في الحديث الشريف كتاب ذكر الموت
 باب انتفاع المسلمين بالدعاء والقرءان

بابُ انتِفاعِ المسلِمينَ بالدعاءِ والقرءانِ

كتاب ذكر الموت

ذكر_الموت ـ قالَ النوويُّ في كتابِهِ (الأذكار) ما نصُّهُ: بابُ ما ينفَعُ الميتُ من قولِ غيرِهِ: "أجمَعَ العلماءُ على أنَّ الدعاءَ للأمواتِ ينفعُهُم ويصِلُهُم ثوابُهُ واحتَجُّوا بقولِهِ تَعالى: ﴿والذينَ جاءُوا مِن بعدِهِم يقولونَ ربَّنا اغفِرْ لنا ولإخوانِنا الذين سبَقونا بالإيمانِ﴾ الحشر/10، وغيرِ ذلكَ من الآياتِ المشهورَةِ بمَعناها، وفي الأحاديثِ المشهورَةِ كقولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اللهُمَّ اغفِرْ لأهلِ بقيعِ الغَرقدِ"، وكقولِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "اللهُمَّ اغفِرْ لحَيِّنا ومَيِّتِنا" رواهُ الترمذيُّ والنسائيُّ وأبو داودَ وغيرِ ذلك .

ومما يَشهدُ لنَفعِ الميتِ بقراءةِ غيرِهِ حديثُ معقلِ بنِ يَسارٍ أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ قالَ: "اقرَءوا يَس على مَوتاكُم" رَواهُ أبو داودَ، والنسائيُّ في عمَلِ اليومِ والليلةِ، وابنُ ماجَه، واحمدُ، والحاكمُ، وابنُ حِبانَ.

ـ ورَوى الطبرانيُّ في المعجمِ الكبيرِ عن عبدِ الرحمنِ بنِ العَلاءِ بنِ اللجْلاجِ عن أبيهِ قالَ قالَ لي أبي: "يا بُنيَّ إذا أنا مِتُّ فألحدني، فإذا وضعتَنِي في لَحدِي فقُلْ بِسمِ اللهِ وعلى مِلَّةِ رسولِ اللهِ ثم سُنَّ علَيَّ الثرَى سَنًا، ثم اقرَأ عندَ رأسِي بفاتحةِ البقرةِ وخاتِمتِها، فإنِّي سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ ذلك" (1).

ـ ورَوى الطبرانيُّ أيضًا في المعجمِ الكبيرِ عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنه أنَّهُ قالَ سمِعتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يقولُ: "إذا ماتَ أحدُكُم فلا تَحبِسوهُ وأسرِعوا به إلى قبرِهِ وليُقرَأ عند رأسِهِ بفاتحةِ الكتابِ وعند رِجلَيهِ بخاتمةِ البقرةِ في قبرِهِ" (2).

ومما استَدلَّ به العلماءُ على جوازِ قراءةِ القرءانِ على قبرِ الميتِ المسلمِ وانتِفاعِهِ بالقراءةِ حديثُ البخاريِّ ومسلمٍ عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قالَ: مَرَّ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بحائِطٍ(3) من حيطانِ المدينةِ أو مَكَّةَ فسمِعَ صوتَ إنسانَينِ يُعذَّبانِ في قبريهما، فقالَ النبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "يُعذَّبانِ، وما يُعذبانِ في كبيرٍ"، ثم قالَ: "بَلَى، كانَ أحدُهُما لا يستَتِرُ من بَولِهِ، وكانَ الآخرُ يمشِي بالنميمةِ"، ثم دَعا بجريدَةٍ فكَسرَها كِسرتَينِ، فوضَعَ على كلِّ قبرٍ منهما كِسرةً، فقيلَ له: يا رسولَ اللهِ لِمَ فعلتَ هذا؟ قالَ: "لعلَّهُ أن يُخفَّفَ عنهما ما لم يَيْبَسا" أو قالَ: "إلى أن يَيبَسا"(4).
--------------------

(1) قال الحافظ الهيثمي في مجمع الزوائد ( الجزء الثالث / صحيفة 44 ) رواه الطبراني في الكبير ورجاله موثوقون
(2)) قال الحافظ ابن حجر في شرح البخاري ( الجزء الثالث / صحيفة 184 ) أخرجه الطبراني بإسناد حسن
(3)) أي بستان
(4)) قال النووي في شرح صحيح مسلم ( الجزء الثالث / صحيفة 202 ) ما نصه: "استحبَّ العلماءُ قراءةَ القرءانِ عند القبرِ لهذا الحديثِ لأنه إذا كان يُرجُى التخفيفُ بتسبيحِ الجريدةِ فتلاوةُ القرءانِ أولى".