[16]- س: اذكر علماء من المذاهب الأربعةِ قسّموا الكفرَ إلى ثلاثةِ أقسام.
[17]- س: اذكر أمثلةً للكفر الاعتقادي.
[18]- س: اذكرْ أمثلةً للكفر الفعلي.
[19]- س: اذكر أمثلةً للكفرِ القولي.
[20]- س: ما المرادُ بالبيَعِ والصلواتِ في قولهِ تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ [سورة الحج/40]؟
[21]- س: ما حكمُ من نقلَ الكفرَ عن غيرهِ؟
[22]- س: اذكر أربعَ حالاتٍ مستثناة من الكفرِ اللفظي.
[23]- س: اذكر من ذكرَ كفرَ الفلاسفةِ القائلينَ بأزلية العالم.
[24]- س: اذكر القاعدة في اللفظ الصَّريح والظَّاهر.
[25]- س: اذكر بطلانَ قولِ من يقول إذا كانَ للكلمةِ تسعةٌ وتسعون قولاً بالتكفير وقولٌ واحدٌ بتركه أخذ بتركه.
[26]- س: هل تحصل معصيةٌ كبيرةٌ من الولي؟
[27]- س: بيّن إثبات الإمام أبي الحسن الأشعري بعصيان طلحة والزبير وعائشة وماذا قال في مقاتلي علي من أهل وقعة الجمل ومن أهل صفين.
[28]- س: اذكر قولَ إمام الحرمين الجويني في حكم من نطقَ بكلمة الردة الصريحة وأنه لا يؤول اللفظ الصريح في الكفر.
[29]- س: اذكر اسم فقيه حنفي عدّ أشياء كثيرة من ألفاظ الرّدّة للتحذير.
[30]- س: اذكر بعض الأحاديث الدالة على أهمية حفظ اللسان.
[31]- س: ما حكمُ من أتى بإحدى أنواعِ الكفرياتِ؟
[32]- س: ما حكمُ قولِ الكافرِ أستغفرُ الله قبلَ التشهد؟
[33]- س: اذكر الحديث الدالَّ على أن الكافرَ لا يقولُ أستغفر الله حتى يُسلِم.
[34]- س: ما حكمُ عَيشِ رجلٍ مرتدٍ مع امرأةٍ بصورة الزواج؟
[35]- س: ما هُوَ كفرُ التشيبه؟
[36]- س: ما هوَ كفرُ التكذيب؟
[37]- س: ما هوَ كفرُ التعطيل؟
[38]- س: ما حكمُ من يشبهُ الله بخلقهِ، وما السبيلُ إلى صرفِ التشبيهِ؟
[39]- س: اذكر كلام الغزالي في تنزيه الله تعالى.
[40]- س: ما هو الكلامُ الذي عابَهُ السلفُ الصّالحون؟
[41]- س: كيفَ نقي أنفسنا وأهلينا منَ النار؟
[16]- س: اذكر علماء من المذاهب الأربعةِ قسّموا الكفرَ إلى ثلاثةِ أقسام.
ج: اعلم يا أخي المسلم أن هناكَ اعتقاداتٍ وأفعالًا وأقوالًا تنقضُ الشهادتين وتوقِعُ في الكفرِ لأنَّ الكفر ثلاثة أنواع: كفرٌ اعتقاديٌّ وكفرٌ فعليٌّ وكفرٌ لفظيٌّ وذلك باتفاق المذاهب الأربعة كالنووي وابن المُقري من الشافعية وابن عابدين من الحنفية والبُهُوتي من الحنابلة والشيخ محمد عِلّيش من المالكية وغيرهم فلينظرها من شاءَ. وكذلك غيرُ علماءِ المذاهب الأربعةِ من المجتهدين الماضينَ كالأوزاعي فإنه كان مجتهدًا له مذهبٌ كان يُعمَلُ به ثم انقرضَ أتباعُهُ.
[17]- س: اذكر أمثلةً للكفر الاعتقادي.
ج: الكفرُ الاعتقادي: مكانُهُ القلبُ كنفيِ صفةٍ من صفاتِ الله تعالى الواجبةِ له إجماعًا كوجودهِ وكونهِ قادرًا وكونِهِ سميعًا بصيرًا أو اعتقادِ أنه نورٌ بمعنى الضوءِ أو أنه روحُ.
قال الشيخ عبدُ الغني النابلسي:" مَن اعتقدَ أنَّ اللهَ مَلأ السَّموات والأرضَ أو أنَّه جسمٌ قاعدٌ فوقَ العرشِ فهوَ كافِرٌ وإن زعمَ أنَّه مسلم".
[18]- س: اذكرْ أمثلةً للكفر الفعلي.
ج: الكفرُ الفعليُّ: كإلقاءِ المصحفِ في القاذوراتِ قال ابنُ عابدين: ولو لم يقصد الاستخفافَ، لأنَّ فعلَه يدلُّ على الاستخفافِ. أو أوراقِ العلومِ الشرعيةِ، أو أيّ ورقةٍ عليها اسمٌ من أسماءِ الله تعالى معَ العلمِ بوجودِ الاسمِ فيها، ومن عَلَّقَ شِعارَ الكفرِ على نفسه من غير ضرورةٍ فإن كان بنيةِ التبركِ أو التعظيمِ أو الاستحلالِ كان مُرتدًا.
[19]- س: اذكر أمثلةً للكفرِ القولي.
ج: الكفرُ القوليُّ: كمن يشتم الله تعالى بقوله والعياذُ بالله من الكفر: أختَ ربك، أو ابنَ الله، يقعُ الكفر هنا ولو لم يعتقد أن لله أختًا أو ابنًا.
ولو نادى مسلمٌ ءاخرَ بقوله: يا كافرُ بلا تأويلٍ كفرَ القائلُ لأنه سمّى الإسلامَ كفرًا، ويكفرُ من
يقولُ للمسلمِ يا يهوديُّ أو أمثالها منَ العباراتِ بنيةِ أنهُ ليسَ بمسلمٍ إلّا إذا قصد أنهُ يشبهُ اليهود فَلا يكفر.
ولو قالَ شخصٌ لزوجتهِ [أنتِ أحبّ إليّ من الله] أو [أعبُدك] كفرَ إن كان يفهم منها العبادةَ التي هي خاصة لله تعالى.
ولو قالَ شخصٌ لآخر [الله يظلمك كما ظلمتني] كفرَ القائلُ لأنه نسبَ الظلم إلى الله تعالى، إلّا إذا كانَ يفهمُ أن معنى يظلمك ينتقم منك فلا نكفّره بل ننهاه.
ولو قالَ شخصٌ لشخصٍ ءاخر والعياذُ بالله [فلان زاح ربي] لأن هذا فيه نسبةُ الحركةِ والمكانِ لله.
وكذلك يكفرُ من نسبَ إلى الله جارحةً من الجوارح كقول بعض السفهاء [يا زبّ الله] وهو لفظٌ صريح في الكفر لا يُقبَلُ فيه التأويل.
وكذلك يكفرُ من يقولُ [أنا ربُّ من عملَ كذا].
وكذلكَ يكفرُ من يقولُ والعياذ بالله: [خَوَتْ 1 ربي] .
أو قالَ للكافر [الله يكرمُك] بقصدِ أن يحبه الله كفر لأن الله تعالى لا يحب الكافرين كما قال تعالى: ﴿فَإِنْ تَوَلَّوْاْ فَإِنَّ اللهَ لَا يَحِبُّ الكَافِرِين﴾ [سورة ءال عمران/32].
وكذلك القولُ للكافر [الله يغفر لك] إن قصد أن الله تعالى يغفرُ له وهو على كفرِهِ إلى الموتِ.
ويكفرُ من يستعملُ كلمةَ الخلقِ مضافةً للناسِ في الموضعِ الذي تكونُ فيه بمعنى الإبرازِ من العدمِ إلى الوجودِ كأن يقول شخصٌ ما: [أخلقُ لي كذا كما خَلَقَك الله].
ويكفرُ من يشتمُ عزرائيل عليه السَّلام كما قال ابنُ فرحُون المالكي في "تبصرة الحُكّام"، أو أيَّ ملكٍ من الملائكةِ عليهم السَّلام.
وكذلكَ من يقولُ [أنا عايف الله] أي كرهتُ الله.
ويكفرُ من يقولُ: "يلعن سماء ربك"، لأنه استخفَّ بالله تعالى.
وكذلك من يُسمّي المعابِدَ الدينية للكفار [بيوت الله]
وكذلك من حدّث حديثًا كذبًا وهو يعلمُ أنه كذبٌ فقال: [الله شهيدٌ على ما أقولُ] لأنه نسب الجهل إلى الله تعالى.
ويكفرُ من يقولُ معممًا كلامهُ: [الكلبُ أحسنُ من بني ءادم] لأنه تكذيب لقوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي ءَادَمَ﴾ [سورة الإسراء/70].
وكذلك يكفر من يقول [العرب جرب] مع التعميم وبدون قرينة حال لأن كلامه هذا شمل الأنبياء وغيرهم.
وهناكَ بعضُ الشعراء والكتّابِ يكتبُ كلماتِ كفرية كما كتب أحدهم [هربَ الله] فهذا من سوء الأدبِ مع الله الموقع في الكفرِ وقد قال القاضي عياض المالكي في كتابه الشفا: "لا خلاف أن سابّ الله تعالى من المسلمينَ كافرٌ" اهـ.
وسوءُ الأدبِ مع الرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم بالاستهزاءِ بحالٍ من
أحواله أو بعملٍ من أعمالهِ كفرٌ.
والاستهزاءُ بما كُتبَ فيه شئٌ من القرءان الكريم، أو الأنبياء عليهمُ السَّلام، أو بشعائر الإسلامِ أو بحكمٍ من أحكامِ الله تعالى كفرٌ قطعًا.
وكذلكَ استحسانُ الكفرِ من غيرهِ كفرٌ لأنّ الرضى بالكفرِ كفرٌ.
[20]- س: ما المرادُ بالبيَعِ والصلواتِ في قولهِ تعالى: ﴿وَلَوْلَا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لّهُدِّمَتْ صَوَامِعُ وَبِيَعٌ وَصَلوَاتٌ وَمَسَاجِدُ﴾ [سورة الحج/40]؟
ج: المرادُ به معابدُ اليهودِ والنصارى لمّا كانوا على الإسلامِ لأنها كمساجدِ أمةِ محمّد حيثُ إنّ الكلّ بُني لتوحيد الله وتمجيدهِ لَا لعبادةِ غير الله فقد سمّى الله المسجد الأقصى مسجدًا وهو ليسَ من بناءِ أمَّةِ محمَّد. فليَتَّقِ الله امرؤٌ وليَحذر أن يسميَ ما بُنيَ للشركِ بيوتَ الله ومن لم يتقّ الله قال ما شاء.
[21]- س: ما حكمُ من نقلَ الكفرَ عن غيرهِ؟
ج: لا يكفرُ من نقل [كتابة أو قولًا] عن غيرهِ كفرية حصلت منه من غير استحسانٍ لها بقوله: قال فلان كذا، ولو أخَّرَ صيغةَ قال إلى ءاخرِ الجملةِ فيشترطُ أن يكونَ في نيتِهِ ذكر أداةِ الحكايةِ مؤخرة عن الابتداءِ.
[22]- س: اذكر أربعَ حالاتٍ مستثناة من الكفرِ اللفظي.
ج: يُستَثنى من الكفر اللفظي:
* حالةُ سبقِ اللسانِ: أي أن يتكلمَ بشئٍ من ذلكَ من غير إرادةٍ بل جرى على لسانِهِ ولم يقصدْ أن يقولهُ بالمرةِ.
* وحالةُ غيبوبة العقل: أي عدمِ صحو العقلِ وذلك لارتفاعِ التكليفِ عنه حينذاك.
* وحالةُ الإكراهِ: فمن نطقَ بالكفرِ بلسانهِ مُكرهًا بالقتلِ ونحوهِ وقلبُهُ مطمئنٌّ بالإيمانِ فلا يكفرُ قال تعالى: ﴿مَن كَفَرَ بِاللهِ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِهِ إلّا مَن أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالِإيَمانِ وَلَكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللهِ﴾ الآية [سورة النحل/106].
* وحالةُ الحكايةِ لكفرِ الغَيرِ: فلا يكفر الحاكي كُفرَ غيرهِ على غير وجه الرّضى والاستحسان، ومستندُنا في استثناءِ مسئلةِ الحكايةِ قولُ الله تعالى: ﴿وَقَالَتِ اليَهُودُ عُزَيْرٌ ابنُ اللهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى المَسِيحُ ابْنُ اللهِ﴾ [سورة التوبة/30]، ﴿وَقَالَتِ اليَهُودُ يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ﴾ الآية [سورة المائدة/64].
ثم الحكاية المانِعةُ لكفرِ حاكي الكفرِ إمّا أن تكونَ في أولِ الكلمةِ التي يحكيها عمّن تكلم بكفرٍ، أو بعدَ ذكره الكلمة عقبَها وقد كان ناويًا أن يأتي بأداةِ الحكايةِ قبلَ أن يقولَ كلمةَ الكفرِ، فلو قال: المسيحُ ابنُ الله قولُ النصارى، أو قالته النصارى فهي حكايةٌ مانعة للكفرِ عن الحاكي.
[23]- س: اذكر من ذكرَ كفرَ الفلاسفةِ القائلينَ بأزلية العالم.
ج: أجمع المسلمونَ على تكفيرِ الفلاسفةِ القائلينَ بأزليةِ العالم كما ذكر ذلك المحدث الفقيه الأصولي بدرُ الدين الزركشي في شرح جمع الجوامع فإنه قال بعد أن ذكرَ الفريقين منهُم الفريفَ القائل بأزليةِ العالم بمادته وصورته والفريقَ القائلَ بأزليةِ العالم بمادتهِ أي
بجنسه فقط ما نصّه: "اتفق المسلمون على تضليلهم وتكفيرِهم".
[24]- س: اذكر القاعدة في اللفظ الصَّريح والظَّاهر.
ج: قاعدة: اللفظُ الذي له معنيانِ أحدُهما نوعٌ من أنواع الكفر والآخر ليسَ كفرًا وكان المعنى الذي هو كفرٌ ظاهرًا لكن ليسَ صريحًا لا يُكفّر قائلهُ حتى يُعرَفَ منه أيّ المعنيينِ أرادَ، فإن قال أردتُ المعنى الكفريّ حُكِمَ عليه بالكفرِ وأجريّ عليه أحكامُ الردةِ وإلّا فلا يكحمُ عليهِ بالكفرِ، وكذلكَ إن كانَ اللفظُ له معانٍ كثيرةً وكانَ كلُّ معانيهِ كفرًا وكانَ معنًى واحدٌ منها غيرَ كفر لا يكفّر إلّا أن يُعرفَ منه إرادةُ المعنى الكفريّ وهذا هو الذي ذكرهُ بعضُ العلماءِ الحنفيينَ في كتبهم.
[25]- س: اذكر بطلانَ قولِ من يقول إذا كانَ للكلمةِ تسعةٌ وتسعون قولاً بالتكفير وقولٌ واحدٌ بتركه أخذ بتركه.
ج: أما ما يقوله بعضُ الناسِ من أنه إذا كان للكلمةِ تسعةٌ وتسعون قولًا بالتكفير وقول واحدٌ بتركِ التكفير أخِذَ بتركِ التكفير فلَا معنى له، ولا يصحُّ نسبة ذلك إلى مالكٍ ولا إلى أبي حنيفة كما نسب سيدُ سابق شبه ذلك إلى مالك، وهو شائعٌ على ألسنةِ بعض العصريين فليتَّقوا الله.
[26]- س: هل تحصل معصيةٌ كبيرةٌ من الولي؟
ج: قد تحصلُ من الولي معصية كبيرة قبل موتهِ بقليلٍ لكن لَا يموت إَّلا وقد تابَ كطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما فإنهما خرجا على أمير المؤمنين عليّ رضي الله عنه بوقوفهما مع الذينَ قاتلوه في البصرة فذكّر عليّ كُلاًّ منهما حديثًا، أما الزبير فقال له: ألم يقُل لك رسول الله "إنك لتقاتلنَّ عليًّا وأنت ظالمٌ له" فقال نسيتُ، فذهب منصرفًا عن قتاله ثم لحقه في طريقه رجلٌ من جيش عليّ فقتله، فتابَ الزبير بتذكير عليٍّ له فلم يمُت إلّا تائبًا. وأما طلحة فقال له عليّ: ألم يقل رسول الله صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم "مَن كنتُ مولاهُ فعليٌّ مولاهُ" فذهبَ منصرفًا فضربه مروان بنُ الحكمِ فقتلهُ. وهو أيضًا تابَ وندمَ عند ذكرِ عليٍّ لهُ هذا الحديث، فكل منهما ما ماتَ إلّا تائبًا، وكِلا الحديثَين صحيحٌ بل الحديث الثاني متواتر.
[27]- س: بيّن إثبات الإمام أبي الحسن الأشعري بعصيان طلحة والزبير وعائشة وماذا قال في مقاتلي علي من أهل وقعة الجمل ومن أهل صفين.
ج: ذكرَ الإمام أبو الحسن الأشعري أن طلحة والزبير مغفورٌ لهُما لأجلِ البشارةِ التي بشّرَهُما رسول الله بها مع ثمانيةٍ ءاخرين في مجلس واحد فهذا من الإمام أبي الحسن الأشعري إثباتٌ أنهما أثِما. وكذلكَ قال في حق عائشةَ لأجلِ أنها مبشرة أيضًا وكانت نَدِمَت ندمًا شديدًا من وقوفها في المقاتلين لعليٍّ حتى كانت لمّا تذكُر سيرها إلى البصرة ووقوفها مع المقاتلين لعلي تبكي بكاءً شديدًا يبتلُّ من دموعها خمارها، وهذا متواترٌ أيضًا. وقال في غيرهما من مقاتلي عليّ من أهل وقعة الجمل ومن أهل صفين الذين قالتوا مع معاوية عليًّا "مجوَّز غفرانه والعفو عنه" كما نقل ذلك الإمامُ أبو بكر بن فورك عن أبي الحسن الأشعري في كتابه مجرد مقالات الأشعري، وابن فورك تلميذ تلميذ أبي الحسن الأشعري وهو أبو الحسن الباهلي رضي الله عنهم. وما يظنُّ بعض الجهلة من أنّ الولي لا يقعُ في معصيةٍ فهو جهلٌ فظيع فهؤلاء الثلاثة طلحة والزبير وعائشة من أكابر الأولياء.
[28]- س: اذكر قولَ إمام الحرمين الجويني في حكم من نطقَ بكلمة الردة الصريحة وأنه لا يؤول اللفظ الصريح في الكفر.
ج: قال إمام الحرمين الجويني: "اتفق الأصوليون على أنّ من نطقَ بكلمة الردة -أي الكفر- وزعم أنه أضمر توريةً [أي أنه أراد به معنًى بعيدًا عن المعنى المتبادر من الكلمة] كُفّر ظاهرًا وباطنًا" وأقرهم على ذلك، أي فلا ينفعه التأويل البعيد ولا يقبل منه كالذي يقول: [يلعن رسول الله] ويقول قصدي برسول الله الصواعق.
[29]- س: اذكر اسم فقيه حنفي عدّ أشياء كثيرة من ألفاظ الرّدّة للتحذير.
ج: عدّ كثيرٌ من الفقهاء كالفقيه الحنفي بدر الرشيد وهوَ قريبٌ منَ القرنِ الثامنِ الهجريّ أشياءَ كثيرةً فينبغي الاطلاعُ عليها "فإنَّ منْ لم يعرفِ الشرّ يقع فيهِ فليحذر".
[30]- س: اذكر بعض الأحاديث الدالة على أهمية حفظ اللسان.
ج: ثبتَ عنْ أحدِ الصحابةِ أنهُ أخذَ لسنَهُ وخاطبَهُ: "يا لسانُ قُلْ خيرًا تَغنَمْ، واسْكُتْ عن شرّ تَسْلَمْ من قبلِ أن تَندم، إنّي سمعتُ رسول الله صلّى اللهُ عليهِ وسلَّم يقولُ: "أكثرُ خطايا ابنِ ءادمَ من لسانِهِ"، رواه الطبراني بإسنادٍ صحيح من حديثِ عبدِ الله بن مسعود، ومن هذهِ الخطايا الكفرُ والكبائرُ.
وفي حديثٍ ءاخرَ للرسولِ صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم: "إنَّ العبدَ ليتكلَّمُ بالكلِمَةِ ما يتبيّنُ 2 فيها يهوِي بِها في النَّارِ أبعدَ مِمَّا بينَ المشرِقِ والمَغرِبِ" رواهُ البخاريُّ ومسلمٌ من حديث أبي هريرة.
ومعنى الحديث أن الإنسان قد يتكلم بكلمةٍ لَا يَرى أنَّ فيها ذنبًا ولَا يَرَاها ضارَّة لهُ يستوجبُ بها النزولَ إلى قعرِ جهنَّم كما تدل على ذلك رواية الترمذي من غير فرق بين أن يكون منشرح البال أو غير منشرح.
[31]- س: ما حكمُ من أتى بإحدى أنواعِ الكفرياتِ؟
ج: حكمُ من يأتي بإحدى أنواع الكُفريات هو أن تَحْبَطَ أعمالُهُ الصالحةُ وحسناتُهُ جميعُها، فلا تُحسَبُ له ذرةٌ من حسنةٍ كانَ سبقَ لهُ أن عملها من صدقةٍ أو حجّ أو صيام أو صلاةٍ ونحوها إنَّما تُحسَبُ له الحسناتُ الجديدةُ التي يقومُ بها بعدَ تجديدِ إيمانهِ قال تعالى: ﴿وَمَن يَكْفُرْ بِالِإيَمانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ﴾ [سورة المائدة/5].
[32]- س: ما حكمُ قولِ الكافرِ أستغفرُ الله قبلَ التشهد؟
ج: إذا قالَ من وقع في كفر أستغفرُ الله قبلَ أن يُجددَ إيمانه بقولهِ أشهد أن لَا إلَهَ إلّا اللُه وأشهدُ أنَّ محمَّدًا رسولُ الله وهو على حالتِهِ هذهِ فلا يزيدُهُ قولُه أستغفرُ الله إلّا إثْمًا وكُفرًا لأنهُ يكذبُ قولَ الله تعالى: ﴿إنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَصَدُّواْ عَن سَبِيلِ اللهِ ثُمَّ مَاتُواْ وَهُمْ كُفّارٌ فَلَن يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ﴾ [سورة محمَّد/34]، وقوله تعالى: ﴿إِنّ الَّذِينَ كَفَرُواْ وَظَلَمُواْ لَمْ يَكُنِ اللهُ لِيَغْفِرَ لَهُمْ وَلَا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقًا (16) إلّا طَرِيقَ جّهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا﴾ [سورة النساء/169].
[33]- س: اذكر الحديث الدالَّ على أن الكافرَ لا يقولُ أستغفر الله حتى يُسلِم.
ج: روى ابن حبانَ عن عِمران بن الحُصين: أتى رسول الله رجلٌ فقال يا محمَّد، عبدُ المطلب خيرٌ لقومِهِ منك كان يُطعمهم الكبد والسّنام وأنت تنحرهم فقال رسولُ الله ما شاء الله -معناه رد عليه-، فلما أرادَ أن ينصرفَ قالَ: ما أقولُ، قال: "قل اللهم قِني شرَّ نفسي واعزِم لي على أرْشَدِ أمري" فانطلق الرجلُ ولم يكن أسلمَ ثم قال لرسول الله إني أتيتُكَ فقلتُ علّمني فقلتَ: "قُل اللهم قني شرَّ نفسي واعزِمْ لي على أرْشَدِ أمري" فما أقولُ الآن حينَ أسلَمْتُ قال: "قل اللهمّ قني شرّ نفسي واعزم لي على أرشدِ أمري اللهمّ اغفر لي ما أسررتُ وما أعلنتُ وما عَمَدتُ وما أخطأتُ وما جَهِلتُ".
[34]- س: ما حكمُ عَيشِ رجلٍ مرتدٍ مع امرأةٍ بصورة الزواج؟
ج: من أحكام الردةِ أن ينفسِخَ نكاحُ زوجتِهِ أي عقدُ الزواج الشرعي فتكونُ العلاقةُ بين الزوجينِ بعد كفرهِ علاقةً غيرَ شرعيةٍ فجماعُهُ لها زنى، ولا فرقَ بين أن يكفرَ الزوج وبين أن تكفرَ الزوجة.
[35]- س: ما هُوَ كفرُ التشيبه؟
ج: التشبيهُ: أي تشبيهُ الله بخلقِهِ كمن يصفُه بالحدوثِ أو الفناءِ أو الجسمِ أو اللونِ أو الشكلِ أو الكميةِ أي مقدارِ الحجم، أما ما ورد في الحديثِ "إن الله جميل" فليسَ معناهُ جميلَ الشكلِ وإنما معناه جميلُ الصفاتِ أو محسنٌ.
[36]- س: ما هوَ كفرُ التكذيب؟
ج: التكذيبُ: أي تكذيبُ ما وردَ في القرءان الكريم أو ما جاء به الرسول صلَّى اللهُ عليهِ وسلَّم على وجهٍ ثابتٍ وكان مما عُلِمَ من الدَّينِ بالضرورةِ كاعتقادِ فناءِ الجنَّةِ والنَّارِ، أو أن الجنَّةَ لذاتٌ غيرُ حسيةٍ، وأن النارَ ءالامٌ معنويةٌ، أو إنكارِ بعثِ الأجسادِ والأرواحِ معًا، أو إنكارِ وجوبِ الصَّلاةِ أو الصِّيامِ أو الزَّكاةِ، أو اعتقادِ تحريم الطلاقِ أو تحليلِ الخمر وغير ذلك مما ثبتَ بالقطعِ وظهرَ بين المسلمين.
وهذا بخلافِ من يعتقدُ بوجوبِ الصلاة عليهِ مثلاً لكنه لا يصلي فإنه يكونُ عاصيًا لا كافرًا كمن يعتقد عدمَ وجوبها عليهِ.
[37]- س: ما هوَ كفرُ التعطيل؟
ج: التعطيل: أي نفيُ وجودِ الله وهو أشدُّ الكفرِ.
[38]- س: ما حكمُ من يشبهُ الله بخلقهِ، وما السبيلُ إلى صرفِ التشبيهِ؟
ج: حكمُ من يُشبّه الله تعالى بخلقهِ التكفيرُ قطعًا.
والسبيلُ إلى صرفِ التشبيهِ اتباعُ هذهِ القاعدةِ القاطعةِ وهي قول ذي النون المصري: "مهما تصورت ببالك فالله بخلافِ ذلك" وهيَ مُجمَعٌ عليها عندَ أهلِ الحقّ، وهي مأخوذةٌ من قوله تعالى: ﴿لَيْسَ كَمٍثْلِهِ شَئٌ﴾ [سورة الشورى/11].
ومُلاحظةُ ما رُويَ عن الصدّيقِ [شعرٌ من البسيط]
العَجْزُ عن دركِ الإدراكِ إدراكُ *** والبحثُ عن ذاتِهِ كُفرٌ وإشراكُ 3
وقولُ بعض العلماء: لا يعرفُ الله على الحقيقةِ إلّا الله تعالى.
ومعرفتنا بالله تعالى ليست على سبيل الإحاطةِ بلْ بمعرفةِ ما يجبُ لله تعالى كوجوبِ القِدَمِ لهُ، وتنزيههِ عمّا يَستحيلُ عليه تعالى كاستِحالةِ الشريكِ لهُ وما يجوزُ في حقهِ تعالى كخلقِ شئٍ وتركِهِ.
قال الإمام الرفاعيُّ: "غايةُ المعرفةِ بالله الإيقانُ بوجودهِ تعالى بلا كيفٍ ولا مكان".
[39]- س: اذكر كلام الغزالي في تنزيه الله تعالى.
ج: قالَ الغزاليُّ في إحياءِ علوم الدّين "إنه [أي الله] أزلي ليس لوجودهِ أولٌ وليسَ لوجودهِ ءاخر. وإنه ليسَ بجوهر يتحيَّزُ بل يتَعالى ويتقدَّسُ عن مناسبةِ الحوادثِ، وإنه ليس بجسم مُؤلفٍ من جواهر، ولو جازَ أن يُعتقدَ أنَّ صانعَ العالَم جسمٌ لجازَ أن تُعتَقَدَ الألوهيةُ للشمسِ والقمرِ أو لشئٍ ءاخرَ من أقسامِ الأجسامِ فإذًا لا يُشبهُ شيئًا ولا يُشبهُهُ شئٌ بل هوَ الحيُّ القيومُ الذي ليس كمثله شئ وأنَّى يُشبه المَخلوقُ خالقَهُ والمُقدَّرُ 4 مُقدّرَه والمصوَّرُ مُصَوّرَهُ".
[40]- س: ما هو الكلامُ الذي عابَهُ السلفُ الصّالحون؟
ج: عابَ السلفُ كلام المُبتدعةِ في الاعتقادِ كالمشبهةِ والمعتزلةِ والخوارجِ والمرجئة وسائرِ الفرقِ التي شذت عما كان عليه الرسولُ والصحابةُ، الذين افترقوا إلى اثنتينِ وسبعينَ فرقة كما أخبرَ الرسولُ بذلك في حديثهِ الصحيح الثابتِ الذي رواهُ ابنُ حبانَ بإسنادهِ إلى معاوية قال: قال رسولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليهِ وسَّلم: "افترقت اليهود إحدى وسبعين فرقة وافترقت النصارى على اثنتين وسبعين فرقة وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلهم في النار إلا واحدة وهي الجماعة" -أي السواد الأعظم-. وأما علمُ الكلام الذي يشتغل به أهلُ السنة من الأشاعرة والماتريدية فقد عُمل به من قبل الأشعري والماتريدي كأبي حنيفة فإن له خمسَ رسائل في ذلك والإمام الشافعي كان يتقنهُ حتى إنه قال: "أتقنّا ذاك قبل هذا" أي أتقنّا علمَ الكلام قبلَ الفقهِ.
[41]- س: كيفَ نقي أنفسنا وأهلينا منَ النار؟
ج: قال الله تعالى: ﴿يَآ أيُّها الَّذِينَ ءَامَنُواْ قُواْ أنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللهَ مَآ أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ﴾ [سورة التحريم/6]. وجاءَ في تفسير الآية أنّ الله يأمرُ المؤمنين أنْ يقوا أنفسهم وأهلهم النَّارَ التي وقُودها النَّاسُ والحجارة بتعلُّمِ الأمور الدينيةِ، وتعليمِ أهليهم ذلك 5، أي معرفةِ ما فرضَ الله فعله أو اجتنابه أي الواجباتِ والمُحرّماتِ وذلكَ كي لا يقعَ في التشبيهِ والتمثيلِ والكفرِ والضلالِ.
ذلكَ لأنهُ من يشبهُ الله تعالى بشئٍ ما لم تصحَّ عبادته لأنه يعبدُ شيئًا تخيَّلهُ وتوهَّمَهُ في مخيّلتهِ وأوهامه، قال أبو حامد الغزالي: "لا تَصِحُّ العبادةُ إلّا بعدَ معرفةِ المعبودِ".