#

من علم أن الله ربه وأني نبيه دخل الجنة

من علم أن الله ربه وأني نبيه دخل الجنة
قد روّينا في كتاب الاعتقاد للبيهقي رحمه الله تعالى من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من عَلم أن الله رَبُّه وأني نبيُّه دخلَ الجنة". هذا الحديث يدل على أن أصل الإسلام، أن الأمر الذي لا بد منه لتحقق الإسلام والإيمان هو العلم بوحدانيّة الله تعالى وأنه هو الذي يستحق أن يعبد لا أحد يستحق أن يعبد أي يُتذلل له نهاية التذلل إلا الله. وأما قولُه عليه السلام "وعلم أني نبيُّه" أي رسوله، من أيقن بذلك إيقانًا لا يخالطه شك وريبة فلا بد أن يدخل جنة الله تعالى سواء كان دخوله للجنة ابتداءً أي من غير عذاب أو كان بعد عذاب فإن من مات على ذلك فمآله الجنة، وهذا هو المراد بالحديث الذي رواه ابن حبان في صحيحه. "من كان ءاخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة يومًا من الدهر وإن أصابه قبل ذلك ما أصابه". من مات على الإسلام فلا بد أن يدخل الجنة إما مع الأولين أي مع الذين يدخلون الجنة أولًا وإما مع الآخرين، قال عليه السلام: "وإن أصابَه قبل ذلك ما أصابه" أي لو كان يصيبه بذنوبه التي مات ولم يتب منها نوع من العذاب ثم إن العاقبة علمها عند الله، فنسأل الله تعالى أن يختم لنا بالإيمان. فلذلك كان أهم الأمور الثبات على الإسلام وذلك بترك الكفريات، الكفريات القولية والكفريات الاعتقادية والكفريات الفعلية، وذلك لأن من أفلت لسانه ونطق بما هو استخفاف بالله تعالى أو بدينه أو بجنّته أو بوعده أو وعيده أو استخف بنبي من أنبيائه أو بملك من ملائكته مع العلم بأن ذلك من ملائكة الله فإنه يحبط أعماله ويخرج من الإسلام. ثم إن حفظ اللسان سهل لكن الذي يريد أن يتبع هواه أي أن يتكلم بما تشتهيه نفسه كل ما عرض له شىء تشتهي نفسه أن تتكلم به تكلم به فإن ذلك أهلك نفسه، وحفظ اللسان سهل ليس عسرًا إنما النفس أمارة بالسوء فبعض الناس يقعون في الكفر لأنهم لا يفكرون فيما يتكلمون به قبل أن يتكلموا، لا يفكرون. هل هذا الكلام سالم أم غير سالم؟ من دون تفكير ونظر يتكلمون بما يخطر لهم، هؤلاء هم أوبقوا وأهلكوا أنفسهم وإلا فليس حفظ اللسان من الأمور الشاقة، إنما النفوس تسرع إلى أن تحقق مشتهياتها لأن الشهوة أنواع منها شهوة اللسان، اللسان يحب، لسان الإنسان يحب أن يتكلم بما فيه غيبة للغير، كثير من الناس يحبون أن يتفكهوا بذكر عيوب الناس. أكثر الناس هذه حالتهم يحبون أن يتفكهوا بذكر عيوب الناس، فمن أجل ذلك أكد الرسول صلى الله عليه وسلم، أكد عليه السلام على أمته حفظ ألسنتهم. روينا في جامع الترمذي حديثًا مرفوعًا إلى النبي عليه السلام: "من صمتَ نجا" أي من لزم السكوت عما لا خير فيه نجا أي حفظ نفسه من الهلاك لأن أكثر ذنوب ابن ءادم من لسانه.
ثم بعد صحة الإيمان والإسلام أهم أمور الدين عند الله الصلوات الخمس. روينا في كتاب المعتقد للبيهقي رحمه الله أنه كان أول ما يبدأ به رسول الله إذا دخل الرجل في الإسلام أن يأمره بالصلاة، الصلوات الخمس أفضل الأعمال كلها بعد الإيمان بالله ورسوله، لا يقوم مقامها عمل ءاخر من الأعمال الحسنة ولا شىء ذنبه أعظم بعد الكفر من ترك الصلوات الخمس، فذنب ترك الصلوات أعظم عند الله من كل المعاصي إلا الكفر.
أما عند الجمهور أي جمهور علماء الإسلام فأعظم الذنوب عند الله بعد الكفر قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ثم الزنى ولا سيما الزنى بحليلة الجار أي بزوجة الجار فهو أي الزنى بحليلة الجار أشد من الزنى بغيرها عشر مرات ثم بعد ذلك يتردد النظر هل أشد المعاصي بعد ذلك أي بعد قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ما هو؟ أي بعد الزنى لأن قتل النفس بغير حق عند الجمهور هو أعظم الذنوب بعد الكفر ثم الزنى ثم القتل أيضًا يتفاوت في شدة الذنب.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله