ميزة الذين يتحابون في الله
ميزة الذين يتحابون في الله
روينا في موطأ الإمام مالك رضي الله عنه بالإسناد الصحيح من حديث أبي هريرة عن رسول الله أنه عليه الصلاة والسلام قال: "الـمتحابون بجلالي أظلهم في ظلي" "يوم القيامة "يوم لا ظل إلا ظلي". الرسول يروي عن ربه تبارك وتعالى أنه قال: "المتحابون بجلالي" أُظِلُّهم في ظلي يوم لا ظل إلا ظلي".
معنى الحديث أن المؤمنين الذين يتحابون لوجه الله ليس للدنيا ولا للقرابة بل لوجه الله تبارك وتعالى، يتعاملان بالصفاء، هذا يأمره بخير وهذا يأمره بخير، وهذا ينهاه عن الشر وهذا ينهاه عن المعصية، هؤلاء الذين تحابوا في الدنيا على هذا الشكل يوم القيامة لهم ميزة وهي أنهم يكونون تحت ظل العرش. ذلك اليوم أي يوم القيامة لا يوجد ظل، لأن الله تعالى يدك هذه الأرض دكًا، تتحطم هذه الأرض كلها تتحطم، كالبيضة إذا رميت على صخرة تتحطم كذلك الأرض يوم القيامة الله تعالى يحطمها، وهذه الجبال كلها ينسفها الله تعالى، تصير غبارًا ناعمًا تطير في الجو تملأ الجو، فالناظر إليها يظن أنها جامدة من كثرتها. انتشارها في الجو يظن أن هذا الغبار جامد وهي تمر مرورًا سريعًا. أول الأمر قبل أن تبدل تنشق القبور عن أصحابها فيخرج البشر منها، يرفعون عن هذه الأرض، يحملون إلى ظلمة، ثم تبدل في هذه البرهة التي حمل عنها البشر، تبدل الأرض أرضًا غيرها لا يكون فيها جبال ولا وهاد مستوية هكذا، لا يوجد ظل شجرة، لا توجد شجرة يستظل تحتها ولا بناء، تبدلت الأرض غيرها.
ذلك اليوم بعدما تصير هكذا يعاد البشر الذين كانوا أخرجوا منها، يعادون إليها، فيبقون مدة بلا حساب، من دون أن يسأل هذا ماذا عملت، ولا يسأل هذا ولا يسأل هذا، ثم بعد ذلك يكون الحساب، يسأل هذا عن عمله وهذا عن عمله.
في ذلك الوقت الذي الناس يكونون على هذه الأرض المبدلة الأرض الجديدة التي ليس فيها جبال ولا وهاد، يعادون إليها إلى هذه الأرض الجديدة، فيمكثون مدة ثم يكون الحساب في هذا الوقت. الشمس تكون دنت من رؤوس الناس ويقوى حرها على الناس، لكن المؤمنون الذين كانوا في الدنيا يتحابون لله يكونون في مكان يطل عليه ظل العرش، الله تعالى يظلهم في ظل العرش لا يصيبهم ظمأ ولا عطش ولا جوع لا يحسون بشىء من المشقة والضيق إلى أن ينتهي الحساب ثم يساقون إلى الجنة. هذا ميزة المؤمنين الذين يتحابون في الله مع النصيحة لا يغش هذا أخاه ولا هذا يغش أخاه يدله على الخير وينهاه عن الحرام. هذا معنى المتحابين في الله.
ثم التحاب في الله لا يكون إلا بعد معرفة العقيدة التي كان عليها الصحابة والتابعون والذين اتبعوهم وأتباع التابعين وهلم جرا إلى يومنا هذا، أهل السنة عقيدتهم عقيدة الصحابة، جمهور الأمة مئات الملايين من المسلمين أندونيسيا التي عددها أكثر من مائة مليون المسلمون فيها، ومصر وتركيا والباكستان والهند والمغرب وجنوب أفريقيا.
جمهور المسلمين على عقيدة الصحابة أن الله تبارك وتعالى موجود لا ابتداء لوجوده، هو فقط الذي لا ابتداء لوجوده وما سواه حتى النور والظلام ما كانا في الأزل، النور والظلام والعرش والسموات والأرض والجنة والنار والهواء والكواكب ولا الماء، الله تبارك وتعالى كان قبل هؤلاء كلهم، ليس لوجوده ابتداء، هو فقط الذي ليس لوجوده ابتداء، أما العالم الكثيف واللطيف العالم كله لم يكن في الأزل، هذه عقيدة أهل السنة.
كذلك عقيدة أهل السنة أن الله ليس بمحدود، ليس له حد، لا حد صغير كالذرة ولا حد كبير كالعرش ولا حد وسط فيما بين هذين الحد الأصغر والحد الأكبر، ليس كهذا ولا كهذا ولا كهذا. لهذا نص سيدنا علي رضي الله عنه وحفيده زين العابدين، أما سيدنا علي قال: "من زعم أن إلهنا محدود" "فقد جهل الخالق المعبود" هذا كلام سيدنا علي نفى عن الله الحد.
لا يجوز أن نقول إن الله له حد يعلمه هو نحن لا نعلمه لأن العرش كذلك، العرش لا أحد من الخلق يعلم مساحته، كم مساحة العرش، لكن الله يعلمه، الله فقط يعلمه. أما الله تبارك وتعالى لا يجوز أن يكون كهذا ولا كهذا لأن كل شىء له حد يحتاج إلى من جعله على هذا الحد. فالله تبارك وتعالى لو كان له حد لاحتاج إلى من جعله على ذلك الحد، والذي يحتاج لغيره لا يكون إلهًا، من شرط الإله ألا يحتاج إلى شىء.
Tags:
فيديوهات مختلفة ,
من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله