قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَنُثْبِتُ الخِلافَةَ بَعْدَ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ أَوَّلاً لأَبي بَكْرٍ الصّدِيقِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ تَفضِيلاً لَهُ وَتَقْدِيمًا عَلَى جَمِيع الأُمَّةِ ثُمَّ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ثُمَّ لِعُثْمَانَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ ثُمَّ لِعَلِيِّ بنِ أَبِي طَالِبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وَهُمُ الخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ وَالأَئِمَّةُ المُهْتَدُونَ.
الشرح أنه يُعْلَمُ منْ هذهِ العِبَارَةِ أنَّ أفضلَ أُمَّةِ مُحَمَّدٍ صلى الله عليه وسلم عندَ اللهِ أبو بَكْرٍ ثُمَّ عُمَرُ ثُمَّ عُثْمَانُ ثُمَّ عَلِيٌّ، أمَّا تفضيلُ أبي بَكْرٍ وعُمَرَ على مَنْ بعدهما فبإجماعِ أهلِ الحقِّ، وأمَّا تفضيلُ عُثمانَ على عَلِيٍّ فهوَ ما عليهِ أكثرُ أهلِ السُّنَّةِ، وقدْ خالفَ بعضُ أهلِ السُّنَّةِ في ذلكَ فقالَ لا نُفَضِّلُ هذا على هذا ولا هذا على هذا. وقوله "الخلفاءُ الرَّاشدونَ" ليس معناه حَصْرَ الخلافةِ الراشدةِ في الأربعةِ بَلِ الحسنُ بنُ عَلِيِّ داخِلٌ في الخِلافةِ الراشدةِ وكذلكَ عُمَرُ بنُ عبدِ العزيزِ يُسَمَّى خليفةً راشِدًا.
قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَإِنَّ العَشَرَةَ الذينَ سَمَّاهُمْ رَسُولُ اللهُ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وَبَشَّرَهُمْ بِالجَنَّةِ نَشْهَدُ لَهُمْ بِالجَنَّةِ عَلَى مَا شَهدَ لَهُمْ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَقَولُهُ الحَقُّ وَهُمْ أَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ وَعُثْمَانُ وَعَلِيٌّ وَطَلْحَةُ والزُّبَيرُ وَسَعْدٌ وَسَعِيدٌ وَعَبْدُ الرَّحْمنِ بنُ عَوْفٍ وأَبُو عُبَيْدَةَ بنُ الجَرَّاحِ وَهُوَ أَمِينُ هذِهِ الأُمَّةِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ أَجْمَعِينَ.
الشرح أننا نَشهَدُ بالجَنَّةِ للعَشَرَةِ الذينَ بَشَّرَهُمُ النَّبِيُّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ بالجَنَّةِ كمَا جاءَ ذلكَ في الحديثِ الذي رواهُ أبو داودَ وغيرُه. وسَعْدُ بنُ أَبِي وَقَّاصٍ واسْمُ أبي وقاص مالِك، وأما سَعِيدٌ فهو سَعِيدُ ابنُ زَيْدٍ، وأمَّا أبو عُبَيْدَةَ فَاسْمُهُ عامِرٌ.
قالَ المؤلِّف رحِمَه اللهُ: وَمَنْ أَحْسَنَ القَوْلَ في أَصْحَابِ رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ وَأَزْوَاجِهِ الطَّاهِراتِ مِنْ كُلِّ دَنَسٍ وَذُرِّيَّاتِهِ المقَدَّسِينَ مِن كُلِّ رِجْسٍ فَقَدْ بَرِىءَ مِنَ النِّفَاقِ.
الشرح أنَّ أزواجَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّمَ اللاتِي فُزْنَ بِعِشْرَتِهِ يجبُ تَعظيمُهُنَّ ومَحَبَّتُهُنَّ كمَا يجبُ مَحَبَّةُ الصَّحابةِ. والرِّجْسُ المذكُورُ في قولِهِ تعالى ﴿لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ البَيْتِ (33)﴾[سورة الأحزاب] هو الشِّركُ، والتَّقديسُ التَّطْهِيرُ. وهذا الفضلُ شاملٌ لأهلِ بيتِهِ عَلِيٍّ وفاطمةَ والحسنِ والحُسَينِ والعَبَّاسِ ونَحوِهِم، ولا يُتَوَهَّمُ أنَّ أهلَ البيتِ خاصٌّ بالذُّكُورِ بدليلِ قولِهِ تعالى: ﴿قَالُوا أَتَعْجَبِينَ مِنْ أَمْرِ اللهِ رَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكَاتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ البَيْتِ (73)﴾ [سورة هود] والخِطابُ في هذهِ الآيةِ إلى زوجةِ إبراهيمَ.