تفسير قوله عز وجل: الحمد لله الذي خلق السموات والأرض
تفسير قوله عز وجل ﴿الحمد لله الذي خلق السموات والأرض﴾
قال الله تعالى ﴿الْحَمْدُ لِلّهِ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ وَجَعَلَ الظُّلُمَاتِ وَالنُّورَ﴾، هذه الآية تفهمنا أنَّ الله تعالى هو الذي خلق الأجسام الكثيفة والأجسام اللطيفة. الأجسام الكثيفة كالأرض والإنسان والشجر والحجر والشمس والقمر والعرش والسموات، كل شىء يضبط باليد يقال له كثيف، والماء أيضًا من العالم الكثيف. أما العالم اللطيف فهو النور والظلام والريح والظل، ظل الإنسان، لما يكون الإنسان في الشمس يكون له ظل، هذا شىء محسوس موجود لكن ليس حجمًا كثيفًا، هو حجم لكنه حجم لطيف، والنور كذلك حجم لطيف، والريح كذلك حجم لطيف. والله تعالى هو أوجد هذه العوالم الكثيفة والعوالم اللطيفة، فهو لا يشبه هذا الصنف ولا هذا الصنف، الله تعالى ليس شيئًا له حجم لطيف وليس شيئًا له حجم كثيف، لا يشبه الأجسام الكثيفة ولا يشبه الأجسام اللطيفة، لا يمكن تصوره في النفس. الشىء الذي له حجم يتصور في النفس أما الشىء الذي ليس له حجم لا يمكن تصوره في النفس، لذلك يقال الله موجود بلا مكان ولا جهة.
الله تعالى خصص بعض خلقه بجهة فوق كالعرش والملائكة الذين حافون حول العرش، فالله تعالى خلق العرش في هذا المركز الذي فيه إلى الآن، الله تعالى حفظه في ذلك المركز، هو منعه من الهُوِيِّ، من أن يهوي. كذلك السموات السبع الله منعها وحفظها من الهويّ إلى أسفل، وهذه الأرض هو الذي منعها من أن تهوي إلى أسفل. الله الذي جعل بعض خلقه متحيزًا في جهة فوق وجعل بعض خلقه متحيزًا في جهة تحت كالبشر والبهائم والحشرات، هؤلاء جعلهم متحيزين في جهة تحت، ليس له حيّز، لا يجوز عليه أن يكون شيئًا يأخذ مقدارًا من الفراغ.
الأجسام اللطيفة تأخذ مقدارًا من الفراغ، النور يأخذ مقدارًا من الفراغ، كذلك الريح يأخذ مقدارًا من الفراغ، كما أنَّ الأجسام الكثيفة كالإنسان تأخذ مقدارًا من الفراغ.
الله تعالى الذي خلق هذه الأشياء خصص بعضها بجهة فوق وبعضها بجهة تحت، لا يكون هو متحيزًا في جهة فوق ولا يكون متحيزًا في جهة تحت، ولا في أية جهة. كذلك هو ليس متحيزًا في جميع الجهات لذلك لا يجوز أن يقال الله في جهة فوق، في جهة العرش، ولا يجوز أن يقال الله في كل مكان، إنما يقال موجود بلا جهة ولا مكان. الناس الذين يقولون الله في جهة فوق قاعد على العرش هؤلاء جعلوه مثل خلقه، فهم جاهلون بخالقهم ما عرفوا الله. كذلك الذين يقولون إنه منتشر في كل الجهات، في هذه الجهة وفي هذه الجهة وفي هذه الجهة منتشر، هؤلاء أيضًا كفار، من الذي على الصواب على الحق؟ هم الذين يقولون الله موجود بلا مكان ولا جهة ليس بجهة واحدة ولا هو في جميع الجهات موجود من غير أن يكون في جهة واحدة أو في جميع الجهات.
الله تعالى لا يجوز أن يكون متحيزًا في جهة فوق أو في جهة تحت ولا في جهة يمين العرش ولا يساره ولا أمامه ولا خلفه. ولا يجوز أن يكون متحيزًا في جميع الجهات، في جهة فوق وجهة تحت وجهة يمين وجهة شمال وجهة أمام وجهة خلف، كل هذا لا يجوز، إلا أن يُعتقد أنه موجود بلا جهة ولا مكان، ليس هو متحيزًا في جهة واحدة ولا في جميع الجهات، هذه عقيدة أهل الحق. علماء الإسلام مئات الملايين على هذا.
﴿سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الأَعْلَى﴾ ﴿الأَعْلَى﴾ ليس معناه الذي هو مستقر في جهة فوق، لا! ﴿الأَعْلَى﴾ معناه الذي هو أقدر من كل قادر وأعلم من كل عالم وغالب لكل غالب.
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله