في العقيدة الإسلامية كتاب الصراط المستقيم
 الإرَادَة

الإرَادَةُ

الصراط المستقيم

الصراط_المستقيماعْلَم أنَّ الإرادَةَ وهي المشِيْئَةُ واجبةٌ لله تَعالَى، وهي صِفَةٌ أَزلِيَّةٌ أبَديَّةٌ يُخَصّصُ الله بهَا الجَائِزَ العَقْليَّ بالوجُودِ بدَلَ العدَمِ، وبِصفَةٍ دُوْنَ أُخرَى وبِوَقتٍ دُوْنَ ءاخرَ.
وبُرْهَانُ وُجُوبِ الإرَادَةِ لله أَنَّه لَوْ لَم يَكُن مُرِيدًا لَم يُوْجَدْ شَىءٌ مِنْ هَذَا العَالَمِ، لأَنَّ العَالَم مُمْكنُ الوُجُودِ فَوُجُودُهُ لَيْسَ وَاجِبًا لِذَاتِه عَقْلا والعَالَمُ مَوْجُودٌ فَعَلِمْنَا أَنَّهُ مَا وُجِدَ إِلا بتَخْصِيصِ مُخصِّصٍ لوُجُودِهِ وتَرْجِيحه لَهُ على عَدَمِه، فثَبتَ أَنَّ الله مُرِيْدٌ شَاءٍ.
ثُمَّ الإِرَادَةُ بِمَعْنَى المَشِيْئَةِ عِنْدَ أَهْلِ الحَقّ شَامِلَةٌ لأَعْمالِ العِبَادِ جَمِيعِها الخَيْرِ مِنْها والشَّرّ، فَكُلُّ مَا دَخَل في الوُجُود منْ أَعْمَالِ الشَّرّ والخَيْرِ ومِنْ كُفْرٍ أَو مَعَاصٍ أوْ طَاعَةٍ فَبمشِيئَةِ الله وقَعَ وحَصَلَ وهَذا كَمالٌ في حَقّ الله تَعَالَى، لأَنَّ شُمُولَ القُدْرَةِ والمَشِيئَةِ لائِقٌ بجَلالِ الله، لأَنَّهُ لَو كانَ يَقَعُ في مِلْكِهِ مَا لا يَشَاءُ لَكانَ ذَلِكَ دَلِيلَ العَجْزِ والعَجْزُ مُسْتَحِيلٌ علَى الله.
والمَشِيئَةُ تَابِعَةٌ للعِلْم أَي أَنَّهُ مَا عَلِمَ حُدُوْثَهُ فَقَدْ شَاءَ حُدُوْثَهُ وَمَا عَلِمَ أنَّه لا يكُونُ لَم يَشَأْ أنْ يكُونَ.
ولَيْسَت المَشِيْئَةُ تَابِعَةً للأَمْرِ بِدَليْل أنَّ الله تَعَالى أمَرَ إبراهِيْمَ بذَبْحِ ولَدِهِ إسْماعيلَ ولَمْ يَشَأ لهُ ذَلِكَ.
فإِنْ قِيْلَ كَيْفَ يأمُرُ بما لَم يَشَأْ وقُوْعَهُ؟ فَالجَوابُ أَنَّهُ قَدْ يأمُرُ بِمَا لم يَشَأْ، كَمَا أَنَّهُ عَلِمَ بوقُوْعِ شَىءٍ مِنَ العَبْدِ ونَهَاهُ عنْ فِعْلِهِ.

الصراط المستقيم

قائمة الصراط المستقيم