في العقيدة الإسلامية كتاب الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم
تَنْبِيْهٌ مُهِمٌّ

تَنْبِيْهٌ مُهِمٌّ

الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم

الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم قال المؤلف رحمه الله: تَنْبِيْهٌ مُهِمٌّ
لا يُعْفَى الجاهِلُ ممّا ذكرناهُ من الأصولِ، ولا يُعْذَرُ فيما يقَعُ منه منَ الكُفْرِ لعدَمِ اهتمامِهِ بالدّيْن.
الشرح: الجاهلُ إذا كانَ لا يعرفُ أنَّ سبَّ الله كفرٌ فسبَّ الله لا يقال هذا معذورٌ لا يكفرُ لأنّه جَهِلَ الحكمَ، لا يعذرُ أحدٌ بالكفرِ بسببِ جهلِهِ هكذا قال المالكيّةُ كالقاضي عياض وابنِ حجرٍ من الشافعيةِ وكذا الحنفية، بل قالَ بعض الحنفيةِ والقولُ بأن من تكلمَ بالكفرِ عامدًا لكن يجهلُ الحكمَ إنه يعذرُ خلاف الصحيح أي قولٌ لا يعتَبَرُ فهو كالعَدَمِ.
وحكمُ غير سبّ الله من سائرِ أنواعِ الكفرِ كحكمِ سبّ الله وذلك كسبّ الرّسولِ والملائكةِ والكتبِ السّماويةِ ودينِ الله الإسلامِ مع اعتقاد أو بغير اعتقاد لا فرق بين من يقول هذه الكلمات عن اعتقاد وبين من يقولها مزحًا أو تقية إلا المكره فإن المكره بالقتل على أن ينطق بكلمة الكفر أو على فعل الكفر كالسجود للصنم ودوس المصحف بالقدم لا يكفر. والعبرة في الكلمات الكفرية بكون الناطق بها يفهم المعنى الذي هو كفر فلا يشترط أن يكون قاصدًا للمعنى أو غير قاصد كالذي حصل لرجل في الشام كان مع زملائه في دائرة من دوائر الحكومة فرأوا رجلًا أعمى مقبلًا فقال أحدهم قال الله تعالى إذا رأيت الأعمى فَكُبَّهُ لست أكرم من ربه. قال ذلك ليضحك زملاءه وهو لا يعتقد أن هذا قرءان. وكثير من الجهلة يقولون مثل هذا ولا يظنون فيه معصية فضلًا عن أن يروه كفرًا.
قال المؤلف رحمه الله: ولو كان الجهْلُ يُسْقِطُ المؤاخَذَةَ لكانَ الجهلُ خَيْرًا من العلم وهذا خِلافُ قولِه تعالى: ﴿قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ﴾ [سورة الزمر/9]، إلا أنَّ من كانَ قريبَ عهدٍ بإسلامٍ ونحوَه لا يكفرُ بإنكارِ فرضيَّةِ الصلاةِ وتحريمِ الخمرِ ونحوِ ذلك إن لم يكن سَمِعَ أن هذا دين الإسلامِ.
الشرح: هذا معناهُ أن الجهلَ لو كانَ يُسقِطُ العقوبةَ في الآخرةِ على الإطلاق لكان الجهلُ خيرًا للنّاسِ، ولكنَّ الأمرَ ليس كذلك بدليلِ الآيةِ التي ذكرناها. الله تعالى فَضَّلَ الذين يعلمونَ على الذين لا يعلمونَ فلو كانَ الجاهلُ يُعذَرُ لجهلِهِ على الإطلاق لكانَ الجهلُ أفضل للنّاسِ. إلا أنه إذا أنكر شخصٌ أمرًا من أمورِ الدين ولم يعلم أنه من أمورِ الدين مما هو غير معلومٍ من الدين بالضرورةِ لا يكفَّرُ منكرهُ بل يعلَّمُ ثم إن عادَ فأنكرَ يكفَّرُ، حتى لو دخلَ رجلٌ في الإسلامِ ومضت عليه مدةٌ ولم يعلم قبل دخولِهِ أن الزنى حرامٌ عندَ المسلمينَ ولم يسمع فجرَى على لسانِهِ استحلالُ الزنى لا يكفّرُ بل يعلَّمُ أن الزنى في دينِ الله حرامٌ، فإن عادَ فأنكرَ أو شكَّ كفّرَ، وعلى هذا يقاسُ كثيرٌ من الأمورِ. وكذلكَ لو لم يسمع شخصٌ وُلِدَ بين أبوينِ مسلمينِ وعاشَ ولم يسمع بأنه في دينِ الإسلامِ تجبُ خمسُ صلواتٍ في اليومِ والليلةِ فأنكرَ وجوبَها فظنَّ أنها ليست واجبة فلا يكفَّرُ بل يعلَّمُ، يقالُ له إن في دينِ الإسلامِ خمسَ صلواتٍ كتبهنَّ الله على العبادِ ثم إن أنكرَ بعدَ ذلك يُحكَمُ عليه بالردّةِ فيُطَالَبُ بالعودةِ إلى الإسلامِ بالنطقِ بالشهادتينِ فمن كان حاله هذا فهو كالكافرِ الذي أسلمَ من قريبٍ.

الشرح القويم
في حل ألفاظ الصراط المستقيم

قائمة الشرح القويم في حل ألفاظ الصراط المستقيم