#

قوم نوح

قوم نوح
الأمم الذين كانوا قبل أمة سيدنا محمد من أمم الأنبياء كانوا بعد أن يمضي عليهم مدة من الزمن يكفرون كلهم. كانوا يكفرون ثم الله تعالى يرسل نبيًا يدعوهم إلى الدين إلى الإسلام، أن يعودوا إلى الإسلام فيؤمن به قليل من الناس، الأكثر لا يؤمنون به، فينزل الله بهم عذابًا فيهلكهم وأول هؤلاء قوم نوح، قوم نوح بعدما مات إدريس عليه السلام كفروا، كفروا كلهم، فصار نوح يدعو الناس يقول للناس اعبدوا الله واتركوا هذه الأوثان، اتركوا عبادة هذه الأوثان. فما كانوا يقبلون منه عاش، فيهم تسعمائة وخمسين سنة وهو لا يملّ يدعوهم وهم يسبونه ويضربونه. أحيانًا يقع على الأرض مغشيًا عليه، فلم يؤمن به طيلة هذه المدة إلا نحو ثمانين شخصًا من رجال ونساء، ثم الله تعالى أوحى إليه إنه لا يؤمن بك إلا من قد ءامن قبل هذا، فلما أيس منهم دعا عليهم قال يا رب لا تترك منهم أحدًا، لا تبقي منهم أحدًا. الله تعالى أمر الأرض فأخرجت ماءها، ارتفع ماء الأرض أربعين ذراع، ثم أمر الله السماء فأنزلت الماء، كل قطرة كالجبل ليس كالمطر العادي، فالتقى الماءان، ماء الأرض وماء السماء فغطى الماء جبال الدنيا كلها، ارتفع الماء فوق أعلى جبل خمسة عشر ذراع. والله تبارك وتعالى علّم نوحًا، عمل السفينة من خشب، هذا الخشب كان من شجرة خلقت يوم ولد نوح، عمل منها. الله أوحى إليه كيف يصنع السفينة، عمل منها سفينة وأوحى الله إليه أن يدخل فيه هو ومن ءامن به ومن البهائم ذكرًا وأنثى من البقر والغنم وغير ذلك. سفينته كانت ثلاث طبقات، طبقة للبهائم وطبقة للبشر وطبقة للوحوش، حتى الوحوش أدخلهم، لأن الوحوش أيضًا فيها منافع وإن كان فيها مضرة من جهة، فيها منافع من جهة. هذه السفينة علت بهم فوق الماء، دارت بهم إلى مكة إلى عرفات إلى منى إلى كل مكان من مشاهد الحج، ستة أشهر وأيامًا بقيت تدور بهم على وجه الماء. الله سلمهم، أما الكفار صغارهم وكبارهم أغرقهم، حتى ابن له كفر، له أربعة أبناء، ثلاثة ءامنوا به وواحد كفر، هذا الذي كفر غرق. وامرأته أيضًا كانت كافرة غرقت، ما سلم من البشر لا طفل ولا شاب ولا شيخ ما أحد إلا الذين ءامنوا معه، ثم بعد أن مضى ستة أشهر وأيام، الله تعالى أمر الأرض أن تبلع ماءها فلما نَضَبَ الماء نزل، استقرت سفينته على جبل بالعراق، يقال له الجودي. ثم هؤلاء الذين كانوا فيه من المؤمنين نزلوا إلى الأرض وعاشوا على دين الإسلام، ثم ما جاءت ذرية غير أبنائه الثلاثة. أبناؤه الثلاثة ولدوا أولادًا، فهذا البشر كله من أبناء أولئك الثلاثة، أما الآخرون ما جاءتهم ذرية ماتوا على الإسلام.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من سير الأنبياء