مناسبات إسلامية مجيب المحتاج في معرفة الإسراء والمعراج
 فائدة جليلة

فائدة جليلة

مجيب المحتاج في معرفة الإسراء والمعراج

يَجدُرُ بنا أن نذكر أن الله تعالى هو خالق السّماوات السّبع و خالق الأماكن كلّها، و أن الله كان موجوداً قبل خلق الأماكن بلا هذه الأماكن كلّها. فلا يجوز أن يُعتقدَ أنَّ الله تعالى موجودٌ في مكانٍ أو في كلّ الأمكنةِ، أو أنه موجودٌ في السّماء بذاته، أو متمكّنٌ على العرش، أو حالُّ في الفضاء، أو أنه قريبٌ مِنَّا أو بعيدٌ عَنَّا بالمسافة. تعالى الله و تنزَّه عن ذلك و يكفر من يعتقد ذلك.
قال الإمام عليٌّ رضي الله عنه " كان الله ولا مكان و هو الآن على ما عليه كان". رواه أبو منصور البغداديُّ. و لا يجوز أن يُعتقد أنَّ الله موجودٌ في حهةٍ من الجهات. قال الإمام أبو جعفر الطّحاويُّ السّلفيّ في عقيدته المسماة العقيدة الطّحاويّة " و لا تحويه الجهات السّتُّ كسائر المبتدعات" و الجهات الستُّ هي فوقُ و تحتُ و يمينُ و شمالُ و أمامُ و خلفُ. أما اعتقادُ بعضِ الضّالين أن الرَّسول وَصَلَ إلى مكانٍ هو مركزٌ لله تعالى فهذا ضلالٌ مبينٌ لأن الله موجود بلا مكان، و لا عبرة بما هو مكتوبٌ في بعض الكتب الفاسدة الكثيرةِ الانتشارِ و الذائعةِ الصيتِ التي فيها ما يُنافي تنزيه الله عن المكانِ و التي يتداولها بعضُ العوامّ، و التّحذير منها واجبٌ، و منها الكتاب الذي عُنوانهُ كتابُ المعراج المنسوب كذِباً للإمام ابن عبّاسٍ فيجبُ التّحذيرُ منه و من أمثاله.
فالعرش المجيد لا مناسبة بينه وبين الله عزَّ وجلَّ إنما خلقه الله تعالى ليكون كالكعبة بالنسبة للملائكة الحافين حوله وهم أكثر من كل الملائكة بل أكثر من عدد حبات المطر وأكثر من عدد حبات الرمال هؤلاء يطوفون حول العرش ويتوجهون إليه في صلاتهم كما أننا نحن المؤمنين من أهل الأرض نتوجه إلى الكعبة في صلاتنا ونطوف حولها ونعظمها ولا مناسبة بين الكعبة وبين الله عزَّ وجلَّ كما أنه لا مناسبة بين الله وبين العرش، وما أقبح قول الوهابية إن جهة فوق تليق بالله لأنها جهة يتشرف بها الله حيث جعل هؤلاء المشبهة الله عزَّ وجلَّ متشرفًا بشىء من خلقه، إذ الجهات كلها من خلق الله تعالى، والله تعالى كان موجودًا قبل الجهات وقبل كل شىء فكيف يكون متشرفًا بشىء من خلقه، سبحانك هذا بهتان عظيم.
و إنّنا نحتفل بذكرى الإسراء و المعراج لنكون معاً في عمل الخير، نستشعر معنى الاقتداء برسول الله صلّى الله عليه و سلّم، لنؤكد من جديد انتماءنا لهذا النبي الكريم و على العقيدة التي جاء بها، فاحرصوا في ذكرى الإسراء و المعراج و في كل يوم تشرق الشمس علينا أن تكونوا أتباعاً حَقِيقِيين لرسول الله صلّى الله عليه و سلّم و خصوصاً في مسائل العقيدة، عقيدةُ الرّسول أمانة في قلوبكم، أمانة لتحملوها طول الزّمن و لتعلّموها للناس فعلّموها لمن حولكم و أوصلوها إلى قلوب النّاس. عقيدة حقة تلقيناها من علماء أفاضل أخذوها من علماء أفاضل يتسلسلون بسلسلة شريفة إلى رسول الله صلّى الله عليه و سلّم. و احرصوا كذلك على أن توصلوا أحكام هذا الدّين الحنيف إلى قلوبهم بالخُلُق الحسن و الموعظة الحسنة بالرّفق الذي كان عليه رسول الله صلّى الله عليه و سلّم و بمحبّة الخير للغير كما فعل ذلك رسول الله صلّى الله عليه و سلّم.