيةِ والحوادثِ التَّاريخيّةِ الثّابتةِ الواقعةِ لمن قَبلنا من الملوكِ والأُمَمِ، والخبرُ المتواترُ يقومُ مقامَ المشاهدةِ، فَوَجَبَ الإذعانُ لمن أتى بها عقلًا كما أنَّهُ واجبٌ شرعًا.
الشرح: المعجزةُ تدلُّ على صدقِ الأنبياءِ في كلّ ما جاؤوا به وهي دليلٌ على صِدقهم شرعًا وعقلًا، أمّا العلمُ بثبوتِ المعجزاتِ فَيُعلَمُ بطريقِ العلمِ اليقينيّ لأنّها جَاءت بخبرِ التَّواتُرِ، وخبرُ التواتُرِ لا يكونُ إلا صدقًا.
والخبرُ المتواترُ هو أن يُخبِرَ عددٌ كثيرٌ عن جمعٍ كثيرٍ بحادثةٍ قوليّةٍ أو فعليّةٍ بحيثُ لا يُمكِنُ عادةً أن يتواطؤا على الكذبِ، كالأخبارِ المتواترةِ بين النّاسِ عن وجودِ فرعونَ فيما مَضَى، وكالأخبارِ عن وجودِ بلدانٍ نائيةٍ نحن ما شاهدناها، والأخبارِ عن إنسانٍ اسمه لينين وَضَعَ كذا وكذا من المَبَادِئ، فيقالُ للمعتَرِضِ: فكما أنتَ صَدَّقتَ بهذا نحنُ صَدَّقنا بالمعجزاتِ، أمّا أن تؤمنَ بخبرِ لينين مع أنّكَ لم تَرَهُ ولا تؤمنَ بأنَّ النّبيَّ حَصَلَ لهُ كذا فهذا تحكُّمٌ ليسَ مجاراةً للواقِعِ بل أنتَ شاذٌّ مكابِرٌ.
وقد اختُلِفَ في حَدّ التّواترِ على أقوالٍ والمعتمدُ أن لا نحدّدَ عددًا بل نقولُ جَمعٌ يستحيلُ تواطؤهم على الكذبِ عادةً في أمرٍ حسّيّ شُوهِدَ بالمعايَنَةِ.
ثمّ يُقالُ للمعتَرِضِ: معجزاتُ الأنبياءِ ثابتةٌ مع أنّنا لم نشاهدهم فإذًا يجبُ علينا أن نصدّقَهُم بمَا جاءوا به، وتكذيبُكُم للأنبياءِ مردودٌ عليكم لأنّكم تُكَذّبونَ ولا تستطيعونَ أن تأتوا بما أَتَوا به. أخبارُ الأنبياءِ التّاريخُ سَجَّلَهَا، نحنُ من أيّامِ محمّدٍ صلى الله عليه وسلم تواتَرَ إلينا خبرُ نبعِ الماءِ من بينِ أصابعِ النّبي وخبر حنينِ الجذعِ وغير ذلكَ من المعجزاتِ، فالخبرُ المتواترُ مثل المشاهدَةِ لمن لم يشاهِد لأنَّ أصلَهُ مشاهدةٌ.
تنبيهٌ: شرطُ المتواترِ أن تكونَ تلك الكثرةُ في الطبقةِ الأولى التي شاهدَت والتي تليها ثم التي تليها، وهذا التواترُ لم يحصل بالقولِ في خبرِ أن المسيحَ قُتِلَ وصُلِبَ بل لم يحصل هذا العددُ في الطبقةِ الأولى، والطبقةُ الأولى هي الأصلُ لأنه إن لم يحصل هذا العددُ في الطبقةِ الأولى ثم حَصَلَ فيما بعدَ ذلكَ لا يُعَدُّ متواترًا، ومن هذا القبيلِ خَبَرُ قَتلِ المسيحِ وصلبِهِ عليهِ السلامُ.

الشرح القويم
في حل ألفاظ الصراط المستقيم

قائمة الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم