في الفقه الإسلامي كتاب عمدة الراغب في مختصر بغية الطالب - فقه
 اشتراط الطهارة عن النجاسة في الصلاة

فصل معقود لبيان اشتراط الطهارة عن النجاسة في الصلاة ولكيفية إزالة النجاسة

كتاب عمدة الراغب في الطهارة والصلاة

al3omdafilFiqh قال المؤلف رحمه الله (فصلٌ)
الشرح أن هذا فصل معقود لبيان اشتراط الطهارة عن النجاسة في الصلاة ولكيفية إزالة النجاسة.
قال المؤلف رحمه الله (ومن شروطِ الصلاةِ الطهارةُ عنِ النجاسةِ في البدنِ والثَّوْبِ والمكانِ والمحمول لهُ كقنينةٍ يحملُها في جيبِهِ)
الشرح من شروط الصلاة الطهارة عن النجاسة في البدن كداخل الفم والأنف والعين والمحمولِ له كالشىء الذي يحمله في جيبه سواء كان قنينةً أو ورقةً أو غيرَ ذلك. وكذلك يشترط طهارة المكان الذي يلاقي بدَنه أي يُماسُّ ذلك فلا تضرُّ المحاذاةُ بلا مُمَاسَّة فلو كان يحاذي بصدره نجاسة فإن ذلك لا يضر.
قال المؤلف رحمه الله (فإِن لاقاهُ نجسٌ أو محمولَهُ بَطَلَتْ صلاتُهُ إلا أنْ يلقيَهُ حالاً أو يكونَ مَعْفُوًّا عنه كدمِ جُرْحِهِ.)
الشرح أنَّ مَنْ طرأ له في الصلاة نَجسٌ غيرُ معفو عنه لاقاه أو لاقى ثَوبَه أو شيئًا يحمِلُه بطلت صلاته إلا أن يُلْقِيَهُ حالاً بأن كان يابسًا فألقاه لا بيده أو كمه بل بنفض ثوبه مثلاً أو كان فألقى المحمول في الحال من غير حملٍ ونحوه فلا تبطل صلاته. أما لو أزال النجس اليابس بيده أو كُمِّه أو ألقى عين النجاسة الرطبة مع إبقاء ما تضمّخَ بالنجاسة عليه فسدَتْ صلاتُه1. ويُستثنى من ملاقاة النجس وهو في الصلاة دمُ جُرحِه فإنه يُعفى عنه أي يُسامَحُ فيه ولو سال ولوَّث الثوب
قال المؤلف رحمه الله (ويجبُ إزالةُ نَجسٍ لم يُعْفَ عنه بإزالةِ العينِ من طعم ولونٍ وريحٍ بالماءِ المطهِّر، والحكميةِ بجريِ الماءِ عليها، والنجاسةُ الحكميّةُ هي التي لا يُدرَكُ لها لونٌ ولا طعمٌ ولا ريحٌ)
الشرح يشترطُ لصحَّة الصلاة إزالة النَّجس غير المعفو عنه أمَّا المعفو عنه فلا يُشترط كدم جرحه. وقد ذكر المؤلِّف هنا أَنَّ إزالة النجاسة تكون بإزالة عينها والمراد هنا إزالة جِرْمِها وأوصافِها من طعمٍ ولونٍ وريح فبعد إزالة جرمها يشترط إزالة أوصافها أي اللونِ والطعم والرائحة. وأما أثر لون النجاسة الذي يبقى على الثوب بعد غسله جيدًا فلا يَضُرُّ بل يُعفى عنه2 وتصح الصلاة مع وجوده3. وقوله "بالماء المطهِّر" يفهم منه أَنَّ الشمس والريح لا تُطهِّران بل المطهر هو الماء. وقوله "والحكميّةِ بجري الماء عليها" يريد به أنّ النجاسة الحكمية وهي التي لا يدرَك لها جِرْمٌ ولا وصف كبول جَفَّ لا ريح له ولا طعم ولا لون تحصل إزالتها بجري الماء عليها مرة واحدة.
قال المؤلف رحمه الله (والكلبيّةِ بغسلها سبعًا إحداهنّ ممزوجةٌ بالتراب الطهور، والمزيلةُ للعين وإن تعددت واحدةٌ. ويشترط ورود الماء إن كان قليلاً.)
الشرح النجاسة الكلبية وكذلك الخنـزيريّة تُزال بغسلها سبع مرّات إحداهنّ ممزوجةٌ بالتراب الطهور كأن يوضعَ الترابُ في الماء فيكدِّرَهُ فإذا وصل هذا الماء الذي كدّره إلى جميع المحل الذي أصابته النجاسة الكلبيّة أو الخنـزيريّة أجزأ وكذلك لو كانت المراتُ السبع التي غُسِلَ بها ممزوجةً بالتراب صحّ لأن الماء لو دخلَه التراب يبقى طهورًا.
وما يزيل الجرم مع الوصف من الغَسَلات يُعدّ غسلة واحدة.
ثم بيَّن أنه يشترط في طهر المتنجس مطلقًا ورود الماء على المتنجِّس إن كان الماء دون القلتين ولا فرق بين الْمُنْصَبِّ من نحو أنبوبة وصاعدٍ من نحو فَوَّارة. فإن وَرَدَ المتنجس على الماء الذي هو دون القلّتين تنجس.
-------------

1- قال في شرح التنبيه وإن وقع عليه نجاسة يابسة فنحّاها عنه في الحال لا بيده أو كمه بل بنفض ثوبه أو رطبة فألقى الثوب في الحال لم تبطل صلاته اﻫ قال في إعانة الطالبين قوله إن دفعه حالاً أي إلا إن دفع المصلي النجس عنه حالاً فإنه لا بطلان وصورة دفعه حالاً أن يلقي الثوب فيما إذا كان النجس رطبًا وأن ينفضه فيما إذا كان يابسًا ولا يجوز له أن ينحيها بيده أو كمه أو بعود على أصح الوجهين فإن فعل بطلت صلاته وفي ابن قاسم صورة إلقاء الثوب في الرطب أن يدفع الثوب من مكان طاهر منه إلى أن يسقط ولا يرفعه بيده ولا يقبضه بيده ويجره وصورة نفضه في اليابس أن يميل محل النجاسة حتى تسقط اﻫ
2- والمراد هنا أنه يطهر. قال في كفاية الأخيار وإن عسر [أي زوال اللون] كدم الحيض يصيب الثوب وربما لا تزول بعد المبالغة فالصحيح أنه يطهر للعسر وإن بقيت الرائحة وحدها وهي عسرة الإزالة كرائحة الخمر مثلاً فيطهر المحل أيضًا على الأظهر اﻫ
3- ومثل اللون الريح فلا تجب إزالته إن عسر فإن اجتمع بقاء اللون والريح وجب إزالتهما مطلقًا لقوة دلالتهما على بقاء العين، كما يدل على بقائها بقاء الطعم وحده وإن عسر زواله. انظر فتح الوهاب.