فائدة الدعاء
فائدة الدعاء
أصول الاعتقاد كلها متلقات عن رسول الله لذلك أصحاب رسول الله لم يختلفوا في الاعتقاد لم يختلفوا في أصول التوحيد كانوا كلهم على عقيدة أن الله تبارك وتعالى واحد أزلي أي لا ابتداء لوجوده أبدي أي لا انتهاء لوجوده وأنه شاء بمشيئة أزلية وعالم بعلم أزلي أي أنه يوصف بالمشيئة الأزلية وبالعلم الأزلي وبالقدرة الأزلية والحياة الأزلية، وأنه تبارك وتعالى لا يتغير ذاته ولا صفة من صفاته، شاء في الأزل ما كان إلى وقتنا هذا وما يكون بعد هذا في الدنيا وفي الآخرة، فلا شىء يحدث إلا وقد علم الله تعالى في الأزل أنه يكون وما لم يشأ الله تعالى في الأزل أن يكون فلا يكون. فهذا لا يتغير لدعاء داعٍ إنما دعاء الداعي يكون على اعتقاد المؤمن الموحّد على أن الله تبارك وتعالى إن كان شاء في الأزل أن يدعوه عبده بشىء فيعطيه ما طلبه فلا بد أن يدعوه عبده بعد أن يخلق فيعطى ذلك الشىء. وأما إن علم الله تبارك وتعالى في الأزل أن عبده يدعوه بكذا ثم لا يكون ذلك فإنه إذا دعاه العبد بأن يعطيه ذلك الشىء فإنه لا يحصل لدعاء العبد. فإن قيل فما فائدة الدعاء إذًا، قيل فائدة الدعاء إذا كان الشىء الذي طلبه العبد من الله سبق في علم الله ومشيئته أنه لا يحصل ولا يكون أن العبد يثاب على دعائه أو يصرف عنه من السوء مثلما طلب كما جاء ذلك بالأسانيد الصحيحة في عدة من كتب الحديث ككتاب الحاكم المسمى بالمستدرك وكتاب الدعوات للبيهقي رحمهما الله. فاليوقن الإنسان بهذا. فإذا جاء شهر شعبان الذي جرت العادة في كثير من البلاد بأن يقرؤوا كلمات فيها اللهمَّ إن كنت كتبتني في أمِّ الكتاب عندك شقيًا أو مطرودًا أو مقتورًا علي في رزقي فامح اللهم شقاوتي وإقتاري، فإن هذا اللفظ لم يصح عن أحد من الصحابة ولا التابعين. غاية ما هنالك أنه روي شىء من هذه الكلمات ليست كلها عن عمر بن الخطاب بإسناد منقطع أورده الحافظ البيهقي في كتاب القدر، كذلك لم يثبت عن مجاهد الذي هو أحد كبار التابعين الذين تلقوا العلم عن عبد الله بن عباس رضي الله عنهم، وفي صحيح مسلم من حديث ثوبان أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال "سألت ربي ثلاثًا فأعطاني اثنتين" "ومنعني واحدة" "سألته أن لا يهلك أمتي بسنة عامة" "أي مجاعة تستأصلهم جميعًا" "فأعطانيها" إلى أن قال "وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم" "فمنعنيها"، وقال "يا محمد إني إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد".
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , شعبان المكرّم
