الله الذي خلق النور والظلام وكل شىء
الله الذي خلق النور والظلام وكل شىء
العرش واللوح المحفوظ والملائكة الذين حافّون من حول العرش من جميع جوانبه الذين لا يعلم عددهم إلا الله، الله تعالى جعلهم في جهة فوق، وجعل بني ءادم والبهائم في جهة تحت، ليس أولئك الذين في جهة فوق اختاروا أن يكونوا هناك بل الله بقدرته أوجد العرش الذي لم يكن موجودًا في ذلك المكان في الفضاء وحفظه من أن يهوي إلى أسفل فلولا أن الله حفظه في ذلك المكان ما ثبت لحظة بل هوى إلى أسفل. وكذلك السموات السبع الله تعالى بقدرته أمسكهما فلا يهويان إلى تحت على أهل الأرض، لا تسقط على أهل الأرض، لا السموات ولا العرش، الله أمسكهما بقدرته من أن يهويا إلى تحت. كذلك هذه الأرض الله تعالى بقدرته أمسكها وإلا لهوت بنا ولم تثبت في مقرها لحظة. الله تبارك وتعالى بما أنه ليس حجمًا، ليس حجمًا كبيرًا كالعرش ولا حجمًا أوسع من العرش ولا حجمًا صغيرًا إلى الغاية، إلى النهاية، ولا كالحجوم التي بين أصغر حجم وأكبر حجم ليس حجمًا لذلك هو موجود بلا مكان ولا جهة. أما لو كان له حجم لكان مثل خلقه نحن حجم والأرض حجم والسموات حجم، جسم، أي جسم. والعرش والبحر والضوء والظلام والريح والروح كل هؤلاء حجم. هؤلاء بما أنهم حجم كل له مكان وجهة. النور له مكان وجهة لأنه إن كان نور الشمس فهو يمتد إلى مسافة يعلمها الله ثم يتقلّص عن هذه المسافة ويأتي الظلام محلَّه ثم هذا الظلام يستقر في هذا المكان إلى أن يأتي الوقت الذي شاء الله تعالى أن يتقلص عنه فيأتي النور إلى ذلك المكان الذي تقلص عنه الظلام وهكذا يتعاقبان النور والظلام كل له مكان وجهة. نور الجنة هناك في الجنة مكانه الجنة ونور الشمس مكانها هذه الأرض التي نعيش عليها. كل حجم لا بد له من مكان وجهة أما الموجود الذي ليس حجمًا فهو الله، فهو موجود بلا مكان بلا جهة. فإن قال قائل "كيف تقولون الله موجود وتقولون بلا مكان ولا جهة؟ أليس هذا معناه أنه غير موجود؟" يقال لهم: الله ليس حجمًا كثيفًا ولا لطيفًا فيصح وجوده بلا جهة ولا مكان. إنما الحجم هو الذي لا يصح وجوده إلا في جهة ومكان. أما أنتم إذا كانت نفوسكم لا تستطيع أن تتصور، أن تعتقد بوجود موجود ليس في مكان ولا جهة فهذا من فساد قلوبكم على زعمكم الشىء الذي لا تدركه أوهامكم ليس بموجود فلذلك جعلتم الله جسمًا موجودًا فوق العرش أما نحن أهل السنة فالله تبارك وتعالى فتح قلوبنا لمعرفة الحق وهو أن الله موجود من غير أن يكون في جهة ومكان، وليس من شرط الموجود أن يتصوره الوهم. هذا الوقت الذي لم يكن فيه نور ولا ظلام لا تستطيعون أن تتصوروه فكيف الله تبارك وتعالى؟! الذي خلق النور والظلام وكل شىء كيف لا يصح وجوده بلا جهة ولا مكان؟!
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله