[163]- س: ما معنى النبوة؟
[164]- س: ما الفرقُ بينَ النبيّ والرَّسول؟
[165]- س: اذكر الصفاتِ الواجبةِ للأنبياءِ والمستحيلةَ عليهم.
[166]- س: ما تعريفُ المعجزة؟
[167]- س: اذكر قِسْمَي المُعجزة.
[168]- س: اذكر أمثلةً لمعجزاتٍ حَصَلتْ لأنبياءَ قبلَ سيدنا محمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
[169]- س: اذكر بعض معجزاتِ سيِّدنا محمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
[170]- س: اذكر الدليلَ على ثبوتِ معجزةِ الإسراءِ للرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
[171]- س: اذكر الدليلَ على ثبوتِ المعراجِ للرسول صلى الله عليه وسلم.
[172]- س: ما الرد على من قال: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [سورة النجم/13] يحتمل أن يكون رؤية منامية؟
[173]- س: تكلم عن رؤية الرسول ربه ليلة المعراج.
[174]- س: ما وجهُ دلالةِ المعجزةِ على صِدْقِ النبيّ؟
[175]- س: كيف يحصلُ العلمُ بالمعجزة؟.
[163]- س: ما معنى النبوة؟
ج: اشتِقاقُها من النَّبَإِ أي الخَبرِ لأنَّ النبوةَ إخبارٌ عنِ الله، أو من النبوةِ وهي الرفعةُ، فالنبيُّ على الأولِ فعِيلٌ بمعنى فاعلٍ لأنهُ يُخبرُ عن الله بما يُوحَى إليه، أو فعيلٌ بمعنى مفعولٍ أي مُخبِرٌ عن الله أي يُخبِرهُ الْمَلَكُ عن الله، فالنبوةُ جائزةٌ عقلًا ليست مُستحيلةً.
وإنَّ الله تعالى بعثَ الأنبياءَ رحمةً للعبادِ إذْ ليسَ في العقلِ ما يُستَغنى به عنهم لأنّ العقلَ لا يَسْتَقِلُّ بمعرفةِ الأشياءِ المنْجيةِ في الآخرةِ.
[164]- س: ما الفرقُ بينَ النبيّ والرَّسول؟
ج: اعلم أنَّ النبيَّ والرسولَ يشتركانِ في الوَحي، فكلٌّ قد أوْحى اللهُ إليهِ بشرعٍ يعملُ به لتبليغِهِ للناسِ.
غيرَ أنَّ الرسولَ يأتي بِنَسخِ بعضِ شرعِ مَن قبلَهُ أو بشرعٍ جديدٍ.
والنبيُّ غيرُ الرسولِ يُوحَى إليهِ ليتّبعَ شرعَ رسولٍ قبلَهُ ليُبلّغَهُ.
فلذلكَ قالَ العلماءُ: "كلُّ رسولٍ نبيٌّ وليسَ كلُّ نبيٍّ رسولًا".
ثمّ أيضًا يفترقانِ في أنَّ الرسالةَ يوصَفُ بها الْمَلَكُ والبشرُ، والنبوةُ لا تكونُ إَّلا في البشرِ، ولا يَصِحُّ قولُ بعضهم إنَّ النبيَّ لمْ يُؤمَرْ بالتَّبليغِ.
[165]- س: اذكر الصفاتِ الواجبةِ للأنبياءِ والمستحيلةَ عليهم.
ج: يجبُ للأنبياءِ الصِّدقُ ويستحيلُ عليهم الكذبُ، وتجبُ لهمُ الفطانةُ ويستحيلُ عليهمُ البَلادةُ والغَباوةُ، وتجبُ لهمُ الأمانةُ.
فالأنبياءُ سالِمونَ منَ الكُفرِ والكبائرِ وصغائرِ الخِسَّةِ وهذهِ هيَ العِصمةُ الواجبةُ لهم، ويستحيلُ عليهم الخيانةُ، ويجبُ لهم الصّيانةُ فيستحيلُ عليهم الرَّذالةُ والسَّفاهةُ والجُبنُ، وكلُّ ما يُنَفّر عنْ قُبولِ الدَّعوةِ مِنهُم، وكذلكَ يستحيلُ عليهم كلُّ مرَضٍ مُنَفّرٍ.
فمَن نسبَ إليهمُ الكذبَ أو الخيانةَ أو الرذالةَ أو السفاهةَ أو الجُبنَ أو نحوَ ذلك فقد كفرَ.
[166]- س: ما تعريفُ المعجزة؟
ج: اعلم أنّ السبيلَ إلى معرفةِ النبيّ المعجزةُ، وهيَ أمرٌ خارِقٌ للعادةِ يأتي على وَفْقِ دَعوى منِ ادّعَوا النبوة، سالِمٌ منَ المُعارضةِ بالمِثلِ.
فما كانَ منَ الأمورِ عجيبًا ولم يكن خارِقًا للعادةِ فليسَ بمعجزةٍ.
وكذلكَ ما كانَ خارقًا لكنه لم يقترن بدعوى النبوة كالخوارِقِ التي تظهرُ على أيدي الأولياءِ أتباعِ الأنبياءِ فإنَّهُ ليسَ بمُعجِزةٍ بل يُسَمَّى كرامةً.
وكذلكَ ليسَ منَ المعجزةِ ما يُستطاعُ معارضَتُهُ بالمثلِ كالسِّحرِ فإنهُ يُعارَضُ بسِحرٍ مثله.
[167]- س: اذكر قِسْمَي المُعجزة.
ج: المعجزةُ قِسمان:
قسمٌ يقعُ بعدَ اقتراحٍ منَ الناسِ على الذي ادَّعى النبوةَ.
وقسمٌ يقعُ من غيرِ اقتراحٍ.
فالأولُ: نحوُ ناقةِ صالحٍ التي خَرجت منَ الصخرةِ. اقترحَ قومُهُ عليهِ ذلكَ بقولهم: إنْ كنتَ نبيًّا مبعُوثًا إلينا لِنُؤمِنَ بكَ فأخرجْ لنا من هذهِ الصخرةِ ناقةً وفصيلَها فأخرجَ لهم ناقةً معَها فصيلها [أي ولدها] فاندهَشوا فآمنوا بهِ.
لأنهُ لوْ كانَ كاذِبًا في قولهِ إنَّ اللهَ أرسلهُ لم يأتِ بهذا الأمرِ العجيبِ الخارقِ للعادةِ الذي لم يستطع أحدٌ منَ الناسِ أن يعارضَهُ بمثلِ ما أتى به، فثَبَتت الحُجّةُ عليهم.
ولا يَسَعُهُم إلّا الإذعانُ والتَّصديقُ لأنَّ العقلَ يُوجِبُ تصديقَ من أتى بمثلِ هذا الأمرِ الذي لا يُستَطاعُ معارضتُهُ بالمثلِ مِن قِبَلِ المعارِضينَ.
فمن لم يُذعِنْ وعاندَ يُعَدُّ مُهْدِرًا لقيمةِ البُرهانِ العقليّ.
[168]- س: اذكر أمثلةً لمعجزاتٍ حَصَلتْ لأنبياءَ قبلَ سيدنا محمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
ج: من أمثلةِ المعجزاتِ التي حصلَتْ لمن قبلَ محمّد عدمُ تأثيرِ النَّارِ العظيمةِ على إبراهيمَ حيثُ لم تُحرِقهُ ولا ثيابهُ.
ومنها انقِلابُ عصا موسى ثُعبانًا حقيقيًّا ثم عودُها إلى حالتِها بعدَ أن اعترفَ السحرةُ الذينَ أحضرهُم فرعونُ لمعارضتِهِ وأذعنوا فآمنوا بالله وكفروا بفرعونَ واعترفوا لموسى بأنهُ صادِقٌ فيما جاءَ بهِ.
ومنها ما ظهرَ للمسيحِ من إحياءِ الموتى وذلكَ لا يُستطاعُ مُعارَضتهُ بالمثلِ فلم تستَطِعِ اليهودُ الذينَ كانوا مُولَعينَ بتكذيبهِ وحَريصينَ على الافتراءِ عليهِ أن يُعارِضوهُ بالمِثلِ.
وقد أتى أيضًا بعجيبةٍ أخرى عظيمةٍ وهي إبراءُ الأكمَهِ فلم يستطعْ أحدٌ من أهلِ عصرهِ معارضتهُ بالمِثلِ معَ تَوَفُّرِ الطِبّ في ذلكَ العصرِ.
فذلكَ دليلٌ على صِدْقِهِ في كلّ ما يُخبِرُ بهِ من وجوبِ عبادةِ الخالقِ وحدهُ من غيرِ إشراكٍ بهِ ووجوبِ متابعتِهِ في الأعمالِ التي يأمُرُهم بها.
[169]- س: اذكر بعض معجزاتِ سيِّدنا محمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
ج: أما سيِّدنا محمَّد صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فمِن مُعجِزاتِهِ صلَّى اللهُ عليهِ وعلى جميعِ إخوانِهِ الأنبياءِ:
1-حنينُ الجذعِ، وذلكَ أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم كانَ يستَنِدُ حينَ يخطبُ إلى جذعِ نخلٍ في مسجدهِ قبلَ أن يُعملَ لهُ المنبرُ، فلمَّا عُمِلَ لهُ المنبَرُ صعِدَ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم عليه فبدأ بالخُطبةِ وهو قائمٌ على المنبرِ فحَنَّ الجِذعُ حتى سَمِعَ حنينهُ مَنْ في المسجدِ، فنزلَ رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم فالتَزَمَهُ -أي ضَمَّهُ واعتَنَقهُ - فسَكَتَ.
2- ومن معجزاتهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إنطاقُ العَجْماءِ أي البهيمةِ. روى الإمامُ أحمد والبيهقيُّ بإسنادٍ صحيحٍ من حديثِ يعلى بنِ مُرَّةَ الثقفي قال: بينما نسيرُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم إذ مرَّ بنا بعيرٌ يُسنى عليه1 فلما رءاهُ البعيرُ جَرْجَرَ2 فوضعَ جِرانَهُ3 فوقفَ عليهِ النبيّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم، فقال: "أينَ صاحبُ هذا البعيرِ"؟ فجاءَهُ فقالَ: "بِعْنيهِ"، فقال: بل نَهبُهُ لكَ يا رسول الله وإنهُ لأهلِ بيتٍ ما لَهُمْ مَعيشةٌ غيرُهُ، فقال النبيُّ: "أمّا ما ذكرتَ من أمرِه فإنهُ شكا كثرةَ العملِ وقِلةَ العَلفِ فأحْسِنوا إليه".
3- ومِنها تَفَجُّرُ الماءِ من بينِ أصابِعِهِ بالمشاهدةِ في عدةِ مَواطِنَ في مشاهِدَ عظيمةٍ ورَدَتْ من طرُقٍ كثيرةٍ يُفيدُ مجموعُها العلمَ القطعيَّ المستفادَ من التواترِ المعنويّ4 ولم يحصُلْ لغير نبينا حيثُ نبعَ من عَظْمِهِ وعَصبهِ ولحمِهِ ودَمِهِ وهو أبْلغُ من تفجُّرِ المياهِ من الحجرِ الذي ضربهُ موسى لأنَّ خروجَ الماءِ من الحجارةِ معهودٌ بخلافهِ من بينِ اللحمِ والدمِ. رواهُ جابرٌ وأنسٌ وابنُ مسعودٍ وابنُ عباسٍ وأبو ليلى الأنصاريُّ وأبو رافعٍ.
وقد أخرجَ الشيخانِ من حديثِ أنسٍ بلفظ: "رأيتُ رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم وقد حانَتْ صلاةُ العصرِ والتَمَسَ الوَضُوءَ فلم يَجِدوهُ فأُتِيَ رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بوَضوءٍ5 فوضعَ يدَهُ في ذلكَ الإناءِ فأمرَ النَّاسَ أن يتوضَّؤوا فرأيتُ الماءَ ينبُعُ من بينِ أصابعهِ فتوضأ النَّاسُ حتى توضؤوا من عندِ ءاخرِهم". وفي روايةٍ للبخاري قال الرَّاوي لأنسٍ: كم كُنتم؟ قال: ثلاثمائةٍ.
4- ومن معجزاتهِ: ردُّ عينِ قتادةَ بعدَ انقلاعِها:
فقد روى البيهقيُّ في الدلائلِ عن قتادةَ بنِ النُّعمانِ أنهُ أصيبت عينُهُ يومَ بدرٍ فسالَتْ حَدَقتهُ على وَجْنَتِهِ فأرادوا أن يقطَعوها فسألوا رسول الله فقال: "لا"، فدعا بهِ فَغَمزَ حدقتهُ براحَتِهِ، فكانَ لا يدري أيُّ عينَيهِ أُصيبَتْ. اهـ.
5- ومن مُعجزاته تسبيحُ الطعامِ بينَ يده أخرجَ البخاريُّ من حديثِ ابنِ مسعودٍ قال: "كنَّا نأكلُ معَ النبيِّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم الطعامَ ونحنُ نسمَعُ تسبِيحَ الطَّعام". وهذه المعجزاتُ أعجبُ من إحياءِ الموتى الذي هو أحدُ معجزاتِ المسيحِ.
[170]- س: اذكر الدليلَ على ثبوتِ معجزةِ الإسراءِ للرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم.
ج: الإسراءُ ثبتَ بنصّ القرءانِ والحديثِ الصحيحِ فيجبُ الإيمانُ بأنه صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم أسرى الله به ليلًا من مكةَ إلى المسجدِ الأقصى.
فالإسراءُ قد جاءَ فيهِ قوله تعالى: ﴿سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِنَ المَسْجِدِ الحَرَامِ إِلَى المَسْجِدِ الأَقْصَا الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِن ءَايَاتِنا﴾ [سورة الإسراء/1].
[171]- س: اذكر الدليلَ على ثبوتِ المعراجِ للرسول صلى الله عليه وسلم.
ج: أمّا المِعراجُ فقدْ ثبتَ بنصّ الأحاديثِ. وأمَّا القرءانُ فلم ينُصَّ عليهِ نصًّا صريحًا لا يحتملُ تأويلًا لكنهُ وردَ فيهِ ما يكادُ يكونُ نصًّا صريحًا.
[172]- س: ما الرد على من قال: قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرَى﴾ [سورة النجم/13] يحتمل أن يكون رؤية منامية؟
ج: قلنا: هذا تأويلٌ ولا يَسُوغُ تأويلُ النصّ أي إخراجُهُ عن ظاهرهِ لغيرِ دليلٍ عقليّ قاطعٍ أو سَمْعيّ ثابتٍ كما قالهُ الرازيُّ في "المحْصولِ" وغيرُهُ من الأصوليينَ. وليسَ هنا دليلٌ على ذلك.
6وقد روى مسلمٌ عن أنس بن مالكٍ رضيَ اللهُ عنه أنَّ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قال: "أُتِيتُ بالبُراقِ وهوَ دابةٌ أبيضُ طويلٌ فوقَ الحِمارِ ودونَ البغلِ يضعُ حافِرهُ عندَ مُنتهى طرفِهِ7، قالَ: فرَكِبتُهُ حتى أتيتُ بيتَ المَقدسِ فربطتهُ بالحلَقَةِ التي يربِطُ بها الأنبياءُ، قال: ثم دخلتُ المسجدَ فصليتُ فيهِ ركعتَين، ثم خرجتُ فجاءَني جبريلُ عليه السلام بإناءٍ من خمرٍ8 وإناءٍ من لبنٍ9 فاختَرتُ اللبنَ، فقالَ جبريلُ عليه السلامُ: "اخترتَ الفِطرةَ10 قال: ثمّ عرجَ بنا إلى السماء..."، إلى ءاخرِ الحديثِ.
وفي الحديثِ دليلٌ على أنَّ الإسراءَ والمعراجَ كانا في ليلةٍ واحدةٍ برُوحهِ وجسَدِهِ يقظةً إذْ لم يَقُلْ أحدٌ إنهُ وصلَ إلى بيتِ المقدسِ ثمَّ نامَ.
[173]- س: تكلم عن رؤية الرسول ربه ليلة المعراج.
ج: رُؤيةُ النبي لربّهِ ليلةَ المعراجِ فقد روى الطبرانيُّ في المُعجَمِ الأوسطِ بإسنادٍ قويّ كما قالَ الحافظُ ابن حجر عن ابن عبَّاسٍ رضِيَ اللهُ عنهما: "رأَى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ مَرَّتَين".
وروى ابن خزيمةَ بإسنادٍ قولّ: "رأى مُحَمَّدٌ رَبَّهُ".
والمرادُ أنهُ رءاهُ بقلبهِ بدليلِ حدِيثِ مسلمٍ من طريق أبي العاليةِ عن ابن عبَّاسٍ في قوله تعالى: ﴿مَا كَذَبَ الفُؤَادُ مَا رَأَى (11) أفَتُمَارُونَهُ عَلَى مَا يَرى (12) وَلَقَدْ رَءَاهُ نَزْلَةً أُخْرِى﴾ [سورة النجم/13]، قال: "رَأَى رَبَّهُ بِفُؤَادِهِ مَرَّتين".
تنبيهٌ: قالَ الغزاليُّ في إحياءِ علومِ الدينِ: "الصَّحِيحُ أنَّ النبيَّ لم يرَ ربَّهُ ليلةَ المعراجِ"، ومرادُهُ أنه لم يرَهُ بعينِهِ إذ لم يثبت أنَّ النبيَّ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم قالَ رأيتُهُ بعيني ولا أنَّ أحدًا من الصَّحابةِ أو التابعينَ أو أتباعِهم قال: رَءَاهُ بعَيْنَي رأسِهِ.
[174]- س: ما وجهُ دلالةِ المعجزةِ على صِدْقِ النبيّ؟
ج: الأمرُ الخارقُ الذي يَظهرُ على يدِ من ادَّعَوا النبوةَ مع التحدي مع عدمِ معارضتهِ بالمثلِ نازِلٌ منزلةَ قولِ الله: صدقَ عبدي في كُلّ ما يُبَلّغُ عنّي، أو لولا أنهُ صادقٌ في دَعْواهُ لما أظْهَرَ الله لهُ هذه المعجزة، فكأنَّ الله تعالى قالَ صدقَ عبدي هذا الذي ادّعى النبوةَ في دعواهُ لأني أظهرتُ لهُ هذه المعجزة، لأنَّ الذي يُصَدّقُ الكاذِبَ كاذبٌ، والله يستحيلُ عليهِ الكذب. فدلَّ ذلكَ على أنَّ الله إنما خلقهُ لتصديقهِ، إذْ كلُّ عاقلٍ يعلمُ أنَّ إحياءَ الموتى وقلبَ العصا ثُعبانًا وإخراجَ ناقةٍ من صخرةٍ صمَّاءَ ليسَ بمُعتادٍ.
[175]- س: كيف يحصلُ العلمُ بالمعجزة؟.
ج: العلمُ بالمعجزاتِ يحصلُ:
بالمشاهدةِ لمن شاهَدوها، وببلوغِ خبرها بطريقِ التواترِ في حقّ من لم يشهَدها، وذلكَ كعِلمنا بالبلدانِ النابئةِ والحوادثِ التاريخيةِ الثابتةِ الواقعةِ لمن قبلنا من الملوكِ والأمم، والخبرُ المُتواترُ يقومُ مقامَ المشاهدةِ، فوجبَ الإذعانُ لمن أتى بها عقلاً كما أنهُ واجبٌ شرعًا.