تفسير قوله عز وجل: فاسألوا أهل الذكر إِن كنتم لا تعلمون
تفسير قوله عز وجل ﴿فاسألوا أهل الذكر إِن كنتم لا تعلمون﴾
إن الله تبارك وتعالى أمر عباده بتعلم علم الدين. قال الله تبارك وتعالى ﴿فَاسْأَلُواْ أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لاَ تَعْلَمُونَ﴾ هذه الآية وإن كان سبب نزولها في أمر خاص لكن معناها يشمل ما كان من سبب نزولها وغير ذلك. وروينا في معجم الطبراني الكبير بإسناد جيد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "يا أيها الناس تعلموا فإنما العلم بالتعلم والفقه بالتفقه"، وإنما أكّد الشرع تعلم علم الدين لأن العمل بدون علم فساده أكثر من خيره، وذلك لأنه يعمل العمل يظنه قربة إلى الله وهو على خلاف ذلك أي ليس قربة إلى الله، بل يكون معصية. بناءً على هذا، كثير من الناس يصلون ولا صلاة لهم، لماذا؟ لأنهم ما تعلموا ضروريات الصلاة، أي الأمور التي لا تصح الصلاة بدونها، وما يفسد الصلاة، لم يتعلموا هذا، فهؤلاء يخبطون خبط عشواء، فيصلي أحدهم ويظن أنه أدى الواجب وأن ذمته برئت وذمته لم تبرأ لأنه أخل بفرض من فروضها أو ارتكبوا مبطلًا من مبطلاتها. فهذا بحسب ظنه صلى لكنه بالمعنى لم يصل. كذلك الصيام، صيام رمضان، بعض الناس يقولون على حسب ظنهم إننا صمنا رمضان فقد أدينا حق الله علينا في الصيام، وهم لم يصوموا بالمعنى. وذلك أيضًا لفقد ركن من أركان الصيام أو لارتكاب مبطل من مبطلات الصيام. وكذلك الزكاة، قد يظن الشخص أنه أدى حق الله الذي فرضه في المال وهو لم يؤد عند الله تعالى، لا زكاة له وهو في نفسه يرى أنه أدى حق الله في ماله، حق الله الذي فرضه وأوجبه في ماله، يظن أنه أدى ذلك وهو لم يؤد. وكذلك الحج، كثير من الناس يذهبون إلى مكة بزادهم، بالزاد الذي هيؤوه لهم، يذهبون إلى مكة، فيذهبون إلى حيث يذهب الناس، يذهبون إلى عرفات مع الناس ويذهبون إلى منى ومزدلفة ويذهبون بعد عرفات إلى مكة، يعودون إلى مكة، يرجعون إلى مكة، وهم لم يؤدوا فرائض الحج أو أخلوا بشرط من الشروط أو ارتكبوا مفسدًا من مفسدات الحج وهم لا يدرون ذلك لأنهم أقدموا على هذا الحج من غير أن يتعلموا فرائضه وما يفسده، من هنا قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "رب قائم حظه من قيامه السهر ورب صائم حظه من صيامه الجوع والعطش".
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله