قال المؤلف رحمه الله (وعقدُ النكاحِ يحتاج إلى مزيدِ احتياطٍ وتثبتٍ حذرًا مما يترتَّبُ على فَقدِ ذلكَ.)
الشرح النكاح أشدُّ حاجة إلى معرفة أحكامه الشرعيّة من كثير من الأمور فإنّ من جهل أحكامه قد يظن ما ليس بنكاح نكاحًا فيتفرّع من ذلك مفاسدُ.
فهو جدير بمزيد احتياط وتَثَبُّتٍ لأن حفظ النسب من الكُلِّيَّات الخمس1 التي اتفقت عليها الشرائع وهي حفظ النفس والمال والعِرض والعقل والنسب2.
ولصحة النكاح شروط أحدها الصيغة كأن يقولَ الولي زوّجتك فلانة فيقولَ الزوج قبلت زواجَها.
الثاني لفظ زوّجت أو أنكحت أو ترجمتُهما عند الإِمام الشافعيّ،
وفي بعض المذاهب يصحّ بكل لفظٍ يدلّ على المقصود.
الثالث كون الزوج مسلمًا بالنسبة للمسلمة فلا يجوز تزوّج الكافر بمسلمة إن كان كتابيًّا وإن كان غير ذلك لقوله تعالى ﴿فإن عَلِمْتُمُوهُنَّ مؤمناٰتٍ فلا تَرْجِعُوهُنَّ إلى الكفارِ لا هُنَّ حِلٌ لهم ولا هُمْ يَحِلُّونَ لهنّ﴾3
فلا يجوز تزويج مسلمة من المسلم الذي ارتدّ بسبب من أسباب الردّة كسبّ الله أو سبّ الرّسول أو الطعن في شريعة الله أو إنكار ما هو معلوم من الدين علمًا ظاهرًا بين الخواص والعوام من كل ما هو عائد إلى تكذيب الدّين.
الرابع كون الزوجة مسلمة أو كتابية يهودية أو نصرانيّة بالنسبة للمسلم.
الخامس كون الزوجة خلية من عِدةٍ لغير الزوج فلا يصحّ عقد النكاح على معتدةِ وفاةٍ أو معتدةِ طلاقٍ أو فسخٍ من غيره.
السادس عدم التأقيت فلو قال الولي زوّجتك بنتي إلى سنة مثلاً فهو فاسد، أمّا من نوى في قلبه أن يتزوّجَ امرأة ويعاشرَها سنة ثم يطلّقَها ولم يُدْخِلْ ذلك في صلب العقد فهو نكاح صحيح، وقد نصّ الشافعي رحمه الله على جواز ذلك في كتاب الأم4 فليس هذا من المتعة المحرمة.
قال المؤلف رحمه الله (وقدْ أشارَ القرءانُ الكريمُ إلى ذلكَ بقولِهِ تعالى ﴿يا أيها الذين ءامنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارًا وقودها الناس والحجارة﴾5 قَالَ عَطَاءٌ6 رَضِيَ الله عنهُ «أَنْ تَتَعَلَّمَ كَيْفَ تُصَلِّي وَكَيفَ تَصُومُ وَكَيفَ تبيعُ وَتَشتَرِي وَكَيفَ تَنكِحُ وَكَيْفَ تُطَلِّقُ»7 8.)
الشرح أن من أهمل ذلك لم يحفظ نفسه ولا أهله من النار التي عظّم الله أمرها9 وهذا عطاء بن أبي رباح هو الإِمام المجتهد الذي تلقّى العلم من عبـد الله بن عبّاس وابن مسعود وغيرهما من الصحابة.
-------------