كتب ومتون كتاب الغاية والتقريب
كتابُ البُيوع

كتابُ البُيوع وغيرِها من المعاملاتِّ

كتاب الغاية والتقريب

elghayawattaqreeb البيوعُ ثلاثةُ أشياءَ: بيعُ عَينٍ مُشَاهَدَةٍ فجائزٌ، وبيعُ شىءٍ مَوصوفٍ بالذّمَّةِ فجائزٌ إذا وُجِدَت الصفةُ على ما وُصفَ به، وبيعُ عينٍ غائبةٍ لم تُشاهَدْ فلا يجوزُ. ويصحُّ بيعُ كلّ طاهرِ مُنتَفِعٍ بِهِ مَملوكٍ، ولا يصحُّ بيعُ عينِ نجسةٍ، ولا ما لا منفعةَ فيهِ.

فصل: والرّبَا في الذهبِ والفضةِ والمَطعُومَاتِ، ولا يجوزُ بيعُ الذهبِ بالذهبِ ولا الفضةِ بالفضةِ إلا مُتماثلًا نقدً.ا ولا بيعُ ما ابتاعَهُ حتى يَقبِضَهُ، ولا بيعُ اللحمِ بالحيوانِ.
ويجوزُ بيعُ الذهبِ بالفضةِ مُتَفاضِلًا نقدًا، وكذلكَ المطعوماتُ لا يجوزُ بيعُ الجِنسِ منها بمثلِه إلا مُتَمَاثِلًا نقدًا، ويجوزُ بيعُ الجِنسِ منها بغيرِه مُتَفاضِلًا نقدًا ولا يجوزُ بيعُ الغَرَرِ.

فصل: والمتبايعانِ بالخِيارِ ما لم يتفرَّقا ولهما أن يشترِطا الخِيارَ إلى ثلاثةِ أيامٍ. وإذا وُجدَ بالمَبيعِ عيبٌ فللمُشتري رَدُّهُ، ولا يجوزُ بيعُ الثَّمَرةِ مطلقًا إلا بعد بُدوّ صَلاحِها، ولا بيعُ ما فيه الربا بجنسِهِ رَطبًا إلا اللبنَ.

فصل: ويصحُّ السَّلَمُ حالا ومؤجَّلًا فيما تَكَامَلَت فيه خمسُ شرائطَ: أن يكون مَضبوطًا بالصفةِ، وأن يكونَ جنسًا لم يختلطْ به غيرُه، ولم تَدخُلُهُ النارُ لإحالتِهِ، وأن لا يكونَ مُعينًا، ولا مِن مُعيَّنٍ. ثم لصحَّةِ المسَلمِ فيه ثمانيةُ شرائطَ وهو: أن يصفَهُ بعد ذكرِ جنسِهِ ونوعِهِ بالصفاتِ التي يَختلفُ بها الثَّمنُ، وأن يذكُرَ قَدرَهُ بما يَنفي الجَهَالَةَ عنهُ، وإن كان مُؤجَّلًا ذَكَرَ وقتَ مَحَلِّهِ، وأن يكون موجودًا عند الاستحقاقِ في الغالبِ، وأن يَذكُرَ موضِعَ قبضِهِ، وأن يكونَ الثمنُ مَعلومًا، وأن يتقابضا قبلَ التفرُّقِ، وأن يكون عقدُ السَّلَمِ ناجِزًا لا يدخلُه خِيارُ الشرطِ.

فصل: وكلُّ ما جازَ بيعُه جازَ رهنُه في الديونِ إذا استقرَّ ثبوتُها في الذمةِ، وللراهنِ الرجوعُ فيه ما لم يَقبضُهُ، ولا يضمنُهُ المُرتَهِنُ إلا بالتعدي. وإذا قَبَضَ بعضَ الحَقّ لم يَخرُجْ شىءٌ من الرهنِ حتى يقبضَ جميعَهُ.
فصل: والحَجرُ على ستةٍ: الصبيُّ، والمجنونُ، والسَّفيهُ المُبذّرُ لمالِه، والمُفلسُ الذي ارتكبتْهُ الديونُ، والمريضُ فيما زادَ على الثُّلُثِ، والعبدُ الذي لم يُؤذَنْ له في التجارةِ.
وتصرُّفُ الصبيّ والمجنونِ والسفيهِ غيرُ صحيحٍ، وتَصَرُّفُ المُفلسِ يصحُّ في ذِمَّتِهِ دونَ أعيانِ مالِه، وتَصرُّفُ المريضِ فيما زادَ على الثُّلثِ موقوفٌ على إجازةِ الورثةِ مِنْ بعدِهِ، وتصرُّفُ العبدِ يكونُ في ذِمتِهِ يُتبَعُ به بعدَ عِتقِهِ.

فصل: ويصحُّ الصُّلحُ مع الإقرارِ في الأموالِ وما أفضَى إليها، وهو نوعانِ: إبراءٌ، ومُعَاوَضَةٌ. فالإبراءُ اقتِصَارُهُ من حقّه على بعضِه، ولا يجوزُ تعليقُهُ على شرطٍ، والمُعَاوَضَةُ عُدولُهُ عن حقّه إلى غيرِه ويَجري عليهِ حُكمُ البيع.ِ ويجوزُ للإنسانِ أن يُشْرِعَ رَوْشنًا في طريقٍ نافذٍ بحيثُ لا يَتضررُ المارُّ به. ولا يجوزُ في الدَّربِ المشتَرَكِ إلا بإذنِ الشركاءِ. ويجوزُ تقديمُ البابِ في الدربِ المُشتَرَكِ ولا يجوزُ تأخيرُه إلا بإذنِ الشركاءِ.

فصل: وشرائطُ الحَوَالةِ أربعةٌ: رِضا المُحيلِ، وقَبولُ المُحتَالِ، وكونُ الحقّ مُستَقِرًّا في الذمَّةِ، وإتفاقُ ما في ذمَّة المُحيلِ والمُحَالِ عليهِ في الجنسِ والقَدرِ والنَّوعِ والحُلولِ والتأجيلِ، وتبرأُ بها ذِمَّةُ المُحيلِ.
فصل: ويصحُّ ضَمَانُ الديونِ المُستَقِرَّةِ في الذّمَّةِ إذا عُلِمَ قدرُها، ولصاحبِ الحقّ مُطالبةُ من شاءَ من الضامنِ والمضمونِ عنهُ إذا كان الضمانُ على ما بَيَّنَّاهُ. وإذا غَرِمَ الضامنُ رَجَعَ على المضمونِ عنه إذا كان الضمانُ والقضاءُ بإذنِه. ولا يصحُّ ضمانُ المجهولِ ولا ما لم يَجب إلا دَرْكَ المَبيعِ.
فصل: والكَفالةُ بالبدنِ جائزةٌ إذا كان على المَكفولِ به حقٌّ لآدميّ.

فصل: وللشرِكَةِ خمسُ شرائطَ أن تكونَ على ناضٍّ من الدراهمِ والدنانيرِ، وأن يتَّفقا في الجنسِ والنوعِ، وأن يَخلِطا المَالَين، وأن يأذنَ كُلٌّ واحد منهما لصاحبِه في التصرُّفِ، وأن يكون الربحُ والخُسرانُ على قدرِ المالينِ، ولكلّ واحدٍ منهما فسخُها متى شاءَ، ومتى ماتَ أحدُهما بَطَلَتْ.

فصل: وكلُّ ما جازَ للإنسانِ التصرفُ فيه بنفسِه جازَ له أن يُوَكّلَ فِيهِ أو يَتوكلَ فيه.
والوكالةُ عقدٌ جائزٌ ولكل منهما فَسخُها متى شاءَ، وتنفسخُ بموتِ أحدِهما. والوكيلُ أمينٌ فيما يقبضُهُ وفيما يصرفُهُ، ولا يَضمنُ إلا بالتفريطِ.
ولا يجوزُ أن يبيعَ ويشتريَ إلا بثلاثِ شرائطَ: أن يبيعَ بثمنِ المِثلِ، وأن يكون نقدًا بنقدِ البلدِ، ولا يجوزُ أن يبيعَ من نفسِه، ولا يُقِرَّ على مُوكلِه إلا بإذنِه.

فصل: والمُقَرُّ به ضربانِ: حقُّ اللهِ تعالى وحقُّ الآدميّ، فحقُّ الله تعالى يصحُّ الرجوعُ فيه عن الإقرارِ به، وحقُّ الآدميّ لا يصحُّ الرجوعُ فيه عن الإقرار به. وتفتقرُ صِحَّةُ الإقرارِ إلى ثلاثةِ شرائطَ: البلوغُ، والعقلُ، والاختيارُ، وإن كان بمالٍ اعتُبِرَ فيه شرطٌ رابعٌ وهو الرُّشدُ، وإذا أقرَّ بمجهولٍ رُجِعَ إليه في بيانِهِ. ويصحُّ الاستثناءُ في الإقرارِ إذا وصلَهُ به وهو في حالِ الصحةِ والمرضِ سواءٌ.

فصل: وكلُّ ما يُمكنُ الانتفاعُ به معّ بقاءِ عينِهِ جازَت إعارتُهُ إذا كانت منافعُهُ آثارُا. وتجوزُ العاريةُ مُطلَقةً ومُقيدةً بمُدةٍ وهي مضمونةٌ على المُستَعيرِ بقيمتِهَا يومَ تَلَفِها.

فصل: ومن غَصَبَ مالا لأحدٍ لزمَهُ ردُّهُ وأَرْشُ نقصِه وأجرةُ مثلِهِ، فإن تَلِفَ ضمنَهُ بمثلِه إن كان له مِثلٌ أو بقيمتِه إن لم يكن له مِثلٌ أكثرَ ما كانت من يومِ الغَصبِ إلى يومِ التَّلفِ.

فصل: والشُّفعةُ واجبةٌ بالخُلطَةِ دون الجِوَارِ فيما يَنقسِمُ دونَ ما لا يَنقَسِمُ، وفي كل ما لا يُنقلُ من الأرضِ كالعقارِ وغيرِه بالثمنِ الذي وقعَ عليه البيعُ. وهي على الفورِ فإن أخَّرَها مع القدرةِ عليها بَطَلَتْ وإذا تزوَّجَ امرأةً على شِقْصٍ أخذَهُ الشفيعُ بمَهرِ المِثلِ، وإن كان الشفعاءُ جماعةً استحقُّوها على قدرِ الأملاكِ.

فصل: وللقِراضِ أربعةُ شروطٍ: أن يكون على ناضٍّ من الدراهمِ والدنانيرِ، وأن يأذنَ ربُّ المالِ للعاملِ في التصرفِ مُطلقًا أو فيما لا يَنقَطِعُ وجودُه غالبًا وأن يشترِطَ له جزءًا معلومًا من الربحِ، وأن لا يُقدَّرَ بمدةِ، ولا ضَمانَ على العاملِ إلا بعُدوانِ. وإذا حصلَ ربحٌ وخُسرانٌ جُبِرَ الخُسرانُ بالربحِ.

فصل: والمُساقَاةُ جائزةٌ على النخلِ والكَرْمِ ولها شرطانِ: أحدُهُما: أن يُقدّرَها بمدةٍ معلومةٍ، والثاني: أن يُعيِّنَ للعاملِ جزءًا معلومًا من الثَّمَرةِ. ثم العملُ فيها على ضربينِ: عملٌ يعودُ نفعُهُ إلى الثَّمَرَةِ فهو على العاملِ، وعملٌ يعودُ نفعُه إلى الأرضِ فهو على ربّ المالِ.

فصل: وكلُّ ما أمكَنَ الانتفاعُ به معَ بقاءِ عَينِه صحَّت إجارَتُهُ إذا قُدّرَت مَنفعتُهُ بأحدِ أمرينِ: بمُدةٍ، أو عملٍ. وإطلاقُها يقتضي تعجيلَ الأُجرةِ إلا أن يُشتَرَطَ التأجيلُ. ولا تَبطُلُ الإجارةُ بموتِ أحدِ المُتَعَاقدَينِ وتبطل ُبتلفِ العينِ المُستَأجَرَةِ، ولا ضمانَ على الأجيرِ إلا بعُدوانٍ.

فصل: والجَعَالةُ جائزةٌ وهي أن يَشترطَ في رَدّ ضَالتِه عِوضًا معلومًا فإذا ردّها استَحَقَّ ذلك العِوضَ المَشرُوط.

فصل: وإذا دفعَ إلى رجلٍ أرضًا ليزرعَها وشَرَطَ له جزءًا معلومًا مِن رَيعِها لم يَجُز، وإن أكرَاهُ إياها بذهبٍ أو فضةٍ أو شَرَطَ له طعامًا مَعلومًا في ذِمًّتِهِ جازَ.

فصل: وإحياءُ المَوَاتِ جائزٌ بشرطينِ: أن يكونَ المُحْيِي مسلمًا، وأن تكون الأرضُ حُرَّةً لم يَجرِ عليها مِلكٌ لمسلمٍ. وصفةُ الإحياءِ ما كان في العادةِ عِمارةً للمُحيَا. ويجبُ بذلُ الماءِ بثلاثةِ شرائطَ: أن يَفضُلَ عن حاجتِهِ، وأن يحتاجَ إليه غيرُه لنفسِهِ أو لبهيمتِهِ، وأن يكون مما يُستَخلَفُ في بئرٍ أو عينٍ.

فصل: والوَقفُ جائزٌ بثلاثةِ شرائطَ: أن يكون مما يُنتفعُ به مع بقاءِ عينِهِ، وأن يكونَ على أصلٍ موجودٍ وفرعٍ لا ينقطعُ، وأن لا يكونَ في مَحظورٍ، وهو على ما شَرَطَ الواقفُ من تقديمٍ أو تأخيرٍ أو تسويةٍ أو تفضيلٍ.

فصل: وكلُّ ما جازَ بيعُهُ جازَت هبتُه. ولا تلزمُ الهبَةُ إلا بالقَبضِ. وإذا قبضَها المَوهوبُ له لم يَكُن للواهبِ أن يرجِعَ فيها إلا أن يكون والدًا. وإذا أعمَرَ شيئًا أو أرقَبَهُ كان للمُعمَرِ أو للمُرقَبِ ولورثَتِهِ من بعدِهِ.

فصل: وإذا وجد لقطة في موات أو طريق، فله أخذها وتركها، وأخذها أولى من تركها إن كان على ثقة من القيام بها. وإذا أخذها وجب عليه أن يعرف ستة أشياء: وعاءها وعفاصها ووكاءها وجنسها وعددها ويحفظها في حرز مثلها. ثم إذا أراد تملكها عرفها سنة على أبواب المساجد وفي الموضع الذي وجدها فيه، فإن لم يجد صاحبها كان له أن يتملكها بشرط الضمان.

فصل: واللُّقطةُ على أربعةِ أضرُبٍ أحدُها: ما يبقى على الدوام فهذا حكمُه، والثاني: ما لا يبقى كالطعامِ الرَّطبِ فهو مخيّرٌ بين أكلِه وغُرمِه أو بيعِه وحِفظِ ثمنِه، والثالثُ: ما يبقى بعلاجٍ كالرُّطبِ فيفعلُ ما فيهِ المصلحةَ من بيعِه وحِفظِ ثمنِه أو تجفيفِه وحِفظِه، والرابعُ: ما يحتاجُ إلى نفقةٍ كالحيوانِ وهو ضربانِ: حيوانٌ لا يمتنعُ بنفسِه فهو مُخيّرٌ بين أكلِهِ وغُرمِ ثمنِه، أو تركِه والتطوعِ بالإنفاقِ عليه، أو بيعِه وحِفظِ ثمنِهِ، وحيوانٌ يمتنعُ بنفسِه، فإن وجدَه في الصحراء تركَه، وإن وجدَه في الحَضَرِ فهو مخيّرٌ بين الأشياءِ الثلاثةِ.

فصل: وإذا وُجدَ لقيطٌ بقارعةِ الطريقِ فأخذُهُ وتربيتُهُ وكفالتُه واجبةٌ على الكفايةِ، ولا يُقَرُّ إلا في يدِ أمينٍ، فإن وُجِدَ معهُ مالٌ أنفقَ عليه الحاكمُ منهُ، وإن لم يوجدْ معهُ مال فنفقتُهُ في بيتِ المالِ.

فصل: والوَديعةُ أمانةٌ، ويستحبُّ قبولُها لمن قامَ بالأمانةِ فيها، ولا يضمَنُ إلا بالتَّعدّي وقولُ المُودَعِ مقبولٌ في ردّها على المُودِعِ، وعليه أن يحفظَها في حِرزِ مثلِها، وإذا طولبَ بها فلم يُخرِجْها معَ القدرةِ عليها حتى تَلِفَتْ ضَمِنَ.