كتب ومتون كتاب العقيدة المرشدة
 ولا يلحقُهُ وَهمٌ، ولا يكتَنِفُهُ عقلٌ

ولا يلحقُهُ وَهمٌ، ولا يكتَنِفُهُ عقلٌ

العقيدة المرشدة

العقيدة_المرشدة قال رحمه الله: "ولا يلحقُهُ وَهمٌ، ولا يكتَنِفُهُ عقلٌ، ولا يتخصَّصَ بالذهنِ، ولا يتمثَّلُ في النفسِ، ولا يتصورُ في الوهمِ، ولا يتكيَّفُ في العقلِ، لا تلحقُهُ الأوهامُ والأفكارُ".

الشرح: أن هذا يختصره قول الإمام ذي النون المصري إبراهيم بن توبة رحمه الله تعالى حيث قال: "مهما تصورت ببالك فالله بخلاف ذلك" اهـ، رواه الخطيب في تاريخ بغداد، وذلك لأن كل ما تتصوره ببالك فهو مخلوق والخالق لا يشبه مخلوقه، كما قال إمامنا الشافعي رضي الله عنه: "من انتهض لمعرفة مدبره فاطمأن إلى موجود ينتهي إليه فكره فهو مشبه، وإن اطمأن إلى العدم الصرف فهو معطّل، وإن اطمأن إلى موجود واعترف بالعجز عن إدراكه فهو موحّد". اهـ، لذلك نهى السلف عن التفكر في ذات الله تعالى للوصول إلى حقيقته، لأنه لا يعلم الله على الحقيقة إلا الله، إنما معرفتنا بالله هي بمعرفة ما يجب له تعالى وما يستحيل في حقه وما يجوز في حقه، قال ابن عباس رضي الله عنهما: "تفكروا في خلق الله ولا تفكروا في ذات الله"، رواه البيهقي.
وكلُّ من يتفكر في ذاته تعالى فيتخيل بخياله صورة أو يتوهمها بوهمه ويعتقد أن ما تخيّله وتوهَّمه هو الله فهو ليس مسلمًا موحدًا إذ لا فرق بينه وبين عابد الصنم، فعابد الصنم عبد صورة نحتها وهذا عبد صورة تخيلها، وأما المؤمن المصدق فيعبد من لا شبيه له ولا مثيل، كما قال الإمام أحمد الرفاعيُّ رضي الله عنه: "غاية المعرفة بالله الإيقان بوجوده تعالى بلا كيف ولا مكان"، وهذا كله يؤخذ من قوله تبارك وتعالى في الآية المحكمة الجامعة من سورة الشورى: ﴿ليس كمثله شىء﴾ ولذلك ختم رحمه الله عقيدته النافعة هذه بإيراد هذه الآية:
﴿لَيسَ كَمِثْلِهِ شَىءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ﴾.