وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ
وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ
الله تبارك وتعالى يقال عنه موجود لا كالموجودات ويقال عنه أيضًا شىء لا كالأشياء الشىء، معناه الموجود، الله تعالى موجود والعالم موجود والله تبارك وتعالى شىء لا كالأشياء أي لا يشبه مخلوقه، لا يشبه العالم الذي خلقه. الله تبارك وتعالى أنزل في كتابه آية محكمة في صفته فيها التنزيه الكلي وهي قوله تعالى ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ هذه الآية لفظها موجز خفيف على اللسان لكن معناها واسع جدًا لأنها تنزه الله تبارك وتعالى، أي تفهم أنه لا يشبه شيئًا من العالم لأنه موجود بلا ابتداء وما سواه لوجوده ابتداء. الله تبارك وتعالى موجود بلا ابتداء، كان قبل كل شىء، لم يكن معه في الأزل شىء، لا نور ولا ظلام ولا هواء ولا روح ولا أرض ولا سماء ولا عرش ولا كرسي. الكرسي جرم كبير تحت العرش، هو بالنسبة للعرش كالكرسي الذي يوضع أمام السرير يضع عليه الذي يجلس على السرير قدميه. في اللغة هذا الكرسي لكن ذلك الكرسي الذي الله تبارك تعالى ذكره في القرءان بقوله ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ ذاك جرم كبير واسع ليس كالكرسي الذي نحن نعرفه، والرسول وصفه بأنه في اتساعه السماوات بالنسبة إلى اتساع الكرسي كحلقة ملقاة في فلاة من الأرض، إذًا هذا ليس كالكرسي الذي نعهده فيما بيننا فيما بين المخلوقين. الله تبارك وتعالى خلق هذا الكرسي الذي هو في العظم إلى هذا الحد وليس معنى قوله تعالى ﴿وَسِعَ كُرْسِيُّهُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضَ﴾ أن اتساعه بقدر السماوات والأرض فقط، بل ليس المراد التحديد، إنما المراد أنه واسع جدًا بحيث يسع السماوات. لو جعلت كل سماء بجانب السماء الأخرى وجعلت الأراضي السبعة بعضها بجانب البعض يكون الكرسي في اتساع مساحته على هذه الصفة. ثم أخبرنا بأن الكرسي بالنسبة للعرش كالحلقة الملقاة في فلاة من الأرض. ثم الرسول أخبر في حديثه أن كل سماء ما فيها موضع أربع أصابع فارغ إلا وفيه ملك قائم أي يصلي أو راكع أو ساجد. ثم كل سماء أوسع من أرضنا هذه لأن فيها بابًا قال الرسول عنه مسيرة عرضه سبعون عامًا هذا الباب خلقه الله تعالى يوم خلق السماوات والأرض مفتوحًا لا يغلق منه تصعد الملائكة بتوبة التائبين فإذا كان الباب الواحد من أبواب السماء مسيرة عرضه سبعين عامًا فماذا يكون جملة جرم السماء؟ ثم كل هذا الله خلقه من غير احتياج إليه، ما خلقه ليتجول فيه ما خلقه ليسكن واحدًا من هذه سماء واحدة من هذه السماوات السبع ولا العرش ليسكنه أو ليجلس عليه ولا الكرسي إنما خلق كل ذلك إظهارًا لقدرته الملائكة الذين هم أكثر عباد الله الذين قال الله فيهم ﴿وَمَا يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ﴾ من كثرتهم حافون بهذا العرش الذي هو في الاتساع بهذه الصفة هؤلاء الملائكة لما يرون هذا العرش والكرسي والسماوات يزدادون إيمانًا بكمال قدرة الله تعالى فيزدادون خشوعًا لربهم.
Tags:
فيديوهات مختلفة ,
مرئيات العلّامة الهرري