قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: ولا نُفَضِّلُ أَحَدًا مِنَ الأَولِيَاءِ عَلَى أَحَدٍ مِنَ الأَنْبِيَاءِ عَلَيْهِمُ السَّلامُ وَنَقُولُ نَبِيٌّ وَاحِدٌ أَفْضَلُ مِنْ جَميعِ الأَوْلِيَاءِ.
الشرح وذلكَ لِقولِهِ تعالى﴿ وَكُلاً فَضَّلْنَا عَلَى العَالَمِينَ (86)﴾ [سورة الأنعام] أي كلاَّ منَ الأنبياءِ الذينَ ذُكِرُوا فَضَّلْنَاهُ على العالَمِينَ وذلكَ بمَرْتَبَةِ النُّبُوَّةِ فيُشاركُهُم في ذلكَ غيرُ المذكورِينَ لأنَّ الصِّفةَ التي فُضِّلُوا مِنْ أَجْلِها موجودةٌ في الجميعِ وهي النُّبُوَّةُ. ولا يجوزُ تأويلُ الآيةِ بأنَّ المرادَ عَالِمُو زمانِ أولئكَ المذكُورِينَ لأنَّ هذا تأويلٌ بلا دليلٍ وهو ممنوعٌ.
قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَنُؤمِنُ بِمَا جَاءَ مِنْ كَرَامَاتِهِمْ وَصَحَّ عَنِ الثِّقَاتِ مِنْ رِوَايَاتِهِمْ.
الشرح أنه يجبُ الإيمانُ بكراماتِ الأولياءِ وهُمُ المؤمنونَ المستقيمُونَ بطاعةِ اللهِ، ثُمَّ الكرامةُ هي أمرٌ خارقٌ للعادةِ تَظهرُ على يَدِ المؤمنِ المستقيمِ بطاعةِ اللهِ. ويُحتمَلُ أنْ يكونَ مرادُ المؤلِّفِ بقولِهِ: "كراماتِهِم" ما يَشملُ معجزاتِ الأنبياءِ لأنَّهُ منْ حيثُ المعنى اللُّغَوِيُّ كرَامةٌ وإنْ كانَ يُخَصُّ بِاسمِ المعجزةِ ما يَحصلُ للأنبياءِ مِمَّا يَتَحَدَّوْنَ بهِ أُمَمَهُمُ الكافرينَ، فَلا يَمنعُ ذلكَ مِنْ إطلاقِ مِثْلِ هذهِ العبارةِ في هذا الموضعِ بالمعنى الشاملِ للأمرَيْنِ كما يُحتملُ أنْ يكونَ أرادَ بقولِهِ: "كراماتِهِم" الأولياءَ دونَ الأنبياءِ.