#

معنى القدر

معنى القدر
أما بعد،
فإن من أصول العقيدة الإسلامية الإيمان بالقدر، القدر معناه إيجاد الله الأشياء على حسب مشيئته الأزلية وعلمه الأزلي. روى البيهقي في كتاب الأسماء والصـفات من طريق الربيع المرادي عن الشافعـي رضي الله عنه، قال سئل الشافعي عن القدر فقال:
"ما شئت كان وإن لم أشأ *** وما شئت إن لم تشأ لم يكن
خلقت العباد على ما علمت *** ففي العلم يجري الفتى والمسن
على ذا مننت وهذا خذلت *** وهذا أعنت وذا لم تعن
فهذا شقي وهذا سعيد *** وهذا قبيح وهذا حسن"
وفي الحديث الذي رواه الشيخان البخاري ومسلم في تفسير الإيمان أن تأمن بالله وملائكته وكتبه ورسله والقدر خيره وشره. وعند مسلم "والقدر كله". ثم إن أهل الحق أجمعوا على أن الله تبارك وتعالى هو خالق الخير من أعمال العباد، والشر من أعمالهم. كل أعمال العباد مخلوقة لله، على هذا أجمعوا لا يعرف فيهم اختلاف في ذلك. أهل الحق لا يفرقون بين الخير من أعمال العباد وبين الشر من أعمالهم، عندهم كل ذلك بخلق الله تعالى. عند أهل الحق العباد فاعلون، والله خالق أفعالهم، لا يخلقون من أفعالهم شيئًا، لقول الله تعالى﴿هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ﴾ [سورة فاطر ءاية 3] وقوله ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ فَقَدَّرَهُ تَقْدِيرًا﴾ [سورة الفرقان ءاية 2] "الشىء" معناه في اللغة الموجود، ما كان موجودًا من الأجرام والأجسام، والأعمال أعمال العباد، حركاتهم وسكناتهم ونواياهم، وأفكارهم وإدراكاتهم وعلومهم، كل ذلك الله خالقه ليس العباد خالقي ذلك. أهل الحق لا يستثنون من قول الله تعالى ﴿وَخَلَقَ كُلَّ شَىْءٍ﴾ أعمال العباد الاختيارية أي حركاتهم وسكناتهم التي يعملونها باختيارهم، لا يستثنون هذا، بل عندهم لا فرق بين أعمالهم الاختيارية وأعمالهم التي تصدر منهم بغير اختيارهم، في كون كل ذلك مخلوقًا لله تعالى إنما الفرق بين أفعال العبد الاختيارية وأفعاله التي هي غير اختيارية كوقوع الإنسان في وهدة لم يشعر بها فيعطب، أو سقوطه في وهدة بدفع إنسان له من خلف، هذه من الأعمال الغير الاختيارية. وهذه الأعمال الغير الاختيارية مثل الأعمال الاختيارية في كونها بخلق الله تعالى، ومشيئته وعلمه. إنما الفرق بين الأعمال الاختيارية والأعمال الغير الاختيارية، أن العبد يثاب ويعاقب على أعماله الاختيارية، يثاب على الحسنات والطاعات، ويعاقب على السيئات. أما الأفعال الغير الاختيارية فلا يسأل عنها.

Tags: فيديوهات مختلفة , مرئيات العلّامة الهرري