قال المؤلف رحمه الله (وبعدُ فهذا مختصرٌ جامعٌ لأغلبِ الضروريّاتِ التي لا يجوزُ لكلِّ مكلّفٍ جهلها مِن الاعتقادِ ومسائلَ فقهيّةٍ مِنَ الطهارةِ إلى الحجِ وشىءٍ من أحكامِ المعاملاتِ على مذهبِ الإمامِ الشافعيِّ).
الشرح في هذا الكتاب أغلب أُمور الدين الضرورية التي يجب على كل مكلفٍ بالغ عاقلٍ معرفتُها في العقيدة والعبادات وواجباتِ القلب ومعاصي الجوارح والتوبة. وليس معنى ذلك أنَّ كلَّ ما فيه معرفتُهُ فرض عين فمعرفة نسب الرسول صلى الله عليه وسلم إلى عبد مناف المذكورِ في هذا المختصر ليست من فروض العين بل من فروض الكفاية وكذلك مسائل أُخرى فيه من العبادات والمعاملات.
والعبادات هي الطهارة والصلاة والزكاة والصيام والحج أما المعاملات فهي البيع والشراء والشركة والقرض ونحو ذلك.
وأما الإمام الشافعي رضي الله عنه فاسمه محمّد بن إدريس وهو قرشي مطلبي وُلِدَ سنة مائةٍ وخمسين وتُوفي سنة مائتين وأربع للهجرة وفي أجداده شخص اسمُهُ شافع لذلك لُقب بالشافعي ومذهبه يقال له "المذهب الشافعي" ومَنْ عرف مذهبه وعمل به يُقال له "شافعي".
قال المؤلف رحمه الله (ثم بيانِ معاصي القلب والجوارح كاللسان وغيره)
الشرح: في هذا الكتاب بيان معاصي القلب والجوارح أي بيان ذنوب القلب وذنوب الجوارح السبعة. والجوارح جمع جارحة وهي أعضاء الإنسان1 كاليد والرِّجلِ والأُذُن والعين واللسان.
قال المؤلف رحمه الله (الأصل لبعض الفقهاء الحضرميينَ وهو عبد الله بنُ حسين بن طاهر ثم ضُمِّنَ زياداتٍ كثيرةً من نفائس المسائل)
الشرح أصلُ هذا الكتاب للشيخ عبد الله بن حُسين بن طاهر العلوي الحضرمي توفي سنة ألفٍ ومائتين واثنتين وسبعينَ للهجرة. والعلوي نسبةٌ إلى علوي بن عبيد الله2 فى اصطلاح أهل حضرموت. ثم زاد المؤلف على الأصل زيادات جيدة وهذا هو شأن الاختصار المعروف عند المؤلفين لأنه ليس ملتزمًا عندهم أن لا يُبدِلَ المختصِرُ في مختصَرِهِ بعض ما في الأصل أو أن لا يأتي بزيادة3.
ونفائس المسائل معناها المسائل الحسنة فإن الشىء الحسن يقال له "نفيس"*.
قال المؤلف رحمه الله (معَ حذفِ ما ذكرَهُ في التصوّف وتغييرٍ لبعض العباراتِ مما لا يؤدّي إلى خلافِ الموضوعِ. وقدْ نذكرُ ما رجّحَه بعضٌ منَ الفقهاءِ الشافعيينَ كالبُلْقينيّ لتضعيفِ ما في الأصل)
الشرح ترك المصنف رحمه الله من أصل هذا الكتاب ما يتعلق بالتصوف مما ليس من الفرض العيني وضعّف بعض المواضع التي في الأصل وذكر ما رجحه البلقيني رحمه الله وهو الشيخ سراج الدين عمر بن رَسلان4 وكان في عصره عالم الدنيا.
قال المؤلف رحمه الله (فينبغي عنايتُهُ بِهِ ليُقبَلَ عملُهُ أسمينَاهُ مختصرَ عبدِ الله الهرريِّ الكافلَ بِعلمِ الدينِ الضَّروريّ.)
الشرح قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «طلبُ العِلم فريضةٌ على كل مسلم» رواه البيهقي وحسنه الحافظ المزي5. والمراد بالعلم في هذا الحديث علمُ الدين الضروري الشاملُ لمعرفة الله ومعرفة رسوله وغيرهما من ضروريّات الاعتقاد والشاملُ أيضًا لمعرفة أحكام الصّلاة والطهارة شروطًا وأركانًا ومبطلاتٍ وغيرهما من ضروريّات علم الدين. ولمّا كان هذا المختصر حاويًا لهذه الأشياء مشتملاً عليها كان ينبغي لطالب العلم أن يعتني بتحصيل ما فيه ويُخلِصَ النية فيه لله ليكون عمله مقبولاً عند الله.
"والكافل بعلم الدين الضروري" معناه الجامع لعلم الدين الضروري.
-------------