من جدَّ في العمل والتقوى فهو الوليُّ

أَحْكي لَكُمْ قِصَّةً حَدَثَتْ في الْحَبَشَةِ قَبْلَ مائَةٍ وَثَلاَثِينَ سَنَة، نَاحِيَة خَارِجَ مَدِينَتِنَا مَدِينَةِ هَرَر، أَهْلُ تِلْكَ النَّوَاحي كانُوا وَثَنِيِّينَ يَعْبُدُونَ الأَوْثَانَ، كُفَّار. وَاحِدٌ مِنْهُمْ سَمِعَ هَاتِفًا، لاَ يَرَى شَخْصَهُ، يَقَظَةً، يَقُولُ، يُنَادِي: يَا أَيُّهَا الْكُفَّار جَاءَكُمْ الإِسْلاَم يُحَطِّمُكُمْ، هَذَا سَمِعَ يَقَظَةً لكِنْ لَمْ يَرَ الشَّخْصَ، فَقَالَ لِقَوْمه لِلْمُشْرِكين، أَنَا سَمِعْتُ كَذَا وَكَذَا، فَسَبُّوهُ، وَأَهَانُوهُ. وَلَمْ يَعْتَبِرُوهُ شَيْئًا هَذَا الْكَلاَم.
ثُمَّ بَعْدَ مُدَّةٍ، بَعْدَ سِنِينَ، جَاءَ هَذَا الْجَيْش الْمِصْرِي إِلى بِلاَدِنَا، ثُمَّ أَغَارَ عَلَى هَؤُلاَءِ الْوَثَنِييّنَ الْمُشْرِكينَ فَحَطَّمَهُمْ، فَقَتَلَ مَنْ قَتَلَ وَأَسْلَمَ مَنْ أَسْلَمَ. فَذَاكَ الَّذِي سَمِعَ الْهَاتِفِ جَدَّ في الإِسْلاَمِ حَتَّى صَارَ وَلِيًّا.
مَرَّةً قَالَ لِصَدِيقٍ لَهُ، دَيِّن، تَقِي، قَالَ: أَنَا الْيَوْم أُصَلِّي بِمَكَّة اشتقت للصلاَةَ بمكة صلاة الْعِشَاء وَأَعُودُ. فَطَارَ وَهُوَ يَرَاهُ مِنْ بَيْنِ عَيْنَيْهِ، طَارَ حَتَّى احْتَجَبَ ثمَّ بَعْدَ صَلاَةِ الْعِشَاء رَجَعَ. هَذَا بَعْدَ أَنْ كَانَ سَمِعَ الْهَاتِف وَهُوَ مُشْرِك ثُمَّ لَمَّا جَاءَ الإِسْلاَمُ أَخَذَ الإِسْلاَمُ بِقوَّةِ، فَجَدَّ وَصَارَ مِنَ الأَتْقِيَاءِ لَهُ أَرَاضٍ وَاسِعَة وَزَّعَهَا، صَار يَبْنِي الْمَسَاجِد لِلهِ تَعَالَى، جَدَّ في طَاعَةِ اللهِ تَعَالَى حَتَّى جَعَلَهُ اللهُ مِنْ أَوْلِيَائِهِ.