وممّا يدلُّ على أنّ الله شاءَ حصولَ الكفرِ قولُهُ تعالى في صفةِ الكفَّارِ يومَ القيامةِ: ﴿وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدتُّمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنطَقَنَا اللهُ الَّذِي أَنطَقَ كُلَّ شَىْءٍ﴾ [سورة فصلت/21] الكفّارُ في حالٍ من الأحوالِ يوم القيامةِ يختمُ الله على أفواهِهِم لأنّهم كانوا أنكروا الكفرَ الذي كفَروهُ من شدَّةِ اضطرابهم فقالوا: نحنُ ما أشركنا، فمنعَ الله أفواههم من الكلامِ وأنطَقَ جوارِحَهم وجلودَهُم فشهدت عليهم بما عملوا.
وفي قوله تعالى: ﴿مَن يَشَإِ اللهُ يُضْلِلْهُ وَمَن يَشَأْ يَجْعَلْهُ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ﴾ [سورة الأنعام/39] دليلٌ ظاهرٌ على أنَّ الله شاءَ كفر الكافر وإيمان المؤمن فَنَفَذَ مرادُ الله.
ومعنى قوله تعالى: ﴿مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللهُ﴾ [سورة الأنعام/111] أي أنَّ حسنات العبادِ من إيمانٍ وما يتبعهُ لا يكونُ إلا بمشيئةِ الله.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاء اللهُ لَجَمَعَهُمْ عَلَى الْهُدَى﴾ [سورة الأنعام/35] أي لم يشأ هدايةَ جميعهم.
وقوله تعالى: ﴿وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِي الأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا﴾ (99) أي لم يشأ للجميعِ أن يؤمنوا وإن كانَ أمرَهُم بالإيمانِ.