تفسير قوله عز وجل: وإِن تبتم فلكم رءوس أموالكم
تفسير قوله عز وجل ﴿وإِن تبتم فلكم رءوس أموالكم﴾
لا يشترط في حرمة ربا القرض أن يكون القدر الذي يشترطه المقرض من الزيادة عند رد القرض كثيرًا، بل القليل والكثير في الحرمة سواء لقول الله تبارك وتعالى ﴿وَإِن تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُءُوسُ أَمْوَالِكُمْ لاَ تَظْلِمُونَ وَلاَ تُظْلَمُونَ﴾ أي إن أردتم التوبة من معصية الربا فاقتصروا على رأس المال لا تطلبوا شيئًا سوى رأس المال. من أقرض مائة وكان شرط عليه أنه متى ما أخر عن هذا الموعد عن الشهر الأول إلى شهر ثاني ينضاف عليه كذا كان ربا، ومنه ما يفعله الذين يبيعون السيارات في هذا العصر أنهم يشترطون بعد تحديد الثمن أنه إن أخر قسطًا من الأقساط يضاف عليه كذا، هذا من الربا المحرم المتفق على تحريمه، أما إذا لم يكن فيه هذا، فليس ربا. إن لم يشرط هذا الشرط بل قال له بعتك هذه السيارة بثمن مبلغه كذا على أن تدفع العشر في نهاية شهر كذا أو سنة كذا والعشر الآخر في نهاية شهر كذا أو سنة كذا إلى ءاخر الأقساط، بين له الآجال حتى صارت معلومة ليس فيها جهالة ولم يذكر هذا الشرط، أي أنه إن أخر بعض الأقساط يضاف عليه كذا، لا يكون ربا، لأنه ما شرط جر منفعة لنفسه، أما أنه استفاد بطريق بيع التقسيط أي المؤجل على ثمن بيع النقد فهذا لا يجعله حرامًا.
وما ورد في الحديث الصحيح أن الرسول نهى عن بيعتين في بيعة ليس معناه أن يخير الرجل البائع المشتري بين أن يشتريه بثمن نقد مبلغه كذا أو بثمن مؤجل أي مقسط مبلغه كذا ويزيد ثمن المقسط على ثمن النقد ضعفًا أو أقل من ذلك أو ضعفين أو ثلاثة أضعاف أو أكثر، فليس هذا الذي نهى عنه الرسول بيعتان في بيعة، ليس هذا. إنما بيعتان في بيعة هو أن يقول له بعتك هذا بألف نقدًا أو بألفين تقسيطًا إلى ستة أشهر ثم يأخذ هذا الغرض من غير أن يختار إحدى الطريقتين، هذا قال العلماء إنه بيعتان في بيعة محرم. لأنه لم يفترقا على شىء معلوم، لم يفترقا على ثمن النقد ولا على ثمن التقسيط، ما أوضح له، ما قال له أنا ءاخذ بثمن النقد بألف ولا قال له أنا ءاخذ بثمن التقسيط بألفين إنما ترك الأمر مجهولًا، كأن يقول له من غير أن يبين إحدى الطريقتين اللتين اختارهما إرسل لي هذا الغرض فأرسل له من غير أن يبين إحدى الطريقتين، ما يختاره من إحدى الطريقتين، فهذا الحرام، هذا يقال له بيعتان في بيعة.
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله