في الحديث الشريف كتاب ذكر الموت
 باب ما يقال عند زيارة القبور

بابُ ما يُقالُ عندَ زيارةِ القُبورِ وجوازِ الزيارَةِ

كتاب ذكر الموت

ذكر_الموت ـ رَوى مسلمٌ وابنُ ماجَه وأحمدُ وغيرُهُم عن بَريدةَ رضيَ اللهُ عنه قالَ كانَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يُعلِّمُهم إذا خرَجوا إلى المقابرِ فكانَ قائلُهُم يقولُ: "السلامُ على أهلِ الديارِ منَ المؤمِنينَ والمسلِمينَ، وإنَّا إن شاءَ اللهُ للاحِقونَ".

ـ ورَوى مسلمٌ والطبرانيُّ عن أبي هريرةَ رضيَ اللهُ عنه أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أتَى المقبرَةَ فقالَ: "السلامُ عليكم دارَ قَومٍ مؤمِنينَ، وإنَّا إن شاءَ اللهُ بكُم لَلاحِقونَ".

ـ ورَوى مسلمٌ أيضًا والنسائيُّ وغيرُهُما عن عائشَةَ رضيَ اللهُ عنها قالَت قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "السلامُ على أهلِ الديارِ منَ المؤمنينَ والمسلمينَ، يَرحمِ اللهُ المستَقدمينَ منَّا والمستأخِرينَ، وإنَّا إن شاءَ اللهُ لَلاحِقونَ".

ـ ورَوى الترمذيُّ في سننِهِ عن ابنِ عباسٍ رضيَ اللهُ عنهُما قالَ مَرَّ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بقبورِ المدينةِ فأقبَلَ عليهم بوجهِهِ فقالَ: "السلامُ عليكُم يا أهلَ القُبورِ، يغفرُ اللهُ لنا ولكُم، أنتُم سلَفُنا ونحنُ بالأثَرِ".

أما حديثُ: "لعَنَ اللهُ زوّاراتِ القبورِ" فهوَ مَنسوخٌ(1) بحديثِ: "كنتُ نَهيتُكُم عن زيارةِ القبورِ، فزُوروها" رواهُ مسلمٌ. فهو صريحٌ بجوازِ زيارةِ القبورِ، وأجمَعوا على أنَّ زيارَتَها سُنةٌّ.

وزيارةُ قبرِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ سُنَّةٌ من سُننِ المسلمينَ مُجمعٌ عليها(2)، وفَضيلةٌ مُرغَّبٌ فيها، ومنَ الأدلَّةِ على جوازِ زِيارتِهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: ـ عن عبدِ اللهِ بنِ نافعٍ، عن ابنِ عمرَ رضيَ اللهُ عنهما قالَ قالَ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن زارَ قَبري وجبَتْ له شفاعتِي" رَواهُ الدارقطنيُّ ،وصححَهُ الحافظُ السبكِيُّ.

ـ رَوى البخاريُّ عن أَبَي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهم قالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابْنُ مَرْيَمَ حَكَمًا مُقْسِطًا فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَقْتُلَ الْخِنْزِيرَ وَيَضَعَ الْجِزْيَةَ وَيَفِيضَ الْمَالُ حَتَّى لا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ"

ـ وعن انَسِ بنِ مالكٍ قالَ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن زارَني في المدينةِ مُحتسِبًا كانَ في جِواري، وكنتُ له شَفيعًا يومَ القيامةِ".

ـ قالَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ: "مَن جاءَني زائِرًا لا يهمُّهُ إلا زيارَتي كانَ حقًا علَيَّ أن أكونَ له شَفيعًا" صححَهُ الحافظُ ابنُ السكَنِ.

ـ وأما قولُ مالكٍ (أكرَهُ أن يقولَ زُرتُ قبرَ النبيِّ) فقد حمَلَهُ أصحابُهُ أي أهلُ مذهبِهِ على أنهُ كرِهَ هذا اللفظَ أدَبًا، فلا حجَّةَ فيه لمنْ يحرِّمُ زيارتَهُ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ، لأنَّ مالِكًا رأَى قولَ الزائرِ (زُرتُ النبيَّ) أولَى مِن أن يقولَ (زُرتُ قبرَ النبيِّ)، وهذا توجيهٌ وَجيهٌ.
--------------------

(1)) النسخُ: هو رفعُ حكمٍ شرعيٍ سابقٍ بحكمٍ شرعيٍ لاحق
(2)نقل الإجماعَ القاضي عياضٌ المالكيُ في كتابِ الشفا بتعريف حقوقِ المصطفى، فصل في زيارةِ قبره صلى الله عليه وسلم وفضيلةِ من زاره وكيف يُسلِّمُ عليه ويدعوا له ( الجزء الثاني / صحيفة 71 ) الطبعة الأولى 1995 مؤسسة الكتب الثقافية