تفسير قوله عز وجل: هو الأول والآخر
تفسير قوله عز وجل ﴿هو الأول والآخر﴾
أما بعد،
فقد قال الله تبارك وتعالى ﴿هُوَ الأَوَّلُ وَالآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ وَهُوَ بِكُلِّ شَىْءٍ عَلِيمٌ﴾ الله تبارك وتعالى وصف نفسه بهذه الآية بصفات هي من أصول العقيدة التي معرفتها فرض على كل مسلم، الأول الصفة الأولى الأولية أي الأزلية، الأولية المطلقة هي صفة من صفات الله. معنى الأولية لا ابتداء لوجوده، فالله تبارك وتعالى أثبت لنفسه هذه الصفة ونفاها عن غيره، فالله تعالى موجود أزلي لا ابتداء لوجوده ولا شىء غيره كذلك، فمن اعتقد أن شيئًا من الأشياء سوى الله كذلك، أي أنه موجود بلا ابتداء أي أنه لا ابتداء لوجوده، من اعتقد ذلك في شىء سوى الله فقد أشرك بالله. فالعالم وهو ما سوى الله جميعه علويه وسفليه وكثيفه ولطيفه حادث وجد بعد أن كان معدومًا ولا يستثنى من العالم نوعه وجنسه ومادته، فمادة العالم ونوعه وجنسه حادث ليس أزليًا ليس مما لا ابتداء لوجوده، كذلك صور العالم أي الأشخاص حادثة مخلوقة لا فرق بين مادة العالم وصور العالم أي الأشخاص، فمن اعتقد أن العالم مادته وصورته أي أشخاصه أزلي لا ابتداء لوجوده كما أن الله أزلي لا ابتداء لوجوده فهو كافر متفق على كفره، لا يختلف اثنان من علماء الإسلام في تكفيره. أهل الحق كلهم على هذا حتى الذين كانوا قبل أمة محمد صلى الله عليه وسلم من الأمم الذين هم غير تابعين للأنبياء وهم قدماء الفلاسفة كانوا يعتقدون أن العالم بأسره حادث مخلوق أي وجد بعد أن كان معدومًا، وخالف في ذلك قسم من الفلاسفة، قال إن العالم جنسه أي مادته أزلي لا ابتداء لوجوده ليس مخلوقًا لله تعالى، إنما وجوده اقتضاه وجود الله، يقولون وجود العالم اقتضاه وجود الله ليس الله أوجده أي لا ابتداء لوجوده كما أن الله لا ابتداء لوجوده، هذا البعض من الفلاسفة قال هذا القول، ويقال له إرسطو وتبعه على ذلك بعض من كانوا ينتسبون إلى الإسلام، وهم في الحقيقة ليسوا مسلمين. هؤلاء منهم ابن سينا، أبو علي ابن سينا والفارابي وابن رشد الحفيد غير الجد، الجد كان من فقهاء الإسلام من أهل السنة والجماعة. هؤلاء كفار، من شك في كفرهم فهو كافر، لكن من لم يعلم أن ابن سينا كان يعتقد ذلك واعتبره مسلمًا فليس عليه حرج، إنما الحرج على من علم أنه كان يقول هذه المقالة، يعتقد هذا الاعتقاد، أن العالم جنسه وصوره أي أشخاصه أزلي لا ابتداء لوجوده، من علم أن ابن سينا يقول ذلك إذا لم يكفره بل اعتبره مسلمًا من المسلمين فهو كافر لأن هذا إشراك بالله تعالى، والله تعالى وصف نفسه بأنه الموجود الذي لا ابتداء لوجوده، أنه هو فقط الموجود الذي لا ابتداء لوجوده، هؤلاء خالفوا ذلك، فكذبوا كتاب الله وأشركوا بالله تعالى أي أثبتوا لغير الله صفة خاصة به.
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله