#

تفسير قوله عز وجل: قوا أنفسكم وأهليكم نارًا

تفسير قوله عز وجل ﴿قوا أنفسكم وأهليكم نارًا﴾
قال الله تبارك وتعالى ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ ءامَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ﴾ هذه الآية فسرها سيدنا علي رضي الله عنه ﴿قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾ أي جنبوا أنفسكم وأهيلكم نار جهنم. هذا معنى حل اللفظ للآية. سيدنا علي رضي الله عنه قال علموا أنفسكم وأهليكم الخير، معناه وقاية النفس والأهل من نار جهنم يكون بتعليم أنفسكم وأهليكم الخير، أي أمور دين الله. الخير معناه أمور الدين، ما فرض الله تعالى على عباده، وما حرم الله تعالى، هذا هو وقاية النفس والأهل من نار جهنم، لأن الإنسان لا يولد عالـمًا، إنما بعد أن يرزقه الله تعالى التمييز يتعلم. فمن تعلم ما فرض الله وما حرم الله وعمل به صار من الفائزين المفلحين. أما من لم يتعلم فهو من الهالكين، وأما من تعلم ولم يعمل بما تعلم فهو أيضًا من الهالكين، لكن هذا يسأل عن شىء واحد وذاك الذي لم يتعلم يسأل عن أمرين. هذا الذي تعلم ما فرض الله وما حرم الله لكنه لم يطبق ذلك على نفسه، هذا يسأل لم لم تعمل في الآخرة، لم لم تعمل فتؤدي فرائض الله وتجتنب ما حرم الله، يسأل عن هذا. أما الذي لم يتعلم يسأل عن أمرين، لم لم تتعلم ما فرض الله في الدين وما حرم الله. هذا عليه سؤالان وذاك عليه سؤال واحد. ومعنى ذلك أن ذلك الذي تعلم ما فرض الله من علم الدين، لكنه لم يعمل، لم يطبق على نفسه بأن أضاع بعض الفرائض أو ارتكب بعض المحرمات، أحسن من هذا الذي أضاع فرضين التعلم والعمل. ثم أهم ما يتعلمه الإنسان هو المعرفة بالله وتوحيد الله ثم الإيمان بالرسول ثم معرفة أمور الدين، ما يحل وما يحرم، ما هو فرض على العباد وما هو محرم عليهم، هذا أهم العلوم. وأهم هذه العلوم معرفة الله لأن من لم يعرف الله تعالى لا تصح عبادته، تحصل معرفة المعبود بعدها تصح العبادة، أما من دون معرفة المعبود، لا تصح. الله تبارك وتعالى موجود ليس لوجوده ابتداء وما سواه لوجوده ابتداء، وذلك لأن العالم قامت به أمارات الحدوث أي علامات أنه حادث أي لم يكن موجودًا ثم وجد فلا شىء موجود ليس لوجوده ابتداء إلا الله، وهذا معنى قول الله تعالى في القرءان ﴿هُوَ الأَوَّلُ﴾ معناه أن الله هو الذي ليس لوجوده ابتداء وما سواه لوجوده ابتداء، العالم إن كان لطيفًا وإن كان كثيفًا فلوجوده ابتداء. العالم اللطيف كالنور والظلام والريح والروح، هذا العالم اللطيف. وأما العالم الكثيف فهو كالإنسان والشجر والحجر وجسم الأرض وجسم السموات وجسم العرش، أما الملائكة فهم أجسام لطيفة بحسب أصل خلقتهم لكن الله تعالى أعطاهم اقتدارًا على أن يتشكلوا بشكل إنسان وبشكل الطيور، فلما يتشكلون يتشكلون بشكل جسم كثيف أما في أصل خلقتهم ألطف من الريح ألطف من الهواء، ثم الله تبارك وتعالى لا يتصف بصفات الجسم اللطيف ولا بصفات الجسم الكثيف فهو منزه عن صفات العالم الكثيف وصفات العالم اللطيف، لذلك لا يمكن تصور الله في النفس تمثيله لا يمكن لأنه لا شبيه له في كل ما هو من أنواع العالم لا يشبه شيئًا منها فلذلك لا يمكن تخيل الله تعالى بشكل لا يمكن، فكل ما يتخيله الإنسان فهو غير الله لذلك قال الله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله