في الحديث الشريف كتاب ذكر الموت
 الخاتمة

الخاتمَةُ

كتاب ذكر الموت

ذكر_الموت يقولُ اللهُ عَزَّ وجَلَّ: ﴿كلُّ نَفسٍ ذائِقَةُ الموتِ وإنَّما تُوَفَّونَ أجورَكُم يومَ القيامَةِ فمَن زُحزِحَ عن النارِ وأُدخِلَ الجنةَ فقد فازَ وما الحياةُ الدنْيا إلا مَتاعُ الغُرورِ﴾ آل عِمران/185، وقالَ اللهُ سُبحانَهُ وتَعالى: ﴿إنَّكَ مَيِّتٌ وإنَّهم ميِّتونَ﴾ الزمَر/30، أي أنَّك يا محمدُ يا أشرفَ الخلقِ ويا حبيبَ الحقِّ إنَّكَ ستَموتُ وإنَّهم سيَموتونَ. رَوى الطبرانيُّ أنَّ جبريلَ جاءَ إلى الرسولِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ فقالَ له: "يا محمدُ عِشْ ما شِئتَ فإنَّكَ ميِّتٌ، وأحبَبْ مَن شِئتَ فإنَّكَ مُفارِقُهُ".

إنَّ اللهَ تباركَ وتَعالى لم يخلُقْنا في هذه الدنْيا لنُعمِّرَ بها إلى الأبدِ، لم يخلُقْنا لنَأكُلَ ونَشربَ ونَنغَمِسَ في شهَواتَها وملذَّاتِها وإنَّما خلَقَنا ليأمُرَنا بعبادَتِهِ كما قالَ تَعالى في القرءانِ الكريمِ: ﴿وما خَلقتُ الجنَّ والإنسَ إلا ليعبُدونَ﴾ الذاريات/56، فاللهُ تَعالى خلَقَ الخلقَ وقدَّرَ لهم آجالًا، فطُوبَى لِمَنِ استَعدَّ لما بعدَ الموتِ، وتزوَّدَ من دارِ الفَناءِ لدارِ البَقاءِ، تزوَّدَ من دُنياهُ لآخِرتِهِ، الذكِيُّ الفطِنُ هو الذي يأخُذُ من دُنياهُ لآخِرتِهِ يأخذُ الزادَ وهو زادُ التَّقوى، كما أمرَنا اللهُ عَزَّ وجَلَّ في القرءانِ الكريمِ: ﴿وابتَغِ فيما آتاكَ اللهُ الدارَ الآخرَةَ ولا تَنسَ نَصيبَكَ منَ الدنْيا﴾ القَصص/77، أي لا تنسَ نصيبَكَ من الزادِ للآخرَةِ، ويقولُ الرسولُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "الكيِّسُ مَن دانَ نفسَهُ وعمِلَ لما بعدَ الموتِ والعاجِزُ مَن أتبَعَ نفسَهُ هَواها وتّمنَّى على اللهِ" رواهُ البخاريُّ. فالإنسانُ الذي دانَ نفسَهُ وعملَ لما بعدَ الموتِ هو الذكيُّ الفَطِنُ هذا الذي عرَفَ أنَّ اللهَ سيجمَعُ العِبادَ كلَّهُم ليومٍ لا رَيبَ فيه ويسألُهم عن كلِّ صغيرةٍ وكبيرةٍ، فمَن آمَنَ بالحسابِ جهَّزَ الجوابَ.
وأما العاجِزُ فهوالذي أتبَعَ نفسَهُ هَواها وهو الذي انتَهَكَ حُرُماتِ اللهِ تَعالى وتَعدَّى حُدودَهُ واقتَرفَ الآثامَ ثم تمنَّى على اللهِ ما تمنَّى.
فإذا ماتَ العبدُ يتبعُهُ أهلُهُ ومالُهُ وعمَلُهُ فيرجِعُ أهلُهُ ومالُهُ ويَبقَى عملُهُ، وقد قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "أسرِعوا بالجنازَةِ إن تَكُ صالحَةً فخيرٌ تُقدِّمونَها إليه وإن تكُ سِوى ذلك فشَرٌّ تضَعونَهُ عن رِقابِكُم" رواهُ أبو داودَ، وورَدَ عنه عليه الصلاةُ والسلامُ أنهُ مرَّتْ به جنازةٌ فقالَ: "إما مُستَريحٌ وإما مُستَراحٌ منهُ" رَواهُ البخاريُّ ومسلمٌ وغيرُهُ فالإنسانُ الذي آمَنَ باللهِ ورسولِهِ وثَبتَ على الإيمانِ إلى ءاخِرِ العُمرِ واتَّقَى اللهَ عَزَّ وجَلَّ بأداءِ الواجباتِ واجتِنابِ المحرَّماتِ وحِفظِ جَوارحِهِ ولسانِهِ منَ الكلامِ الفاسِدِ هذا الميتُ المسترِيحُ، قالَ تَعالى: ﴿إنَّ الأبرارَ لفِي نَعيمٍ على الأرائكِ ينظُرونَ تعرِفُ في وجوهِهِم نَضرَةَ النعيمِ يُسقَونَ مِن رَحيقٍ مَختومٍ خِتامُهُ مِسكٌ وفي ذلكَ فليتَنافَسِ المتَنافِسونَ﴾ المطففين/22/26.
أما الميتُ المستَراحُ منه هو الإنسانُ الذي كانَ كافِرًا باللهِ العظيمِ، وماتَ من غيرِ توبةٍ مِن كُفرِهِ، قالَ تَعالى: ﴿وإنَّ الفُجّارَ لفي جَحيمٍ يَصلَونَها يومَ الدينِ وما هُم عنها بغائِبينَ﴾ الانفطار/14/16.

فاللهَ نَسألُ وبنَبيِّهِ نتَوسَّلُ أن يُميتَنا مؤمِنينَ موحِّدينَ وأن يَحشُرَنا في زُمرَةِ الأولياءِ والأنبياءِ والمرسَلينَ إنهُ على كلِّ شىءٍ قَديرٍ.
تمَّ بحمدِ اللهِ تَعالى وءاخرُ دَعوانا أن الحمدُ للهِ ربِّ العالَمينَ.