في العقيدة الإسلامية كتاب عمدة الراغب
 معنى اسم الله الواحد واسم الله الأحد

معنى اسم الله الواحد واسم الله الأحد

كتاب عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب

عمدة_الراغب قال المؤلف رحمه الله (الواحدُ الأحدُ الأولُ القديمُ الحيُّ القيّومُ الدائمُ).

الشرح أن معنى الواحد الذي لا ثاني له أي لا شريك له في الألوهيّة فالله واحد لا من طريق العدد1. وأمّا الأحد فقال بعض العلماء هو بمعنى الواحد وقال بعضهم الأحد هو الذي لا يقبل الانقسام والتجزؤ أي ليس جسمًا2 لأن الجسم يقبل الانقسام عقلاً والله ليس جسمًا3. والجسم ما له طول وعرض وسَمْك.
ومعنى الأوّلِ الذي لا ابتداءَ لوجوده فهو وحده الأوّلُ بهذا المعنى وبمعناه القديمُ إذا أُطلق على الله4 لأنَّ قِدَم الله ذاتيٌّ وليس زمنيًّا. وأمّا معنى الحيّ إذا وُصِف الله به فهو أنه موصوف بحياة أزليّة أبديّة ليست بروح ولحم ودم وعصب ومخٍ بل حياته صفة قديمة قائمة بذاته5. ومعنى القيّوم الدائمُ الذي لا يزول6. وأمّا الدائم فمعناه الذي لا يلحقه ولا يجوز عليه الفناءُ وبمعناه الباقي فالله يستحيل عليه الفناء عقلاً ولا دائم بهذا المعنى إلا الله فلا شريك لله في الديمومية7 لأن ديموميته استحقها لذاته لا شىء غيره أوجب له ذلك وأما ديمومية غيره كالجنة والنار فهي ليست ذاتية بل هما شاء الله لهما البقاء أما من حيث ذاتُهما فيجوز عليهما عقلاً الفناء لكن ورد في الشرع بقاؤهما بنص القرءان والسنة النبوية وإجماع الأُمة8 ولذلك فإنَّ القول بفنائهما أو فناء النار دون الجنة كفر9. وقد قال ابن تيمية* بفناء النار10 بعد أن ذكر في كتابه منهاج السنة النبوية أن المسلمين اتفقوا على بقاء الجنة والنار وأنَّ جهم بن صفوان11خالف في ذلك فقال بفنائهما فكفره المسلمون فحكمُهُ حكمُ جهمٍ فكلاهما كافرٌ.
-------------

1- قال أبو حنيفة رضي الله عنه في الفقه الأكبر(صط30)" والله واحد لا من طريق العدد ولكن من طريق أنه لا شريك له" اﻫ
2- قال البيهقي في الأسماء والصفات(ص\31-32) في جماع أبواب ذكر الأسماء التي تتبع نفي التشبيه عن الله منها الأحد "قال الحليمي وهو الذي لا شبيه له ولا نظير كما أن الواحد هو الذي لا شريك له ولا عديد ولهذا سمى الله عز وجل نفسه بهذا الاسم لما وصف نفسه بأنه ﴿لم يلد ولم يولد ولم يكن له كفوًا أحد﴾ فكأن قوله جل وعلا ﴿لم يلد ولم يولد﴾ من تفسير قوله ﴿أحد﴾ والمعنى لم يتفرع عنه شىء ولم يتفرع هو عن شىءكما يتفرع الولد عن أبيه وأمه ويتفرع عنهما الولد أي فإذا كان كذلك فما يدعوه المشركون من دونه إلهًا لا يجوز أن يكون إلهًا إذ كانت أمارات الحدوث من التجزي والتناهي قائمة فيه لازمة له والبارئ تعالى لا يتجزأ ولا يتناهى اﻫ
3- قال الإمام أبو الفضل عبد الواحد بن عبد العزيز البغدادي التميمي رئيس الحنابلة ببغداد في كتابه اعتقاد الإمام أحمد وأنكر أحمد على من يقول بالجسم وقال إن الأسماء مأخوذة من الشريعة واللغة وأهل اللغة وضعوا هذا الاسم على ذي طول وعرض وسَمك وتركيب وصورة وتأليف والله تعالى خارج عن ذلك كله فلم يجز أن يسمى جسمًا لخروجه عن معنى الجسمية ولم يجئ في الشريعة ذلك فبطل اﻫ
4- قال البيهقي في كتاب الاعتقاد )ص\39)" القديم هو الموجود لم يزل" اﻫ فالقديم إذا أطلق على الله فمعناه الأزلي الذي ليس له بداية. وقد نقل الزبيدي الإجماع على جواز إطلاق القديم على الله، ذكره في شرح(قديم لا أول له) إتحاف السادة المتقين في المجلد الثاني من اتحاف السادة المتقين"2\21)
5- أي ثابتة له.
6- كما في تفسير الطبري(1\69) عن الضحاك في تفسير قوله تعالى ﴿الله لا إله إلا هو الحي القيوم﴾ "قال القيوم الدائم" اﻫ قال البيهقي في الاعتقاد(ص\36)" القيّوم هو القائم الدائم بلا زوال فيرجع معناه إلى صفة البقاء" اﻫ
7- أي البقاء إلى ما لا نهاية.
8- قال البغدادي في الفرق بين الفرق(ص\331)" وأجمعوا أيضًا على جواز الفناء على العالم كلـه من طريق القدرة والإمكان وإنما قالوا بتأبيد الجنة وتأبيد جهنم وعذابـها من طريق الشرع اﻫ
وقال الشيرازي في اللمع في تعريف الإجماع(ص\87)" وأما في الشرع فهو اتفاق علماء العصر على حكم الحادثة" ثم قال "والدليل على أنه حجة قوله عز وجل ﴿ومَنُ يُشاقِقِ الرسولَ من بعد ما تَبَيَّنَ له الهدى ويَتَّبِعْ غيرَ سبيلِ المؤمنين نُوَلِّهِ ما تَوَلَّى ونُصْلِهِ جهنَّمَ وساءَتْ مصيرًا﴾ فتَوَعَّدَ على اتباع غير سبيلهم فدل على أن اتباع سبيلهم واجب ومخالفتهم حرام" اﻫ
9- قال البغدادي في الفرق بين الفرق(ص\331)" وأكفروا من قال من الجهمية بفناء الجنة والنار" اﻫ
*هو أحمد بن عبد الحليم بن عبد السلام بن عبد الله بن أبي القاسم الخضر النميري الحراني الدمشقي.ولد بِحَرَّان سنة 661هـ ثم انتقل إلى دمشق.ظهرت منه بدع كثيرة حتى قال الحافظ أبو زرعة العراقي إنه خرق الإجماع في أكثر من ستين مسئلة بعضها في الأصول وبعضها في الفروع وقال فيه علمه أكبر من عقله اهـ رد عليه علماء عصره وبدعوه وألفو في ذلك كالسبكي فإنه صنف شفاء السقام في زيارة خير الأنام والاعتبار ببقاء الجنة والنار في الرد عليه استتيب عدة مرات وكان في كل مره ينقض عهوده ومواثيقه حتى حبس بفتوى من قضاة المذاهبالأربعة سنة 762هـ بالقلعة ومات فيها سنة 728هـ.انظر الأجوبة المرضيةعلى الأسئلة المكية للحافظ ولى الدين العراقي ونجم المهتدى ورجم المعتدى لابن المعلم القرشي وشفاء السقام للسبكي والفتاوى الحديثية (ص\156هـ-157) لابن حجر الهيتمي والدرر الكامنة(1\145)للحافظ ابن حجر.
10- قاله في رسالة له سمّاها تلبيسًا الرد على من قال بفناء الجنة والنار ونقله عنه علماء عصره ونقله ايضا تلميذه ابن قيم الجوزية في كتاب حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح وأثبته عنه الصنعاني والألباني وغيرهما من محبيه فضلا عن منتقديه.
11- جهم بن صفوان أبو محرز الراسبي السمرقندي أسُّ الضلالة ورأس الجهمية. كان ينكر الصفات وينـزه البارئ عنها بزعمه ويقول بخلق القرءان وأن الله تعالى في الأمكنة كلها. قتله سلم بن أحوز وكان قتله سنة مائة وثمان وعشرين اﻫ.
انظر لسان الميزان(2\179) وسير أعلام النبلاء(6\26).

عمدة الراغب

قائمة عمدة الراغب