في العقيدة الإسلامية كتاب الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم
تَوحِيدُ الله في الفِعْلِ

تَوحِيدُ الله في الفِعْلِ

الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم

الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم قال المؤلّف رحمه الله: تَوحِيدُ الله في الفِعْلِ
الشرح: توحيدُ الله في صفاتِهِ معناهُ أن يعتقدَ المرء أنَّ صفات الله لا تشبهُ صفات غيرِهِ، وأمّا توحيدُهُ في الأفعالِ فهو أن يعتقد المرءُ أنَّ الله تعالى يفعلُ فعلًا بقدرتِهِ الأزليّةِ بتكوينهِ الأزليّ بلا مباشرةٍ ولا مماسَّةٍ لشىءٍ.
قالَ تعالى: ﴿إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [سورة يس/82] وقد جاءَ في تفسيرِ هذه الآيةِ على ما قالَ بعضهم أنَّ الله تعالى يُوجِدُ ما شاءَ وجودهُ بدونِ تعبٍ ولا مشقّةٍ ولا تأخُّرٍ عن الوقتِ الذي شاءَ، يخلقُ الأشياءَ بلا حركةٍ ولا استعمالِ ءالةٍ إنَّما بمجرّدِ مشيئتهِ الأزليّةِ يحصلُ الشىءُ، قالوا معناها سرعةُ الإيجادِ بلا مشقة تلحقه وبدون تأخر عن الوقت الذي شاء وجوده فيه، وليس المعنى أن الله ينطق بلفظ كن المركب من الكاف والنون بعدد مخلوقاته لأن الله تعالى منزه عن أن يتكلم بكلام هو حرف وصوت كما نحن نتكلم وإنما نزل هذا في القرءان بهذه العبارة لتقريب المعنى إلى عباده وذلك أنّ كلمة كن أسهلُ شىءٍ بالنسبة للعباد فيكون المعنى أن الله هيّنٌ عليه إيجادُ ما أراد وجوده كما يهون على العباد النطق بهذه الكلمة. وإنما امتنع تفسير الآية على الظاهر الذي هو نسبة إثبات النطق بالحرف إلى الله لأنه لو كان الله ينطق بهذه الكلمة للزم تشبيه الله بخلقه ولو كان الله يتكلم بهذه الكلمة بالحرف والصوت لكان مثل عباده فلو كان يجوز هذا على الله لكان يجوز عليه كل صفات البشر وذلك ينافي التوحيد لأن التوحيد عدم تشبيه الله بشىء من صفات خلقه ولو كان الأمر كذلك لجاز أن يسمى الله ناطقًا والله لا يسمى ناطقًا بل يسمى متكلمًا لأن الناطق هو من ينطق بالحرف والصوت اللذين هما عرضان من الأعراض التي يوصف بها الجسم كاللذة والراحة والانبساط والانزعاج.
وقال بعض الأشاعرة إن معنى قوله تعالى ﴿أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ﴾ [سورة يس/82] حُكْمُ الله في الأزل بوجود الحادثات في أوقاتها فيرجع إلى الكلام الأزلي ليس الكلام الحرفي الذي هو صفة الخلق، وإلى هذا ذهب البيهقي، والأول هو ما قاله الإمام أبو منصور الماتريدي وعليه جرى أكثر الماتريدية، وكلا الفريقين متفقان على أن الله لا يوصف بالنطق بالصوت والحرف إنما ذلك هو عقيدة الحشوية الذين يقيسون الخالق بخلقه فيجعلون صفات الله كصفات خلقه.
والله هو خالقُ الأسبابِ والمُسبَّبَاتِ، وقد انتشرَ في دعاءِ المسلمينَ قولهم: يا مسبّبَ الأسبابِ، وهو يرجعُ إلى توحيدِ الأفعال أي أنَّ الله هو الذي فعله لا يتخلَّفُ أثرهُ، إذا شاءَ حصولَ شىءٍ إثرَ مزاولةِ المخلوقِ لشىءٍ حَصَلَ لا محالةَ، فالتّوحيدُ كما قالَ شيخُ الصّوفيّةِ الجنيدُ بن محمّدٍ البغداديُّ المدفونُ ببغداد المتوفَّى سنة ثلاثمائةٍ إلا ثلاث سنوات تقريبًا: "التّوحيدُ إفرادُ القديمِ من المُحدَثِ" أي لا تشابُهَ بينَ القديمِ وهو الله والمحدَثِ وهو العالَمُ بأسرِهِ.
ومعنى الله واحدٌ في أفعالِهِ أنّهُ تبارَك وتعالى يفعلُ بمعنى الإخراجِ من العدمِ إلى الوجودِ، ولا فاعل على هذا الوجهِ إلا الله. ومعنى الله واحدٌ في ذاتِهِ أي أنَّ ذاتهُ ليس مركَّبًا يقبلُ الانقسامَ لأنّه منزَّهٌ عن الحَدّ.
قال المؤلّف رحمه الله: رُوِيَ عن الجُنَيدِ إمَام الصُّوفيّةِ العَارِفينَ عِندَما سُئِلَ عن التّوحيدِ أنَّه قالَ: "اليَقينُ" ثمّ اسْتُفْسِرَ عن مَعناهُ فقَالَ: "إنَّهُ لا مُكوّنَ لشَىءٍ منَ الأشْيَاءِ منَ الأَعْيانِ والأَعْمالِ خَالِقٌ لهَا إلا الله تعالى"، قَالَ تَعالى: ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ [سورة الصافات/96].
الشرح: شهود أنَّ الله هو خالقُ كلّ شىءٍ بالقلبِ هو اليقينُ، فليجعل المؤمنُ هذا عقد قلبهِ وليُكثِر من شهودِ هذا المعنى حتَّى يكونَ موحّدًا لله تعالى توحيدًا شهوديًّا في جميعِ أفعالِهِ وفي جميع حالاتِهِ فتهون عليه المصائبُ والخوفُ من العبادِ، من جَعَلَ هذا المعنَى ذكرهُ القلبيّ أي جَعَلَ قلبَهُ يستشعرُ بذلكَ دائمًا هانَت عليه المصائبُ وسهلَ عليه ما يتوقّعهُ أن يحدث من قبل النّاسِ وهانَ عليه أمرُهُ فلا يستفزّهُ ذلكَ على نسيان أنّه تبارَك وتعالى هو المتصرّفُ في كلّ شىءٍ، هذا يقالُ له التّوحيدُ الشُّهوديُّ. ومعنى ﴿وَاللهُ خَلَقَكُمْ﴾ (96) أي خَلقَ ذواتكم ﴿وَمَا تَعْمَلُونَ﴾ (96) ، أي أعمالكم حركاتكم وسكناتكم هو خلَقها، ونيّاتنا هو خلقها.
فالله هو الأزليُّ الخالقُ لما سواهُ، وما سواهُ حادثٌ وُجِدَ بعدَ أن لم يكن، وقد جاء يهوديٌّ إلى عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه فقالَ له: متى كانَ الله، فقالَ له سيدنا علي: لا يقالُ عن الله تعالى متَى كانَ إنَّما يقالُ متى كانَ عمَّا لم يكن ثُمَّ كانَ، أما الله تعالى هو قبلَ القبلِ وبعدَ البعدِ.
هذا اليهوديُّ أرادَ الامتحانَ لأنَّه كان اطّلعَ في التّوراةِ على هذا الكلام فلمَّا أجابَهُ عليٌّ بهذا الجوابِ الذي هو مذكورٌ في توراتِهم الأصلية، الرجلُ ما تمالَكَ نفسَهُ عن أن يسلمَ فتشهَّدَ في المجلسِ، قالَ في نفسِهِ: عليٌّ ما لهُ اطلاعٌ على التَّوراةِ من أينَ عَرفَ الجوابَ لولا أنَّ دينهُ صحيحٌ.
قال المؤلّف رحمه الله: وقَالَ الرّسولُ صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله صَانِعُ كُلّ صَانعٍ وصَنْعَتِه"، رواهُ الحاكمُ والبيهَقيُّ وابنُ حِبَّانَ من حَديثِ حُذيفةَ.
الشرح: الصَّنعةُ في هذا الحديثِ المرادُ بها العملُ الذي يعملُهُ العبدُ حركاتُهُ وسكونُهُ، والمعنَى أنَّ الله خالقُ كلّ عاملٍ وعملِهِ. وفي هذا إبطالٌ لقولِ المعتزلةِ القائلينَ بأنَّ العبدَ يخلُقُ أفعالهُ بقدرةٍ خَلَقَهَا الله فيه. فالإنسان جسمُهُ واحدٌ، وأمّا أعمالُهُ حركاتُهُ وسكناتُهُ تُعَدُّ بالملايين، فلو كانَ الله خَلَقَ الجسمَ فقط والعبدُ يخلُقُ حركاته وسكناته لكانَ مخلوقُ العبدِ أكثر من مخلوقِ الله.
قال المؤلف رحمه الله: إذِ العبادُ لا يَخلقُونَ شَيئًا من أعْمالِهم وإنّما يكتَسِبُونَها، فقَد قالَ الله تعَالى: ﴿اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ﴾ [سورة الرعد/16] تَمدَّحَ تعالى بذَلكَ لأَنَّهُ شَىءٌ يَختَصُّ به، وذَلكَ يقتَضي العُمومَ والشُّمولَ للأعيانِ والأعمالِ والحركاتِ والسَّكناتِ.
الشرح: الله تعالى تَمدَّحَ بأنّه خالقُ كلّ شىءٍ خالق أجسامِنا وحركاتِنا وسكناتِنا وغيرها من كل فعل ظاهري وكل صفة باطنية كالتفكير والخواطر التي تخطر ببال العبد لا يستطيع أن يدفعها وكلّ كائن دخل في الوجود بقوله ﴿اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ﴾ [سورة الرعد/16]، ولو لم يكن خالق ذلك كلّه بل كانَ خالق الأجسامِ فقط لم يكن في ذلكَ تمدُّحٌ لهُ، لأنّه كانَ معنى ذلك أن ما يخلقهُ العبادُ أكثر ممّا يخلقهُ الله.
قال المؤلّف رحمه الله: وقَالَ تَعالى:﴿قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (162) ﴿لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (163) [سورة الأنعام].
سَاقَ الله الصَّلاةَ والنُّسُكَ والمحْيَا والمماتَ في مَسَاقٍ وَاحدٍ وجعَلَها مِلْكًا لهُ. فكَما أنّ الله خالقُ الحياةِ والموتِ كَذَلكَ الله خالِقٌ للأَعْمالِ الاختيَاريّةِ كالصَّلاةِ والنُّسُكِ، والحَركاتِ الاضْطِراريّةِ من بابِ الأَوْلَى.
الشرح: قل أي يا محمّدُ إنَّ صلاتي ونُسكي ومَحياي ومَمَاتي لله ربّ العالمينَ لا شريكَ لهُ وبذلكَ أمرتُ وأنا أوَّلُ المسلمينَ، ومعناهُ أَعلِم قومَكَ بأنَّكَ لا تُشرِك بالله لا في صلاتِكَ ولا في نُسُكِكَ، والنُّسُكُ هو ما يُذبَحُ تقرّبًا إلى الله من الذّبيحةِ كالأضحيةِ، كذلك في الحَجّ إذا أخذَ الإنسانُ من بلدِهِ إبلًا أو بقرًا أو غنمًا فذبحَهُ ضمن حدود الحرم تقرّبًا إلى الله فهذا الذّبح لله أي ملكٌ لله، وخلقٌ لهُ، ومَحيَاي أي حَياتي، ومماتي ملك لله لا أشركُ به في ذلك شيئًا، أمّا المحيا والممات فهما من الأفعالِ غير الاختياريةِ وهي خلقٌ لله قال تعالى: ﴿الَّذِي خَلَقَ الْمَوْتَ وَالْحَيَاةَ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً﴾ [سورة الملك/2] فإذًا الأعمالُ الاختياريّةُ وغير الاختياريّةِ خلقٌ وملكٌ لله. وأمّا قولُهُ: ﴿وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ﴾ (163) معناهُ أنا أوّلُ من جاءَ بهذا الدّين دين التوحيدِ من بين هؤلاءِ البشرِ الذين يعيشونَ على وجهِ الأرضِ في هذا الزمن، لأنّه لم يكن في ذلكَ الوقت من البشر على وجه الأرض مسلمٌ غيرهُ، أي أنا أولُ مسلمي هذه الأمةِ. وليس معناه أنه لم يكن قبله مسلم على الإطلاق. والمعتزلة ومن وافقهم من أهل هذا القرن وهم حزب التحرير المنتسبون لتقي الدين النبهاني خالفوا هذه الآية فخرجوا عن التوحيد.
قال المؤلّف رحمه الله: وإنَّما تَمتَازُ الأَعْمالُ الاختِياريةُ أي التي لنَا فيها ميلٌ بكَونِها مكتسَبَةً لنَا فهِي مَحلُّ التّكلِيفِ.
والكَسْبُ الذي هو فِعْلُ العَبد وعلَيه يُثابُ أو يُؤاخَذُ في الآخرةِ هُو تَوجيهُ العَبدِ قصدَهُ وإرادتَه نحوَ العملِ أي يَصْرِف إليهِ قدرَته فَيخلُقُه الله عِنْدَ ذَلِكَ.
الشرح: الفرقُ بين الأعمالِ الاختياريّة وغير الاختياريّةِ أن الاختياريَّةَ مكتسبةٌ لنا وأمّا غيرُ الاختياريّة فهي غير مكتسبةٍ لنا. فالأعمالُ الاختياريةُ هي محلُّ التّكليفِ أي هي التي يحاسبُ العبدُ على فعلِها فما كان منها خيرًا يُثابُ عليه وما كان منها شرًّا يؤاخَذُ عليه.
وأمّا الأعمالُ التي هي غير اختياريّةٍ فليست محلَّ التكليفِ إنّما نسألُ عن أعمالنا الاختياريّة، وأمّا المصائبُ التي تصيبُ المؤمنَ كالأمراضِ ونحوِها كوفاةِ القريبِ فيثابُ عليها ويكفَّرُ بها السّيئات وترفعُ بها الدَّرجاتُ فإن نفس المرضِ ليس من الأفعالِ الاختياريّة وإنّما الصَّبرُ من الأعمالِ الاختياريّة.
قال المؤلّف رحمه الله: فَالعبدُ كاسبٌ لعَملِهِ والله تَعالى خَالقٌ لعملِ هذا العبدِ الذي هُو كَسْبٌ له، وهوَ من أغْمضِ المسائلِ في هذَا العِلمِ، قالَ الله تَعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ [سورة البقرة/286].
الشرح: الكسبُ أمرٌ دون الخلقِ وهو العزمُ المصمَّمُ على فعلِ الشّىءِ، لمّا يوجّهُ ويعلقُ العبدُ قصدَهُ وإرادتَهُ بشىءٍ يخلقُ الله ذلك الشّىءَ، والكسبُ على مفهومِ أهلِ السنةِ والجماعةِ شىءٌ غامضٌ من أغمضِ المسائل في علمِ الكلامِ.
وأمّا قولُهُ تعالى: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ﴾ (286) أي من عملِ الخيرِ أي تنتفعُ بذلكَ، ﴿وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾ (286) أي من المعاصي، أي عليها وبالُ ما اكتسبَتهُ من المعاصي، أي تستحقُّ العقوبةَ عليهِ، ففي هذه الآيةِ إثباتُ الكسبِ للعبدِ. فكل أعمال العبد مخلوقة لله أي هو يوجدها من العدم إلى الوجود ولا يُستثنى من ذلك شىء، فما في كتاب الوصايا تأليف الكمال بن الهُمام في الاعتقاد وكتاب التحرير له من أنه يستثنى فعل واحد وهوالعزم المصمَّم فإنه مخلوق للعبد لتصحيح التكليف باطل لم يقل به أحد من أهل السنة بل هو عين الاعتزال فليحذر.
قال المؤلّف رحمه الله: فَلَيْسَ الإنْسَانُ مَجبُورًا لأَنَّ الجبْرَ يُنَافي التَّكْلِيفَ، وهَذَا هُوَ المذْهَبُ الحقُّ وهُوَ خَارِجٌ عن الجَبْرِ والقَدَرِ أي مذهب الجَبْريَّةِ والقَدَرِيَّةِ.
الشرح: الإنسانُ ليس مجبورًا لأنّه لو كانَ مجبورًا لم يكن مكلَّفًا والمجبور هو من لا اختيار له، يعنونَ بالمجبورِ أن يكونَ مثل الرّيشةِ المعلَّقةِ في الهواءِ تأخذها الرّياحُ يمنةً ويسرةً من غير اختيارٍ لها في ذلك، فلو كانَ العبدُ مثل هذه الرّيشة لم يؤمر بالأوامر ولم يُنهَ عن المناهي. والمعتزلةُ والجبريّةُ طائفتانِ متباينَتَانِ تباينًا شديدًا، فالجبريّةُ تقولُ العبدُ مجبورٌ كالرّيشةِ المعلّقةِ في الهواءِ، والمعتزلةُ تقولُ العبدُ يخلُقُ أعمالَ نفسِه استقلالا بقدرة خلقها الله فيه، وأهلُ السنّةِ لا من هؤلاءِ ولا من هؤلاءِ بل هم وسطٌ بين الاثنين.
أهلُ السنّةِ يقولونَ الإنسانُ لمَّا يقدمُ على الشَّىءِ باختيارِهِ أي بميلهِ فهو مختارٌ ظاهرًا، لكن إن نظرنا إلى أنَّ الله علمَ منه أنّه سيفعلُ هذا الفعل الذي هو طاعةٌ أو غيرها فلا بدَّ أن يفعله لأنّ علمَ الله لا يتغيّرُ، فإذا نظرنا إلى هذا المعنى نجدُ العبادَ مختارينَ ظاهرًا مجبورينَ باطنًا، العبادُ مختارونَ اختيارًا ممزوجًا بجبرٍ، فالإنسانُ له اختيارٌ تابعٌ لمشيئةِ اج، مختارٌ تحتَ مشيئةِ الله. ويقالُ العبدُ مختارٌ لا مجبورٌ في الأعمالِ التكليفيةِ. ولا تُقالُ هذه العبارةُ التي شاعت بين العوام: العبدُ مسيَّرٌ أو مخيَّرٌ، لأن الاختيارَ والتسييرَ ليسا معنيين متقابلين بل يجتمعان، العبدُ له اختيارٌ، ومُسَيَّرٌ أي يُمكّنهُ الله من السيرِ قال الله تعالى: ﴿هُوَ الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ﴾ [سورة يونس/22]، هذه العبارةُ التي يلهجُ بها العوام وبعض من يدعي العلم فاسدةٌ لغةً ومخالفةٌ للشرعِ وهي شائعةٌ بين العوام وأشباهِ العلماء.
قال المؤلّف رحمه الله: ويَكْفُرُ مَنْ يَقُولُ إنَّ العَبْدَ يَخْلُقُ أعْمالَهُ كالمعتَزِلَةِ، كَمَا قَالَ ابنُ عَبَّاسٍ رَضِي الله عَنْهُ: "كلامُ القَدَريّةِ كُفرٌ" والقَدرِيّةُ همُ المعتَزلةُ.
الشرح: المعتزلةُ القائلونَ بأنّ العبدَ يخلقُ أعمالهُ كفروا لأنّهم كذَّبوا القرءانَ، كذّبوا قوله تعالى: ﴿قُلِ اللهُ خَالِقُ كُلِّ شَىْءٍ﴾ [سورة الرعد/16] وءاياتٍ كثيرةً وهم يقولونَ الله خالقُ الأعيانِ أي الأجسام فقط والأعمالُ خلقَها العبدُ، وتستَّروا بقولِ "بقدرةٍ خَلَقَها الله فيه" ولا ينفعهم قولُهم هذا وهم قائلونَ باستقلالِ العبدِ في أفعالِهِ حتى قال متأخروهم "إنّ الله كانَ قادرًا على خَلقِ حركاتِنَا وسكناتِنَا قبل أن يعطيَنا القدرةَ عليها فلما أعطانا القدرةَ عليها صارَ عاجزًا عنها" ذكرَ هذا إمامُ الحرمينِ وأبو سعيد المتولي وأبو الحسن شيث بن إبراهيم في كتابه الذي ألفهُ في الرد على المعتزلةِ وسماهُ حَزَّ الغَلاصِمِ في إفحام المُخَاصِمِ وغيرُهم، قال أبو الحسن: المعتزلةُ جعلت الله كما يقولُ المَثَلُ: "أدخلتُهُ داري فأخرَجني منها"، فهل بعد هذا ترددٌ في تكفيرهم.
وابن عبَّاسٍ رضي الله عنه قالَ بأنَّ كلامهم كفرٌ لأنّهم قالوا المعاصي تحصُلُ بدونِ مشيئة الله وإنّ أعمالنا نحن نَخلقها: لذلك سمُّوا القدريّة.
قال المؤلّف رحمه الله: قَالَ أبُو يُوسُفَ: "المُعتَزلَةُ زَنَادِقَةٌ".
الشرح: أبو يوسف هو صاحبُ أبي حنيفة وأكبرُ تلاميذهِ علمًا، وكان قاضيًا في أيّامِ هارون الرّشيد قال: "المعتزلةُ زنادقةٌ" والزّنديقُ من لا دينَ لهُ أي الملحدُ الذي لا يتمسك بدين، فالمعتزلةُ مثلُ أولئك. ولم يكن المعتصمُ منهم وإنما وافَقَهم في قولِ هذه العبارةِ "القرءانُ مخلوقٌ" ويعني اللفظ المنزل، أما في سائرِ عقائدهم لم يوافقهم، وفي هذه المسئلةِ أيضًا هو لم يوافقهم فيها على التمامِ لأن المعتزلةَ تنفي الكلامَ القائمَ بذاتِ الله وتقول الله متكلمٌ بمعنى خالق الكلام في غيرِه، لذلك تنفي أن يكونَ القرءانُ كلامًا قديمًا قائمًا بذاتِ الله ليس حرفًا ولا صوتًا، فمعتصم ليس معتزليًّا وكذلك أخواه المأمون والواثق لذلك خاطَبَهُ الإمامُ أحمدُ "يا أميرَ المؤمنين"، فلم يُحفظ عن المعتصم قول إن العبدَ يخلقُ أعماله الاختيارية استقلالا الذي هو أصلُ اعتقادِ المعتزلةِ، فهذا القولُ "القرءانُ مخلوقٌ" محظورٌ لكن من قاله يريدُ بذلك اللفظ المنزل ليس في المعنى باطلًا وإنما التعبيرُ بذلك ممنوعٌ، لأنه يُوهِمُ أن صفةَ الكلامِ القائمة بذاتِ الله مخلوقةٌ وأما كون اللفظ المنزل مخلوقًا فلا يمتري في ذلك عاقلٌ وعليه دلَّ قوله تعالى: ﴿إِنَّهُ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ﴾ [سورة الحاقة/40] والرسولُ الكريمُ هو جبريلُ، والمعنى أن القرءانَ بمعنى اللفظ المنزل مقروء جبريل وهو عبارةٌ عن الكلامِ القائمِ بذاتِ الله الذي هو أزليٌّ أبديٌّ كسائرِ صفاتِ الله ليس حروفًا مركبةً يسبقُ بعضُها بعضًا ويتأخرُ بعضُها عن بعض، وهذا الاعتقادُ وَسَطٌ بين المشبهةِ القائلينَ بأن الله متكلمٌ بحروفٍ حادثةٍ وبين المعتزلةِ النافين عنه كلامًا هو صفةٌ قائمةٌ بذاتِ الله أزليةٌ أبديةٌ وقد بسطنا شرحَ ذلك فيما تقدَّم، والحمدُ لله الذي وَفَّقَ أهل السنةِ للصوابِ.
قال المؤلّف رحمه الله: وَوَصَفهُم أبُو مَنْصُورٍ التَّميميُّ في كِتَابِه "الفَرْقُ بَيْنَ الفِرَقِ": بِأنَّهُم مُشْرِكُونَ. وأَبُو مَنْصُورٍ هُوَ الذي قَالَ فِيهِ ابْنُ حَجَرٍ الهيتمي هَذِهِ العِبَارَةَ: "وقَالَ الإمَامُ الكبِيرُ إمامُ أصْحابِنا أبُو مَنْصُورٍ البغدادِيُّ"، وهُوَ مِمَّن كَتَبَ عَنْهُ البَيْهقيُّ في الحديثِ.
الشرح: أبو منصورٍ التَّميميُّ هو إمامٌ كبيرٌ شافعيُّ المذهبِ أشعريٌّ في العقيدة، وليس هو فقط من كفَّر المعتزلةَ بل جمهورُ العلماءِ كَفَّرهم، وأمَّا الذين لم يكفّروهم فقليلٌ لا يؤخذُ بقولِهم كصاحبِ كتاب الإقناعِ بشرح أبي شجاعٍ. والصوابُ الذي لا محيدَ عنه ما قاله الإمامُ الحافظُ البلقينيُّ: إن من ثَبَتَت عنه قضيةٌ معينةٌ تقتضي تكفيرهُ لا تصحُّ الصلاةُ خلفَهُ، قال البلقينيُّ: وهذا معنَى قول الشافعي: "أقبلُ شهادة أهلِ الأهواءِ إلا الخطابية"، عنَى الشافعيُّ بقوله "أهلِ الأهواءِ" من خالفوا أهلَ السنةِ في الاعتقادِ تقبلُ شهادة أحدهم ما لم تَثبُت عليه قضيةٌ معيّنةٌ تقتضي كُفرَه، وغَلِطَ من عَمَّمَ عدم تكفيرِ المعتزلةِ وأطلقهُ بلا تفصيلٍ فقالوا تصحُّ القُدوةُ بالمعتزلةِ في الصلاةِ، وليس هذا اعتقادَ الشافعي لأنه كَفَّرَ حفصًا الفرد وهو معتزليٌّ لأنه ثبتت عليه قضية معينة تقتضي كفره وذلك أنه ناظره في قولهم القرءان مخلوق بالمعنى الذي هو معتقدهم أنه لا كلام لله إلا هذا اللفظ القرءاني الذي هو حروف. فمن ظن أن الشافعي يصحح القدوة بالمعتزلة وغيرهم من مخالفي أهل السنة في العقيدة بدون مراعاة هذا الشرط فقد غلط على الشافعيّ ونسب إليه ما لم يقله. وفي كتاب نجم المهتدي أن عبد الرحمهبهن بن مهدي ذكر عنده رجل من الجهمية قال إن الله خلق ءادم بيده فقال عجنه بيده وحرك يده بالعجين فقال لو استشارني هذا السلطان في الجهمية لأشرت عليه أن يستتيبهم فإن تابوا وإلا ضرب أعناقهم اهـ ونقل صاحب نجم المهتدي أن في كتاب روضة الطالبين عن الشيخ أبي حامد ومن تابعه أنهم جزموا برد شهادة أهل الأهواء، وحملوا نص الشافعي رضي الله عنه حيث قال: أقبل شهادة أهل الأهواء على المخالفين في الفروع فقالوا هؤلاء أولى برد الشهادة من الفسقة ولعله عثر على نسخة من كتاب روضة الطالبين مخالفة للنسخة التي طبعت عليها النسخة المطبوعة اهـ. ثم نقل عن أقضى القضاة نجم الدين في كتابه المسمى كفاية النبيه في شرح التنبيه عند قول أبي إسحاق في باب صفة الأئمة ولا يجوز الصلاة خلف كافر لأنه لا صلاة له فكيف يُقتدى به. ثم قال ما معناه هذا يشمل من كفره مجمع عليه يعني ممن ليس من أهل القبلة ومن كفرناه من أهل القبلة كالقائلين بخلق القرءان وبأن الله لا يعلم المعلومات قبل وجودها ومن لا يؤمن بالقدر وكذا من يعتقد أن الله جالس على العرش كما حكاه القاضي حسين هنا عن نص الشافعي رضي الله عنه. ثم نقل في كتاب الشهادات في باب من تقبل شهادته ومن لا تقبل وقال الشيخ أبو حامد وتبعه البَنْدَنيجي وقال القاضي حسين إنّ به قال أصحابنا.
وأهل الأهواء على ثلاثة أضرب ضرب يكفَّرون وسنذكرهم فلا تقبل شهادتهم، وضرب يفسَّقون ولا يكفَّرون كمن سب القرابة من الخوارج يعني عليًّا والصحابة من الروافض فلا نحكم بشهادتهم أيضًا، وضرب لا يكفَّرون ولا يفسَّقون ولكن يخطَّئون. قال القاضي حسين كالبغاة - أي في رد الشهادة ليس في أصل فعلهم لأنهم فساق لا شك في خروجهم على الخليفة معناه أي فهم يفسقون من جهة ولا يفسقون من جهة -، وقال غيره الذين اختلفوا في علم الشريعة، ثم ذكر لذلك ستة شروط، ثم مثّل الضرب الأول، ثم حكى بعد ذلك عن البندنيجي فقال قال البندنيجي: فلا تحل مناكحة من ذكرناهم ولا تؤكل ذبيحتهم وحكمهم في هذا حكم الكفار. هذا مذهب الشافعي. قال الإمام أبو القاسم عمر بن الحسين بن الحسن المكي في كتابه المسمى نهاية المرام في علم الكلام حكى القاضي أبو بكر يعني ابن الباقلاني عن أبي الحسن رحمه الله يعني الأشعري أنه قال في كتاب النوادر عند سؤاله هل يعرف الله تعالى عبدٌ اعتقد أنه جسم؟ فقال: إن هذا القائل غير عارف بالله وإنه كافر به اهـ وقال القاضي رحمه الله: وكذلك القول عنده على من زعم أن كلام الله تعالى مخلوق اهـ وهذا هو الذي يصح عن أبي الحسن قال بعض العلماء أما كتاب الإبانة لم يكن طبعه من أصل وثيق وفي المقالات المنشورة باسمه وقفة لأن جميع النسخ الموجودة اليوم من أصل وحيد كان في حيازة أحد كبار الحشوية ممن لا يؤتمن على الاسم ولا على المسمى. بل لو صح الكتابان عنه على وضعهما الحاضر لما بقي وجه لمناصبة الحشوية العداء له على الوجه المعروف اهـ. ومعلوم طعن الحشوية المجسمة فيه قديمًا وحديثًا. يكفي في ذلك ما اشتهر عند الوهابية من ذمه وتضليله وتصريح بعضهم بتكفيره، فلو كانت نسخة صحيحة من الكتابين لاكتفوا بهما لإثبات أنه موافق لهم ولم يحتاجوا إلى الشتائم الغليظة والتكفير، حتى إنه بلغ بعضهم في شدة كراهيته أنه ذهب إلى قبره فأحدث عليه، ثم الله تعالى انتقم منه فمات بنزيف الدم بعد ثلاثة أيام وفي هذا دلالة ظاهرة على أن هذين الكتابين ليسا له. لو كان عندهم نسخة صحيحة من هذين الكتابين ما احتاجوا إلى الشتم بل لجاهروا بأنّ الأشعري معنا ليس معكم وهذان الكتابان من كلامه فهو معنا لا معكم. ومعلوم عند المحدثين وغيرهم أن صحة النسخة شرط في الرواية.
قال المؤلّف رحمه الله: وَلا تَغْتَرَّ بِعَدَم تَكفِيرِ بَعْضِ المتأخّرينَ لَهُم، فقَدْ نقَلَ الأسْتاذُ أبُو مَنصُورٍ التَّمِيميُّ في كِتَابِه "أُصُولُ الدّيْنِ" وكَذَلِكَ في كِتَابِه "تفسيرُ الأَسْماءِ والصّفَاتِ" تكفِيرَهُم عن الأئِمَّةِ.
قَالَ الإمَامُ البَغْدادِيُّ في كِتَابِه "تَفْسِيرُ الأَسْماءِ والصّفَاتِ": "أَصْحَابُنا أجْمَعُوا علَى تَكْفِير المعْتَزلَةِ" أي الذين يقولونَ: العبدُ يخلُق أفعالَه الاختيارية، وكذلكَ الذين يقولونَ فرضٌ على الله أن يفعلَ ما هو الأصلحُ للعبادِ. وقَولُه: "أصْحابُنا" يَعنِي به الأشْعَرِيّةَ والشَّافِعيّةَ لأنَّه أشْعَرِيٌّ شَافِعِيٌّ بلْ هُوَ رَأسٌ كَبيرٌ في الشَّافِعيَّةِ كَما قالَ ابنُ حَجَر وَهُوَ إمَامٌ مُقَدَّمٌ في النَّقْلِ مَعْرُوفٌ بذَلِكَ بَيْنَ الفُقَهاءِ والأُصُولِيّينَ والمؤَرّخِينَ الذينَ ألَّفُوا في الفِرَقِ، فَمن أَرادَ مَزِيدَ التَّأكُّد فليُطالِعْ كتُبَهُ هَذِه، فلا يُدَافَعُ نَقْلُهُ بكلامِ البَاجُوريّ وأمثالِه ممَّن هُوَ مِنْ قَبْلِ عَصْرِهِ أو بَعْدَهُ.
الشرح: الباجوريُّ كلامهُ لا يقاوِمُ نَقلَ أبي منصورٍ التّميميّ الذي أَلَّفَ كتابَهُ الفرق بين الفرقِ ليبيّنَ الفِرقَ الموجودةَ في الدنيا وبيَّنَ أديانَهم وعقائدَهُم، فالباجوريُّ لا شىء بالنسبةِ لأبي منصورٍ.
وقد بينَ أبو منصورٍ أقسامَ المعتزلةِ لأنَّ المعتزلةَ منهم من لا يقولُ بأن العبدَ يخلقُ أفعالَ نفسِه وإنَّما يشاركونَ المعتزلةَ باعتقاداتٍ أخرى كالقولِ بأن الله لا يُرَى في الآخرةِ وأن صاحبَ الكبيرةِ يخلَّدُ في النَّارِ لا يَخرُجُ منها لا هو مؤمنٌ ولا هو كافرٌ، وينكرونَ الشَّفَاعَةَ، ولهم أقوالٌ أخرى هم متأولون فيها لم يُكفّروا بها هؤلاء المعتزلة كبشرٍ المريسيّ فإنه كانَ مع المعتزلةِ يوافقُهُم إلا في مسألةِ خَلقِ أفعالِ العبادِ أمّا في هذه كان يُكفّرهم. والمأمونُ العبّاسيُّ ءاذَى المسلمينَ الذين لا يقولونَ القرءانُ مخلوقٌ.
والفِرقُ الذين خالفوا أهلَ السنةِ ويدّعونَ الإسلامَ اثنتانِ وسبعونَ فرقةً لكن لو عُدُّوا لَطَلعوا قِلَّةً قليلةً باعتبارِ أهلِ السّنّةِ فإنَّ أهلَ السنةِ يزيدونَ عليهم في العددِ، أما أولئكَ أسماءُ فرقهم كَثُرَت.
قال المؤلّف رحمه الله: وأمّا كلامُ بعضِ المتقدّمينَ مِنْ تَركِ تكفيرهم فمحمُولٌ على مثل بِشْرٍ المرِيسيّ والمأمون العبَّاسيّ، فإنّ بِشْرًا كان مُوافقَهُم في القولِ بخلقِ القرءانِ وكفَّرهُم في القولِ بخلق الأفعالِ فلا يُحْكَم على جميع من انتسبَ إلى الاعتزالِ بحُكْمٍ واحِدٍ ويُحكَمُ على كلّ فَردٍ منهم بكونِهِ ضَالا.
الشرح: الحكم الذي يجمعُ المعتزلةَ أنّهُم ضالُّون، كلُّ فِرَقهم ضالونَ فإنَّ كلَّ من خَرَجَ عن أهلِ السّنةِ في المعتقدِ يسمّونَ ضالّيْنَ. والمأمونُ العبّاسيُّ إنّما لم يكفّروهُ لأنّهم ما فَهمُوا مرادَهُ من قوله "القرءانُ مخلوقٌ"، ولو فهموا منه أنه أرادَ بذلكَ أنَّ كلامَ الله الذي هو صفتهُ مخلوقٌ لكفَّروهُ لأنّ هذا لا شكَّ في كُفرِ قائِلِهِ.

الشرح القويم
في حل ألفاظ الصراط المستقيم

قائمة الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم