قالَ المؤلِّفُ رحِمَه اللهُ: وَنُؤمِنُ بِالبَعثِ وَجَزَاءِ الأَعْمَالِ يَوْمَ القِيَامَةِ وَالعَرْضِ والحِسَابِ وَقِرَاءَةِ الكِتَابِ والثَّوَابِ والعِقَابِ والصِّراطِ وَالمِيزَانِ.
الشرحُ أيْ يجبُ الإيمانُ بِمَا ذُكِرَ لأنَّ كلاًّ وردَ بهِ النَّصُّ الشرعيُّ، والبعثُ هو بعثُ اللهِ تعالى الموتَى منَ القبورِ.
وقولُهُ "وجزاءِ الأعمالِ" معناه يجب الإيمان بأن الإنسان يُجازى في دار البقاء على أعماله في الدنيا كما قال تعالى ﴿مَالِكِ يَوْمِ الدِّينِ(4)﴾[سورة الفاتحة] أي يومِ الجزاءِ وقد دلت الدلائل أنَّ الإيمانَ واجبٌ على التأبيد والكفرَ حرامٌ على التأبيد، ودلت الدلائل على أن جزاءهما يكون على التأبيد، وجُعلت الحياة الدنيا للعمل إلى الموت وجُعل الموت للنقل إلى الآخرة التي فيها يبعثون جميعًا للجزاء الوِفاق، ولو كان وقوع الجزاء المؤبَّد ابتداء في الدنيا لبطلت المـِحنة عن اختيار وكان الإيمان اضطرايًّا بالمعاينة للعذاب، وقد قام الدليل القطعي على أن الإيمان لا ينفع عند معاينة البأس.
وقولُهُ "يَومَ القيامةِ" لأنَّ الدُّنيا لا تَصلُحُ أنْ تكونَ دارَ الجزاءِ العامِّ لأنَّها جُعِلَتْ دارُ العملِ والآخِرةُ جُعلتْ دارُ الجزاءِ.
وقولُه "والعَرْضِ" أيِ العرضِ على أسرعِ الحاسبِينَ.
وقولُهُ "وقراءةِ الكتابِ" أيْ يُعْرَضُ كتابُ المرءِ يومَ القيامةِ الذي كَتَبَتْهُ الملائكةُ فيُقالُ لهُ اقرأْ كتابَكَ فيَرَى فيهِ أعمالَهُ.
وقولُه "والثوابِ والعِقابِ" تَضَمَّنَ معناه قولُه: "وجزاءِ الأعمالِ" وأُعيدَ تأكيدًا ومبالغةً.
وأما قولُه "والصِّراطِ" فلقولِهِ تعالى: ﴿وَإِنْ مِنْكُمْ إِلا وَارِدُهَا (71)﴾[سورة مريم]، ولِمَا ثَبَتَ عنْ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أنهُ يُضْرَبُ الصِّراطُ على مَتْنِ جَهَنَّمَ. وقَدِ اخْتُلِفَ في تفسيرِ الوُرودِ والصوابُ أنَّ الوُرودَ على وجهَينِ ورودُ دخولٍ ووُرودُ عُبورٍ، فوُرودُ الدُّخولِ للكُفَّارِ ولبعضِ عُصاةِ المسلِمِينَ ووُرودُ العبورِ للأتقياءِ.
وأَمَّا الإيمانُ بالميزانِ والوَزْنِ فلقولِهِ تعالى ﴿وَنَضَعُ المَوَازِينَ القِسْطَ لِيَوْمِ القِيَامَةِ (47)﴾ [سورة الأنبياء] وللأخبارِ الواردةِ في ذلكَ.