في العقيدة الإسلامية كتاب عمدة الراغب
 معنى الشهادة الثانية

معنى الشهادة الثانية

كتاب عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب

عمدة_الراغب قال المؤلف رحمه الله (ومعنى أشهدُ أنَّ محمدًا رسولُ الله أعلمُ وأعتقدُ وأعترفُ أنَّ محمدَ بنَ عبدِ الله بنِ عبد المطلبِ بن هاشمِ بنِ عبدِ منافٍ القرشيَّ صلى الله عليه وسلم عبدُ الله ورسولُهُ إلى جميع الخلق ويتبعُ ذلك اعتقادُ أَنَّه وُلِدَ بمكّةَ وبُعثَ بها وهاجرَ إلى المدينةِ ودفنَ فيها ويتضمّنُ ذلك أَنَّه صادقٌ في جميعِ ما أخبَرَ بهِ وبلَّغَهُ عن الله فمن ذلك عذابُ القبرِ ونعيمُهُ وسؤالُ الملكين منكرٍ ونكيرٍ والبعثُ والحشرُ والقيامةُ والحسابُ والثوابُ والعذابُ والميزانُ والنارُ والصِّراطُ والحوضُ والشفاعةُ والجنّةُ والرؤيةُ لله تعالى بالعين في الآخرة بِلا كيفٍ ولا مكانٍ ولا جهةٍ [أي] لا كما يُرى المخلوق والخلودُ فيهما. والإيمانُ بملائكةِ الله ورسلِهِ وَكُتُبِهِ وبالقدرِ خيرِهِ وشرِّهِ وأَنَّه صلى الله عليه وسلم خاتمُ النبيّين وسيدُ ولد ءادمَ أجمعينَ.)

الشرح معنى أشهد أنَّ محمّدًا رسول الله أعلم وأعتقد وأصدِّق وأؤمن وأعترف بأنّ نبيّنا محمَّد1 بنَ عبدِ الله بنِ عبد المطلبِ عبدُ الله ورسوله إلى كافة الخلق والمُراد بالخلق هنا الإِنس والجنّ قال تعالى ﴿ليكونَ للعالمين نذيرًا﴾2 3إذْ هذا الإنذار للإنس والجنّ فقط لا دخول للملائكة فيه4 لأنهم مجبولون على طاعة الله أي لا يختارونَ إلا الطاعة بمشيئة الله فلا يحتاجون إلى إنذارٍ وأمّا مَن قَبْلَهُ من الأنبياء فلم يكن مرسلاً إلى الإنس والجن كافّة5 فالإيمان برسالة سيِّدنا محمّد صلى الله عليه وسلم هو أصل معنى الشهادة الثانية لكنها تتضمّن مسائل كثيرة وتتبعها أحكامٌ عديدة منها
كونُه من قريشٍ وهم أشرف قبائل العرب لهم الصدارة بين العرب6.
ووجوب معرفة أنّه صلى الله عليه وسلم وُلِد بمكّة وبُعث أي نزل عليه الوحيُ بالنّبوة وهو بها أي مستوطن بها ثم هاجر إلى المدينة وأنّه مات في المدينة فدُفِنَ فيها.
* وأنّه صادقٌ في كل ما أخبر بهِ عن الله تعالى ولا يخطئ في ذلك سَواء كان مِن أخبارِ مَنْ قبلَه مِن الأمم والأنبياء وبَدءِ الخلق أو من التحليل أو التحريم لبعض أفعال وأقوال العباد أو مما أخبر به مما يحدث في المستقبل في الدنيا وفي البرزخ وفي الآخرة وذلك لقول الله تعالى ﴿وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحيٌ يوحى﴾7 فمن اعتقد أنه يخطئ في ذلك فقد كذب الدين8. أما ما يُخبر به من أمور الدنيا بغير وحي فيجوز عليه الخطأ فيه9.
-------------

1- ونسبه إلى عدنان محمدُ بنُ عبد الله بنِ عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان.
2- [سورة الفرقان/ الآية١].
3- قال النسفي في تفسيره أي للجن والإنس اﻫ
4- كما ذكر البيهقي في شعب الإيمان.
5- ويدل لذلك ما رواه البخاري في صحيحه باب قول النبي صلى الله عليه وسلم «جعلت لي الأرض مسجدًا وطهورًا» أنه صلى الله عليه وسلم قال «وكان النبي يبعث إلى قومه خاصة وبعثت إلى الناس كافة» أي كان النبي يُسَمَّى له قومه خاصة وسُمِّي لي الناس كافة، وليس معناه أن الأنبياء السابقين كانوا لا يأمرون بمعروف ولا ينهون عن منكر إلا من كان من أممهم.
6- كما يفهم من حديث ابن حبان وغيره «إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل واصطفى قريشًا من كنانة واصطفى بني هاشم من قريش واصطفاني من بني هاشم»، ذكره في باب بدء الخلق.
7- [سورة النجم/ الآية ٤].
8- والعجب من بعض أدعياء العلم في هذا العصر ممن يدعي الاجتهاد ويقول "أنا أخطئ في اجتهادي وأصيب ورسول الله مثلي يخطئ في مسائل الشريعة ويصيب" فسوّى نفسه برسول الله وكذّب حديث النبي صلى الله عليه وسلم الذي رواه الطبراني في المعجم الكبير عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما رَفَعَهُ «ليس أحد إلا يؤخذ من قوله ويُدَع غير النبي» قال الهيثمي في مجمع الزوائد للهيثمي ورجاله موثوقون اﻫ وقد قال الزركشي في الرد على من جوّز الخطأ على النبي صلى الله عليه وسلم في أمور الدين بشرط عدم الإقرار "أليس يصدق صدور الخطإ المضاد لمنصب النبوة ويلزمك محال من الهذيان وهو أن يكون بعض المجتهدين في حال إصابته أكمل من المصطفى صلى الله عليه وسلم في تلك الحالة معاذ الله" اﻫ
9- روى مسلم في صحيحه: في كتاب الفضائل: باب وجوب امتثال ما قاله صلى الله عليه وسلم شرعًا دون ما ذكره صلى الله عليه وسلم من معايش الدنيا على سبيل الرأي عن رافع بن خديج قال قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهم يؤبرون النخل يقولون يلقحون فقال «ما تصنعون» قالوا نصنعه «قال لعلكم لو لم تفعلوا كان خيرًا» فتركوه فنفضت أو فنقصت قال فذكروا ذلك له فقال «إنما أنا بشر إذا أمرتكم بشىء من دينكم فخذوا به وإذا أمرتكم بشىء من رأي فإنما أنا بشر».

عمدة الراغب

قائمة عمدة الراغب