فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا
الصوفية يعني الجماعة الذين آمنوا بالله ورسوله وتعلموا القرآن الكريم أدوا الواجبات واجتنبوا المحرمات ومشوا على خط رسول الله صلى الله عليه وسلم واقتدوا بالصحابة والتابعين وأتباع التابعين هؤلاء ماذا يكونون في أي طبقة؟ من الغوغاء أو من الذين لهم القبول عند الله؟ من الذين لهم القبول عند الله تبارك وتعالى.
الصوفية هؤلاء جماعة مثل الإمام الجنيد البغدادي كانوا في حوالي السنة الثلاثمائة الهجرية هؤلاء الذين زهدوا في هذه الدنيا ما التفتوا إلى شهواتها ولا زينتها ولا وأموالها، لم تلهِهِم أموال الدنيا ولم تلههم زينة الدنيا ولا طعامها ولا نساؤها ولا مفاخر الثياب فيها إنما اشتغلوا بطاعة الله تعالى، وأكلوا الشيء الضروري وتزيَوْا بالزي الذي هو رثّ فلم يكتسبوا مالًا حرامًا حتى يتزيّنوا بالثياب التي هي جميلة المنظر وقلَلُوا من النوم للسهر في صلاة النافلة، قللوا من النوم في اليل للسهر في صلاة النافلة يعني صلاة الليل، وأكثروا من تلاوة القرآن الكريم وأكثروا من الصيام الاثنين وخميس وغير ذلك ورمضان، يعني قللوا من الأكل وقللوا من النوم وغير ذلك ابتغاء مرضاة الله هؤلاء الصوفية، ليس معنى الصّوفية الذين لهم رائحة وجلابية متسخة وسبحة طويلة مثل ما بظن بعض الناس، وليس الصوفية الذين يقولون "أنا الله والله أنا وأنا الله حيّ".
فمن عامل ربه معاملة صافية وعامل المؤمنين معاملة صافية، ما معنى "عامل ربه معاملة صافية" أخلص في طاعته لله، لأن الذي يصلي حتى يقول عنه أهله تقيّ صالح عابد زاهد ناسك صار من الأولياء هل يكون بصفاء المعاملة مع الله؟ الذي يعمّر جامعا ليُقال عنه أبو الفقراء وفاعل خير وسيرتُه حسنة حتى يشتهر صيته بين الناس هل يكون عامل ربه معاملة حسنة؟ لا. الذي يشتغل عنده أناس ويماطلهم في أجرتهم ويأكل حقوقهم لا يكون يعامل المؤمنين معاملة صافية، الذي يقرض الناس قروضًا بالربا لا يكون عبدًا تقيًا لاحظتم كيف؟ الذي يُوقِع بين مؤمنين ما اسمها هي؟ النميمة، لا يكون يعامل المؤمنين معاملة صافية. فإذًا التّقي الصالح الصوفيّ الصادق أخلص في عباداته لله، وطبّق شرع الله في معاملته مع الناس. كل شىء يريد أن يعمله يحاسب نفسه، يقول هذه حرام أم حلال؟ يجوز لي أن أفعلها أم لا يجوز يجوز لي أن آكلها أو لا يجوز؟ لأن كل واحد منا سيسأل عن بطنه بما غذّاه، سيسأل عن ماله من أين اكتسبه؟ سيسأل عن عمره فيما قضاه، لاحظتم كيف؟ سيسأل عن صحته بأي شىء صرفها بطاعة الله أم بالحرام؟ اكتسب بالحرام أم بالحلال؟ غذي من الحرام أم من الحلال؟ سيسأل. فالذي يحاسب نفسه قبل أن يعمل العمل مخافة أن يعصيَ الله ويتجنب المعاصي ويتحرى ما أحلّه الله تعالى هذا يكون عبدًا صادقًا. وأخلص لربه في سرّه، بعبارة ثانية ماذا يكون؟ أخلص لربه في سرّه، ترك ماذا؟ ترك الرياء، الذي أخلص لربه في سرّه يعني ترك الرياء، عمّر جامعا أنا كيف أعرف إذا عمّره لله أم عمّره للسمعة، من الذي يعلم ما في قلبه؟ الله، فالذي أخلص لله في قلبه في سره بكون صادق مخلص، أما الذي يبني وينفق ويتصدق ليقال عنه يعمل خير أبو الفقراء أبو الأيتام ليذيع صيته بين الناس هل يكون صدق في سره مع الله؟ لا يكون. لو واحدا عمّر جامعا بمليونَيْ ليرة وقصده السمعة بين الناس عليه معصية من الكبائر وما له ذرة ثواب، والذي يوزع خبزًا لو رغيف حاف لله تعالى له ثواب هذا ثمنه فرنك، أما ذاك دفع مليونين، هذا له ثواب، وذاك ما له ثواب بالمرة وعليه عقاب، لأنّ الله تعالى بيّن في القرآن الكريم: ﴿قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَىٰ إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَٰهُكُمْ إِلَٰهٌ وَاحِدٌ ۖ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلًا صَالِحًا وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ معناة ﴿وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَدًا﴾ يعني يتجنب ماذا؟ الرياء لاحظتم كيف؟ بعد ذلك إذا أراد أن يعامل المؤمنين معاملة صادقة لا يمنّ بالصدقة، لا يعطي فقيرا صدقةً وثاني يوم يمننه بها، يكسر له خاطره، مثلا أعطاه اليوم عشر ليرات ثاني يوم مرّ ببابه قال له "إذا بتريد خذ هذه سلة الزبالة كب لي إياها" قال له "لا أريد" قال له "ولو نسيت جميلي عليك ونسيت أمدّ يدي من جيبي إلى فمك كل يوم أنت وأولادك؟" وما شابه ذلك يكسر له خادره ويمنّ عليه بالصدقة، هذا كسر له قلبه هذا من الكبائر.
الذي يمنّ بالصدقة راح ثواب الصدقة لعملها هذا يكون آذاه، يكون آذى مسلمًا، فالذي أراد أن يتصدّق لا يذيع صيته صيت نفسه بين الناس ليكسر قلب الفقراء وليمن على الفقراء وليذيع صيته بين الناس.
وأخلص لربّه في سره وأحسن علانيته، يعني عمله في الظاهر كان ايضا موافقًا للشرع، فذلك هو الصوفي، أما إذا واحد قال "أنا الله" قلت له "لمَ قلت هذا الكلام؟" قال "لا أنا قصدي أنا أحب الله" هل يكون هذا الكلام مقبولًا؟ هذا يكون كفرًا صريحًا لا تأويل له، لا نقول لا ندري ما قصده، لا أدري ما نيته، هذا اسمه كفر صريح لا تأويل له، مفهوم؟ مثلا إذا واحد زعل من الثاني قال له "كذا بربك" أو زعل من ابنه قال له "حل عني يا ابن الله" هذا اسمه كفر صريح لا أسأله ما نيتك وما قصدك؟ بل نقول له هذا الكلام الذي قلته كفر، قول أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمدًا رسول الله.
Tags:
فيديوهات مختلفة ,
مرئيات الشيخ نزار الحلبي