#

تفسير قوله عز وجل: وأنا أول المؤمنين

تفسير قوله عز وجل: وأنا أول المؤمنين
موسى عليه السلام طلب من الله تعالى من عظم ما اشتاق إلى الله تعالى، من عظم شوقه إلى الله أن يرى الله تعالى بعينه وكان لم ينزل عليه قبل ذلك وحي بأن الله لا يرى في الدنيا بالعين، ما كان عنده علم بذلك. من شوقه إلى الله طلب من الله أن يرى ربه بعينه، فقال له ربه ﴿لَن تَرَانِي وَلَكِنِ انظُرْ إِلَى الْجَبَلِ فَإِنِ اسْتَقَرَّ مَكَانَهُ فَسَوْفَ تَرَانِي فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا وَخَرَّ موسَى صَعِقًا﴾ ثم أفاق موسى، من صعقته أفاق ﴿فَلَمَّا أَفَاقَ قَالَ سُبْحَانَكَ تُبْتُ إِلَيْكَ وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ معنى ﴿وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ معناه أني أول المؤمنين بأنك لا ترى في الدنيا بالعين، أنا أول المؤمنين بأنك لا ترى في الدنيا بالعين، هذا معناه. ليس معناه أنا أول مسلم ءامن بالله، لا. بل كان قبله أنبياء كثيرون. أما معنى قوله تعالى ﴿فَلَمَّا تَجَلَّى رَبُّهُ لِلْجَبَلِ جَعَلَهُ دَكًّا﴾ أن الله تبارك وتعالى خلق في الجبل إدراكًا ورؤيةً فرأى الله تعالى الذي لا شبيه له، رأى الله الذي لا شبيه له. الجبل بقدرة الله رأى ربه ثم اندك الجبل. بمجرد ما حصلت له الرؤية اندك أي تحطم فصار متفتتًا، فلمّا رأى موسى ذلك صعق أي غُشيَ عليه وثم أفاق فقال هذه المقالة ﴿وَأَنَاْ أَوَّلُ الْمُؤْمِنِينَ﴾ أي أنا أول من ءامن بأنك لا ترى بالبصر في الدنيا وعلى ذلك ورد حديث رواه مسلم في صحيحه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال "واعلموا أنكم لن تروا ربكم حتى تموتوا" أي لا يراه أحد منكم بالعين إلا بعد الموت. وأما ما حصل لسيدنا محمد ﷺ من أنه رأى ليلة المعراج ربه فإنما كانت تلك الرؤية بالفؤاد أي بالقلب. الله تعالى وضع بقلب الرسول، جعل بقلب الرسول قوة النظر، قوة الرؤية فرأى الله تعالى بتلك القوة، ليس مجرد أنه علم، العلم حاصل قبل ذلك. العلم بالقلب، العلم بوجود الله حاصل، قبل ذلك كان حاصلًا وكل مؤمن يعلم بقلبه وجود الله إنما رؤية النبي ﷺ بقلبه لربه معناها أن الله جعل بفؤاد الرسول أي بقلبه قوة الرؤية، الله الذي يضع قوة النظر في هذه العين وضع بقلب الرسول قوة النظر فرأى الله بتلك القوة التي وضعها الله في فؤاده أي قلبه.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , إسراؤه ﷺ