يجوز التبرك بآثار الرسول العظيم صلى الله عليه وسلم كَشَعَرهِ وعَرَقهِ وغير ذلك كما قال العلماء المعتبرون، والأدلة على ذلك كثيرة منها أنّ الرسولَ صلى الله عليه وسلم حين حَلَق شعره أعطى الحلاق نصف شعره وقال له عن الباقي: "اقسمه بين الناس". فَفَعَلَ فجعل الصحابةُ هذا يأخذ شعرة وءاخر يأخذ شعرتين وهكذا، ونال خالد بن الوليد شَعَر الناصية فجعله في قَلَنْسوته، قال رضي الله عنه: "ما خُضْتُ معركة وهي على رأسي إلا ربحتها". فهذا دليل على أنه يُتبركُ برسول الله والنبيين وإلا فلماذا يُوَزّعُ رسولُ الله النبيّ الأعظم صلى الله عليه وسلم شَعَرَه بين الناس والشَّعَرُ لا يُؤكل.
وقد روى مسلم في الصحيح عن أنس قال: كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم يدخل بيت أم سُليم فينامُ على فراشها ولَيست فيه، قال: فجاء ذات يوم فنام على فراشها فأُتيتْ فقيل لها: هذا النبيّ صلى الله عليه وسلم نامَ في بيتك على فراشك، قال: فجاءت وقد عرقَ واستنقعَ عرقُهُ (أي اجتمع) على قطعةِ أديم على الفراش، ففتحت عتيدتها فجعلت تُنَشّفُ ذلك العرقَ فتعصرُهُ في قواريرها، فَفزِعَ النبيّ صلى الله عليه وسلم - أي استيقظ من نومه - فقال: "ما تصنعين يا أمَّ سُليم؟" فقالت: يا رسولَ الله نرجو بركته لصبياننا. قال: "أصبتِ".
والعتيدة هي كالصندوق الصغير تجعل فيه المرأة ما يعزُّ من متاعها. فانظر إلى تصويبِ النبيّ صلى الله عليه وسلم جَمْعَها عَرَقه للبركة وعدمِ الإنكار عليها.