أصل العقيدة
أصل العقيدة
أصل ما بنى عليه أهل السنة علم الكلام الذي هم يشتغلون به هذه الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ لأن هذه الآية تنفي عن الله المشابهة لخلقه في كل أنواع المشابهة تنفي عن الله أهل السنة لما علموا أن العالم قسمان جرم وعرض أي حجم صغير أو كبير كثيف أو لطيف وصفات لهذا الحجم، العالم محصور في هذين الجرم والعرض، ويسمون الجرم جوهرًا لأن الجوهر في اللغة أصل الشىء، الحجم إما أن يكون صغيرًا بحيث لا يقبل أن يقسم من تناهي قلته، وإما أن يكون شىء يقبل التقسيم، أن يكون له عرض وطول هذا يقبل القسمة، أما الشىء الذي في تناهي قلته لا يقبل التقسيم هذا يسمونه جوهرًا، ثم كل الجواهر كل الأحجام لها صفات، الله تعالى هو الذي خلق الأجرام وخلق صفاتها فلا يجوز أن يكون الله تعالى جوهرًا أي شيئًا له حجم لطيف أو كثيف، لا يجوز أن يكون شيئًا له حجم لطيف أو حجم كثيف كالإنسان والحجر والشجر والشمس والقمر والنور والظلام والريح والروح، لا يجوز أن يكون مشابهًا لهذه الأشياء لأنه لو كان مشابهًا لشىء من هذه الأشياء لكان له أمثال، وهو نفى عن نفسه المثل، لذلك بنوا أصل العقيدة أهل السنة على هذا الأساس أن الله لا يشبه خلقه وخلقه إما جرم كثيف أو لطيف، إما صغير وإما كبير أو صفة لهذه الأجرام. الريح حجم لطيف ولها صفات تقوم بها إما أن تكون حارة أو أن تكون باردة أو أن تكون وسطًا ينعش الناس، وكذلك لها حجم. الريح أيضًا لها حجم ليست ممتدة امتدادًا لا نهاية له، كذلك النور له حجم يمتد إلى غاية، ليس له امتداد لا إلى نهاية، نور الشمعة له حد ونور الشمس له حد، فوجب نفي الجرمية عن الله وصفات الأجرام. صفات الأجرام الحرارة والبرودة واللون البياض أو السواد أو غير ذلك من الألوان. فكل هذا منفي عن الله بدلالة هذه الآية ودلالة قضية العقل لأن الله لو كان يشبه شيئًا من خلقه ما استطاع أن يخلق العالم ومما يؤيد هذا بيانًا ووضوحًا أن الشمس حجم مضيء لها عرض أي صفة وهي الحرارة لا تستحق الألوهية مع عظم نفعها وحسن شكلها. لماذا لا تستحق؟ لأنها تحتاج إلى من أوجدها على هذا الشكل على هذه المساحة وعلى هذا الشكل. الله تعالى لو كان شيئًا له حجم ومساحة أكبر من الشمس أو أصغر من الشمس أو مثل مساحتها لاحتاج إلى من كونه وأوجده على ذلك الحجم وذلك الشكل، كما أن الشمس لا يصح أن تكون هي خلقت نفسها على هذا الحجم وعلى هذا الوصف من الحرارة والاستدارة، فكان مذهب أهل الحق هو الموافق للقرءان والعقل فوجب الثبات عليه وثبت بطلان ما سوى عقيدتهم. ثم ما سوى عقيدة أهل السنة منه ما هو كفر ومنه ما هو لا يصل إلى حد الكفر. الذي يصل إلى حد الكفر عقيدة الذين جعلوا لله حجمًا.
الإمام الشافعي رضي الله عنه قال "المجسم كافر" أي أن الذي يعتقد أن الله جسم على أي شكل كان، إن اعتقد أنه حجم كالعرش أو أوسع من العرش، أو اعتقد أنه حجم كالإنسان كحجم الإنسان، أيّ حجم كان، إن اعتقده الشخص فهو كافر لأنه كذب قوله ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾. ثم إن اعتقد أن الله حجم جعل له أمثال، نحن لنا حجم والشمس لها حجم والعرش له حجم والهباء له حجم والذرة والنملة الحمراء الصغيرة لها حجم، كذلك من الأعراض أي صفات الأجرام الثقل والخفة، بعض الأجرام خفيفة الخفة صفتها وعرضها، وبعض الأجرام ثقيلة، فالثقل عرض تلك الأجسام، فربنا تبارك وتعالى منزه عن هذا كله، فثبت أن الحق اعتقاد أهل السنة الأشاعرة والماتريدية.
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله