في العقيدة الإسلامية كتاب إجابة الداعي إلى بيان اعتقاد الإمام الرفاعي
 التصوف مبني على الكتاب والسنةhere

التصوف مبني على الكتاب والسنة

بيان اعتقاد الإمام الرفاعي

لكونِ التصوفِ مَبنِيًّا على الكتابِ والسنةِ دخلَ فيه عظماءُ العلماءِ وانضَمَّ إلى زُمرةِ أهلِهِ فُحولٌ منَ الكُبراءِ كالحافظِ أبي نعيمٍ، والمحدثِ المؤرخِ أبي القاسِمِ النصراباذيِّ، وأبي عليٍ الروذباريِّ، وأبي العباسِ الدينوريِّ، وأبي حامدٍ الغزاليِّ، والقاضي بكارِ بنِ قُتيبةَ، والقاضِي رويمِ بنِ أحمدَ البغداديِّ، وأبي القاسمِ عبدِ الكريمِ بنِ هوازنَ القُشيريِّ الجامعِ بين الشريعةِ والحقيقةِ، والشيخِ الفقيهِ محمدِ بنِ خَفيفٍ الشيرازيِّ الشافعي، والحافظِ ذي المصنَّفاتِ في الحديثِ والرجالِ أبي الفضلِ محمدٍ المقدسيِّ، والشيخِ عزِّ الدينِ بنِ عبدِ السَّلامِ المالكيِّ، والحافظِ ابنِ الصلاحِ، والنوويِّ، وتقيِّ الدِّينِ السبكيِّ وابنِهِ تاجِ الدَّينِ السبكيِّ، وأبي الحسنِ الهكاريِّ، والفقيهِ نجمِ الدينِ الخبوشانيِّ الشافعيِّ، والفقيهِ المحققِ سراجِ الدينِ أبي حفصٍ عُمرَ المعروفِ بابنِ الملقنِ الشافعيِّ، والحافظِ جمالِ الدِّينِ محمدِ بنِ عليٍّ الصابونيِّ، والحافظِ شرفِ الدِّينِ أبي محمدٍ عبدِ المؤمنِ الدمياطيِّ، والحافظِ أبي طاهرٍ السّلفيِّ، والمسندِ المعمّرِ جمالِ الدِّينِ أبي المحاسِنِ يوسفَ الحنبليِّ، وقاضي القضاةِ شمسِ الدِّينِ أبي عبدِ اللهِ محمدٍ المقدسيِّ، والمفتِي شرفِ الدِّينِ أبي البركاتِ محمدٍ الجذاميِّ المالكيِّ، والإمامِ بهاءِ الدِّينِ أبي الحسنِ عليِّ بنِ أبي الفَضائلِ هبةَ اللهِ بنِ سلامةَ، والحافظِ أبي القاسمِ سليمانَ الطبرانيِّ صاحبِ المعاجِمِ المعروفةِ، والمفتِي جمالِ الدِّينِ محمدٍ المعروفِ بابنِ النقيبِ، وقاضِي القضاةِ الشيخِ عزِّ الدِّينِ عبدِ العزيزِ، ووالدِهِ قاضِي القضاةِ بدرِ الدِّينِ أبي عبدِ اللهِ محمدِ، ووالدِهِ شيخِ الإسلامِ برهانِ الدِّينِ ابراهيمَ بنِ سعدِ بنِ جماعةَ الكنانيِّ الشافعيِّ، والشيخِ أبي عبدِ اللهِ محمدِ بنِ الفراتِ، وقاضِي القضاةِ تقيِّ الدِّينِ أبي عبدِ اللهِ محمدِ بنِ الحُسينِ بنِ رزينَ الحَمويِّ الشافعيِّ، وشيخِ الإسلامِ صدرِ الدِّينِ أبي الحسنِ محمدِ، وشيخِ شيوخِ عصرِهِ عمادِ الدِّينِ أبي الفتحِ عمرَ، وشيخِ الإسلامِ مُعينِ الدِّينِ أبي عبدِ اللهِ محمدِ، والشيخِ المفسرِ النحويِّ أبي حيانَ الأندلُسيِّ، وقطبِ الدِّينِ القسطلانيِّ المشهورِ، والمفسرِ كمالِ الدِّينِ ابنِ النقيبِ، والحافظِ أبي موسَى المدينيِّ، والعلامةِ نجمِ الدِّينِ أبي النعمانِ بشيرِ بنِ أبي بكرٍ حامدٍ الجعبريِّ التبريزيِّ، والحافظِ جلالِ الدِّينِ السيوطيِّ، والشيخِ عبدِ الواحدِ بنِ عاشرٍ الأنصاريِّ المالكيِّ، والعلامةِ المحققِ الشيخِ أحمدَ بنِ المباركِ اللمطيِّ، وغيرِهِم خلقٌ كثيرٌ مما تضيقُ عن ذكرِهِم هذه الأسطرُ، فلا تجدُ عالِمًا كبيرًا ومُحققًا شهيرًا إلا ودخلَ في طريقِ القومِ والتمسَ بركتَهُم ونالَ الحظوةَ بسببِ الانتِسابِ إليهم، فمَن قرأَ تراجِمَ العلماءِ والمحدثينَ وتتبَّعَ سيرتَهُم واستَقصَى أخبارَهم أدركَ ذلك، ومَن أنكرَ ذلك فهو جاهلٌ مُتعنِّتٌ لا اعتدادَ بهِ ولا عبرةَ بما يقولُ.
ويكفِي في بيانِ فضلِ الصوفيةِ ما ذُكرَ عن الإمامِ أحمدَ بنِ حنبلٍ رضيَ اللهُ عنه أنه كانَ يقولُ لأبي حمزةَ الصوفيِّ: "ماذا تقولُ يا صوفيُّ" اهـ، فالصوفيُّ عند مَن يعرفُهُ هو العاملُ بالكتابِ والسنَّةِ يؤدِّي الواجباتِ ويجتنبُ المحرماتِ ويتركُ التنعُّمَ في المأكلِ والملبَسِ ونحوِ ذلك، فهذه الصفةُ في الحقيقةِ صفةُ الخلفاءِ الأربعةِ، فلذلك صنَّفَ الحافظُ أبو نعيمٍ كتابَهُ الضخمَ المسمَّى حِليَةَ الأولياءِ أرادَ به أن يميزَ الصوفيَّةَ المحققينَ من غيرِهِم لْمَّا كثُرَ في زمانِهِ الطعنُ من بعضِ الناسِ في الصوفيةِ، ودَعوَى التصوفِ مِن طائفةٍ أخرى هم خلافُ الصوفيةِ في المعنَى، فبَدأَ بذكرِ الخلفاءِ الأربعةِ، وقد صنَّفَ خلقٌ كثيرٌ منَ العلماءِ كُتبًا في هذا الشأنِ منها طبقاتُ الصوفيةِ للمحدِّثِ الحافظِ أبي عبدِ الرَّحمنِ محمدِ السلميِّ النيسابوريِّ، وطبقاتُ الصوفيةِ للحافظِ البارعِ أبي سعيدٍ النقاشِ الحنبليِّ، وطبقاتُ الصوفيةِ للحكيمِ الترمذيِّ، وطبقاتُ الصوفيةِ للحافظِ ابنِ الملقنِ الشافعيِّ وكل هؤلاءِ من أهلِ الحديثِ.
وقد أكثَرَ الحافظُ البيهقيُّ الروايةَ عن شيخِهِ أبي عليٍ الروذباريِّ أحدِ مَشاهيرِ الصوفيةِ الذي كانَ تلميذَ الجنيدِ رضيَ اللهُ عنه. قال الشيخُ منصورٌ البُهوتيُّ الحنبليُّ في كتابِهِ كشافِ القناعِ ما نصُّه: "ونقلَ إبراهيمُ بنُ عبدِ اللهِ القلانسيُّ أنَّ الإمامَ أحمدَ قال عن الصوفيةِ _ أي الصادِقينَ _: لا أعلمُ أقوامًا أفضلَ مِنهم، قيلَ: إنهم يستمعونَ ويتَواجَدونَ، قال: دعوهُم يفرحونَ مع اللهِ ساعةً، قيل: فمِنهم من يموتُ ومنهم من يُغشَى عليه فقال: وبَدا لهُم منَ اللهِ ما لم يَكونوا يحتَسِبونَ ولعلَّ مرادَهُ سماعُ القرءانِ، وعذرهم لقوةِ الواردِ، قالَهُ في الفروعِ" اهـ. وصاحبُ الفروعِ هو شمسُ الدِّينِ بنُ مفلحٍ الحنبلِيُّ.
فيتَبينَ من هذا كلِّهِ أنَّ طرقَ أهلِ اللهِ كالرفاعيةِ والقادريةِ وسائرِ الطرقِ المستقيمةِ أُسِّسَتْ على وفقِ القرءانِ الكريمِ والحديثِ الشريفِ.

إجابة الداعي إلى بيان
اعتقاد الإمام الرفاعي