قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: والمِعْرَاجُ حَقٌّ:
الشرحُ أن المعراجُ هو الصعودُ إلى السَّمواتِ السَّبْعِ وما شاءَ اللهُ مِنَ العُلَى ، وهذا حقٌّ يجبُ الإيمانُ بهِ في حقِّ رسولِ اللهِ ومَنْ نَفاهُ فهوَ فاسقٌ. والمعراجُ حَصلَ بعدَ الإسراءِ أيْ بعدَ وصولِه صلى الله عليه وسلم إلى المسجدِ الأَقصَى خارجًا منَ المسجدِ الحرامِ فإنه عُرِجَ بهِ إلى السَّمواتِ وما فوقَها إلى حيثُ شاءَ اللهُ.
فالإسراءُ مصرَّحٌ بهِ في القرءانِ بقولِه تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلاً مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آَيَاتِنَا﴾ (1) [سورة الإسراء] فلذلكَ يَكْفُرُ مُنْكِرُهُ، والمِعراجُ يَكادُ يكونُ نَصًّا صريحًا لقولِه تعالى ﴿وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَى (13) عِنْدَ سِدْرَةِ المُنْتَهَى (14) عِنْدَهَا جَنَّةُ المَأْوَى﴾ (15) [سورة النجم]. وإِنَّمَا لم يكنْ ذلك صريحًا لأنهُ لَمْ يَثْبُتْ بنصٍّ قطعيٍّ كونُ سِدرةِ المنُتهَى فوقَ السَّمواتِ السبعِ.
قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وقدْ أُسْرِيَ بالنَّبِيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
الشرحُ أي ذُهِبَ بهِ ليلاً منَ المسجدِ الحرامِ إلى المسجدِ الأَقصَى كمَا تقدَّمَ.
قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَعُرِجَ بِشَخْصِهِ في اليَقَظَةِ إلى السَّمَاءِ ثُمَّ إلى حَيْثُ شَاءَ اللهُ مِنَ العُلى.
الشرحُ أنه عُرجَ بهِ عَقِيبَ الإسراءِ، فالإسراءُ والمعراجُ كانا في ليلةٍ واحدةٍ متعاقبَينِ، وهُمَا عندَ أهلِ الحقِّ في اليقظةِ بشخصِهِ بروحِه وجسدِه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ.
قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وأَكْرَمَهُ اللهُ بِما شَاءَ وَأَوحى إلَيهِ مَا أَوْحى﴿مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ (11)، فَصَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ في الآخِرَةِ والأُوْلى.
الشرحُ استدَلَ الجمهورُ منْ أهلِ الحقِّ بقولِه تَعَالى: ﴿ مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى﴾ (11) [سورة النجم] على أنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم رَأَى ربَّه بقلبِه تلكَ الليلةَ لا بعينِه، والمرادُ بالفؤادِ فؤادُ النَّبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ ليس جِبريلَ.