للإمام العالم العلامة حجة الأدب لسان العرب شرف الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد البوصيري(1) رحمه الله تعالى
مُحَمّدٌ سَيّدُ الكونين والثقلين ***** والفريقينِ من عُرْبٍ ومن عَجَمِ
نَبيُّنا الآمر الناهي فلا أحدٌ ***** أبرَّ في قولِ لا منه ولا نَعَمِ
هو الحبيبُ الذي تُرْجى شَفَاعتُه لكل هول من الأهوال مقتَحِمِ
دَعَا إلى الله فالمستَمسِكون به ***** مستَمسِكُون بحبلٍ غيرِ منفَصِمِ
فَاقَ النبيّينَ في خَلْقٍ وفي خُلُقٍ ***** ولم يُدانُوه في عِلْمٍ ولا كَرَمِ
وكُلُّهم من رسول الله ملتمِسٌ ***** غَرْفًا من البحر أو رَشْفًا من الدّيَمِ
فهو الذي تَمَّ معناهُ وصُورتُه ***** ثم اصطفاه حبيبًا بارئ النَّسَمِ
مُنَزّهٌ عن شريك في محاسنه ***** فجوهرُ الحُسْن فيه غيرُ مُنقَسِمِ
دَعْ ما ادعتْه النصارى في نبيّهم ***** واحكم بما شئتَ مدحًا فيه واحتكِمِ
وانسُبْ إلى ذاته ما شئتَ من شَرَفٍ ***** وانسُبْ إلى قدره ما شئتَ من عِظَمِ
فإنَّ فَضْلَ رسولِ الله ليس له ***** حَدٌّ فيُعْرِبَ عنه ناطقٌ بفمِ
لم يمتحِنَّا بما تَعْيَى العقولُ به ***** حِرصًا علينا فلم نَرتَبْ ولم نَهِمِ
أعيَى الورى فهم معناه فليس يُرى للقُرب والبُعد فيه غيرُ مُنفَحِمِ
كالشمسِ تظهر للعينين مِنْ بعْدٍ ***** صغيرةً وتُكِلُّ الطّرف من أَمَمِ
وكيف يُدرِكُ في الدنيا حقيقتَه ***** قَومٌ نيامٌ تَسَلَّوا عنه بالحُلُمِ
فَمبلغُ العلمِ فيه أنه بَشَرٌ ***** وأنه خيرُ خَلْقِ الله كلهم
أكرِمْ بِخَلْقِ نبي زانه خُلُقٌ ***** بالحُسْنِ مُشتَمل بالبِشر مُتَّسِمِ
أبانَ مولده عن طِيْبِ عُنْصُره ***** يا طِيبَ مُبتَدَءٍ منه ومُخْتَتَمِ
ومَنْ يكن برسول الله نُصْرته ***** إن تَلْقَه الأُسْدُ في ءاجامها تَجِمِ
يا رَبّ بالمصطفى بلّغ مقاصدنا ***** واغفر لنا ما مضى يا واسِعَ الكرم
اللهمّ زد سيدنا محمدًا شرفًا على شرفه الذي أَوليته، وعزًّا على عزّهِ الذي أعطيتَه، ونورًا على نوره، وأَعْلِ مقامه في مقامات المرسلين، ودرجته في درجات النّبيّين، ونسألك رضاك ورضاه يا ربَّ العالمين مع العافية الدائمة والموت على الكتاب والسنة والجماعة وكلمة الشهادة على حقيقتها من غير تبديل ولا تغيير، واغفر لنا بفضلك وجودك وكرمك يا أرحم الراحمين.
وءاخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين.
-------------