من كتب العلّامة الهرري كتاب جامع الخيرات - الجزء الأول
 الدرس الحادي والخمسون - كيفيَّةُ التَّذكيةِ وحُرمةُ أكلِ الميتةِ (2)

الدرس الحادي والخمسون
كيفيَّةُ التَّذكيةِ وحُرمةُ أكلِ الميتةِ (2)

جامع الخيرات

جامع-الخيرات تَتِمَّةُ الدرسِ السابقِ الذي ألقاهُ الشيخُ عبدُ اللهِ الهرريُّ رحمَهُ اللهُ تعالى في السادسِ والعشرينَ من ربيعٍ الأولِ سنةَ ثمانٍ وتسعينَ وثلاثُمائةٍ وألفٍ في شرحِ قولهِ تعالى في سورة المائدة ﴿حُرِّمَتْ عليكُمُ المَيتَةُ والدَّمُ ولحمُ الخِنزيرِ وما أُهِلَّ لغَيرِ اللهِ بهِ والمُنْخَنِقَةُ والمَوْقُوذَةُ والمُتَرَدِّيَةُ والنَّطيحةُ وما أكلَ السبُعُ إلا ما ذَكَّيتُم وما ذُبِحَ على النُّصُبِ وأن تَسْتَقْسِمُوا بالأزلامِ ذلكُم فِسقٌ﴾.
والتتمةُ كما يأتي قال رحمهُ اللهُ:
الأمرُ الخامسُ: المنْخَنِقةُ: وهيَ التي ماتَتْ خَنْقًا.
الأمرُ السادسُ: الموقُوذَةُ: وأكلُها حرامٌ، والْمَوقُوذَةُ هيَ البَهيمةُ التي ضُرِبَتْ بالعِصيِّ حتى ماتَتْ. والذبحُ لا يُؤَثِّرُ فيها بعدَ موتِها ولا يجعَلُها حلالاً، أمَّا إذا داخَتْ لكنَّها بعدُ في حياتِها المستقرةِ ثمَّ ذُبِحَتْ ذبحًا شرعيًّا فهذهِ صارَتْ حلالاً، فهذهِ التي يَضْرِبُونها بالمطرَقةِ في جَبْهَتِها فتَدوخُ فتقعُ على الأرضِ فيسهُلُ عليهم ذبحُها فإنْ وصلتْ إلى حدِّ أنَّها فقدَتِ الحركةَ الاختياريَّةَ لأنها صارَتْ في ءاخرِ رَمَقٍ وصارَتْ تتحرَّكُ كحركةِ المذبوحِ أيْ حركةً غيرَ اختياريَّةٍ فهذهِ لا تَحِلُّ، أما إذا داخَتْ وبَقِيَتْ فيها حركةٌ عاديَّةٌ اختياريَّةٌ فهذهِ إذا ذُبِحَتْ ذبحًا شرعيًّا فالذبحُ يُحِلُّها، وهذا الضربُ حرامٌ لأنَّ فيهِ تعذيبَ خلقٍ مِنْ خلقِ اللهِ تعالى بدونِ طريقةٍ شرعيةٍ أمَّا لو شرَدَتْ بقرةٌ أو شردَ إبلٌ وأفْلَتَ مِنْ يدِ صاحِبِهِ وهوَ يُريدُ أنْ يتمكَّنَ منهُ ويذبَحَهُ قبلَ أن يقعَ من رأسِ الجبلِ فيصيرَ مَيتةً فضربَهُ فضرْبُهُ لهُ هُنا بسببٍ.
الأمرُ السابعُ: المتَرَدِّيَةُ: وهيَ التي وقعتْ وتردَّتْ مِنْ علوٍّ كأنْ وقعَتْ مِنْ رأسِ جبلٍ فماتَتْ فهذهِ حرامٌ لا يحِلُّ أكلُها.
الأمرُ الثامنُ: النَّطيحةُ: أيْ يحرُمُ أكلُ النطيحةِ وهيَ التي ماتَتْ بالانْتِطاحِ معَ بهيمةٍ أخرى كأنْ نطحَ كَبشٌ كبشًا ءاخرَ فقُتِلَ أحدُ الكَبْشَينِ فهذا الكَبْشُ المقتولُ مَيتةٌ لا يحلُّ أكلُهُ. والتحريشُ بينَ الكِباشِ حرامٌ وكذلكَ بينَ الدِّيَكةِ.
الأمرُ التاسعُ: ما أكلَ السبُعُ إلا ما ذَكَّيتُم: فيَحرُمُ أكلُ ما أكلَ السبُعُ إلا ما ذَكَّيتُم فالبهيمةُ التي أكلها السبُعُ كالأسدِ والنَّمِرِ فماتَت فهيَ حرامٌ أمَّا إذا أخذَ السبُعُ مِنْ ألْيَةِ الغنمِ مثلاً لكنَّهُ لـم يقتُلها ثمَّ ذُبِحَتْ والحياةُ بعدُ مُستقرةٌ فيها فهيَ حلالٌ.
الأمرُ العاشرُ: ما ذُبِحَ على النُّصُبِ: فيَحرُمُ أكلُ ما ذُبِحَ على النُّصُبِ أيِ الأوثانِ. وهيَ حجارةٌ كانُوا ينصِبُونها ويعبُدُونها مِنْ دونِ الله ويذبَحونَ الذبيحةَ تعظيمًا لها ويُهْرِقُونَها على هذا النُّصُبِ وهذا عندَهُم تعظيمٌ لهذا الوثنِ وعبادةٌ له.
الأمرُ الحادي عشرَ: أنْ تَسْتَقْسِموا بالأزلامِ: وهذا حرامٌ ومعناهُ طلبُ الحظِّ والنصيبِ بالسهامِ التي كانتْ في الجاهليةِ يستعمِلونها، كانوا إذا أرادُوا سفرًا أو غيرَ ذلكَ يَخلِطُونَ هذهِ السهامَ بعضَها ببعضٍ ثمَّ يُخرجُ لهُمُ الشخصُ الموَكَّلُ بهذا الشىءِ واحدًا مِنْ غيرِ أنْ ينظرَ فيهِ فإنْ طلعَ السهمُ المكتوبُ عليه افْعَلْ يَمضي في تلكَ الحاجةِ وإذا طلعَ السهمُ المكتوبُ عليهِ لا تفعلْ يقولُ هذا الأمرُ لا ينجحُ وليسَ لي في هذهِ الحاجةِ حظُّ فيترُكُ ذلكَ الشىءَ إنْ كانَ زواجًا وإنْ كانَ سفرًا وإنْ كانَ غيرَ ذلكَ. وفي الجاهليةِ كانُوا في مكةَ يستعمِلونَ هذا الشىءَ ضِمنَ الكعبةِ الشريفةِ فيأتي صاحبُ الحاجةِ يقولُ لهم أريدُ أنْ أسْتَقْسِمَ أيْ أن أعرفَ حظي ونصيبِي، وقد كانوا في مكةَ قد عَمِلوا صورةً لإبراهيمَ وإسماعيلَ عليهِما السلامُ ثمَّ وضعُوا على أيديهم هذهِ السهامَ ليُوهِمُوا الناسَ أنَّ إبراهيمَ وإسماعيلَ كانا يعمَلانِ هذا الشىءَ وما كانَ إبراهيمُ وإسماعيلُ يعمَلانِهِ لأنهُ مما حرَّمَ اللهُ تعالى.
قال اللهُ تعالى في سورة المائدة ﴿ذَلِكُم فِسْقٌ﴾ أيْ هذهِ الأشياءُ التي ذُكِرَت في هذهِ الآيةِ كلُّها منَ المحرَّماتِ الكبيرةِ.
انتهى واللهُ تعالى أعلم.



جامع الخيرات
الجزء الأول

قائمة جامع الخيرات