#

الذكر وكل الأعمال الصالحة لا يقبلها الله إلا بعد معرفته

الذكر وكل الأعمال الصالحة لا يقبلها الله إلا بعد معرفته
إن الذكر على طريقة شيخ من المشايخ الذين الله تعالى ألهمهم أن يعملوا طريقة، كالشيخ أحمد الرفاعي رضي الله عنه، والشيخ عبد القادر، والشيخ أحمد البدوي وغيرهم، الذي يذكر الله تعالى مع الانتساب إلى طريقة أحد هؤلاء المشايخ يكون له لطف ومدد من الله تعالى يخُصُّه به دون غيره، الذكر الذي يذكره ذكر الطريقة ينفعه، ثم مدد شيخ الطريقة ينفعه بإذن الله. ثم هذا الذكر وكل الأعمال لا تنفع إلا بعد اعتقاد عقيدة أهل السنة والجماعة. أهل السنة والجماعة هم الذين تناقلوا الدين خلفًا عن سلف إلى أصحاب رسول الله. من كان على عقيدة هؤلاء ولم ينحرف عن عقيدتهم، هذا الذي ينفعه الذكر والصلاة والصيام وغير ذلك، أما من انحرف عنهم وشذ عنهم فاعتقد عقيدة تخالف عقيدتهم فهو ملعون على لسان كلِّ نبي، كل الأنبياء لعنوا من سوى عقيدة أهل الحق، أهل السنة والجماعة. اليوم كثرت العقائد المخالفة. بعد أصحاب رسول الله حدثت عقائد منها عقيدة التشبيه أي هؤلاء الذين يشبهون الله بخلقه. عندهم الله تبارك وتعالى حجم أي جسم مستقر على العرش. الله تبارك وتعالى وصف نفسه بأنه ليس كمثله شىء أي لا يشبه شيئًا من العالم، لا يشبه الملائكة ولا الإنس ولا الضوء ولا الظلام ولا الريح ولا الروح وهو تبارك وتعالى كان قبل هذه الأشياء كلها، كان قبل النور والظلام والأرض والسماء والعرش، قبل كل هذا، الله كان بلا مكان. قبل أن تخلق الجهات الستّ فوق وتحت ويمين وشمال وأمام وخلف، قبل كل هذه الأشياء الله موجود، الله تعالى موجود ليس له أول، أما العالم كله وُجد بعد عدم، ما كان موجودًا ثم صار موجودًا، ثم هو جعل بعض خلقه في جهة فوق، جهة العرش، أكثر الملائكة هناك، حافّون من حول العرش، العرش لهم كالكعبة لنا، يستقبلون إليه لصلاتهم ويطوفون به كما نطوف بالكعبة. الله تبارك وتعالى ليس له مناسبة مع العرش، الذي يقول العرش يحمل الله والملائكة تحمل هذا العرش ما عرف الله، ما عرف الله. إنما عرف الله من اعتقد أن الله موجود ليس حجمًا كبيرًا ولا حجمًا صغيرًا ولا حجمًا لطيفًا كالضوء والظلام والريح ولا هو حجم كثيف كالإنسان والشمس والقمر، ليس كشىء من الأشياء. ثم لا يكون كخلقه، الخلق يتحرك ويسكن ومن الخلق ما هو متحرك دائمًا كالنجوم، ومن الخلق ما هو ساكن دائمًا كالعرش والسموات، ومن الخلق ما هو متحرك وقتًا وساكن وقتًا كالإنس والملائكة والجن والبهائم، هؤلاء يتحركون مرة ويسكنون مرة. أما الله تبارك وتعالى لا يوصف بحركة وسكون الدائمين، ولا بالحركة وقتًا وبالسكون وقتًا، كل هذا من صفات الخلق، الله تعالى منزه عن هذا، كما قال القرءان الكريم ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾.
كل الآيات التي ظاهرها يوهم أن الله تعالى في جهة فوق وأنه يطلع وينزل ليس معناها هذا، معناها شىء ءاخر.
فالحاصل أن الذكر وكل الأعمال الصالحة لا يقبلها الله إلا بعد معرفة الله، معرفة الله لا تكون مع اعتقاد أن الله حجم كثيف أو لطيف، ولا تصح مع اعتقاد أنه متحيز في جهة فوق أو غيرها من الجهة، فالله موجود بلا مكان ولا جهة، كما كان قبل أن يخلق العرش والسموات والأرض والجهات الست، موجود بلا مكان بلا جهة، هو الآن كذلك موجود بلا مكان ولا جهة، ليس حجمًا صغيرًا ولا حجمًا كبيرًا، ليس حجمًا بالمرة، الحجم لا بد له من مكان، إن كان صغيرًا وإن كان كبيرًا، فبعد معرفة الله على هذا الوجه الموافق لهذه الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ إذا اعتقد سيدَنا محمدًا بأنه نبي الله رسول الله صادق في كل ما أخبر به من أمور الآخرة ومن أمور الأمم الماضية، صادق في التحليل وفي التحريم لأمته، صادق في جميع ذلك، من اعتقد هذا الاعتقاد فهو المسلم المؤمن الذي تكتب له أي حسنة يعملها. قول السلام عليكم للمسلم حسنة، وقول سبحان الله حسنة، وقول الحمد لله حسنة، وقول الله أكبر حسنة، وقول لا حول ولا قوة إلا بالله حسنة، وكل ما هو تمجيد لله حسنة، وأفضل هؤلاء كلهم لا إله إلا الله.
كلمتان فاسدتان القول بأن الله قاعد على العرش، هذا كلام فاسد بل كفر، قائله هذا كافر، الله تعالى ما خلق العرش ليقعد عليه، الله لا ينتفع بشىء من خلقه، هو خلق العرش، حتى أولئك الملائكة الذين لا يعلم عددهم إلا الله من كثرتهم يزدادون خوفًا وإجلالًا لله تعالى، خلق العرش هناك ووكلهم بالطواف به، دائمًا هم هناك يكونون، هؤلاء غير ملائكة السبع سموات، هؤلاء غير أولئك، ليكون لهؤلاء الملائكة كعبة. خلق العرش ليس لينتفع به، الله لا ينتفع بشىء من خلقه، ومن يعتقد أن الله خلق العرش ليقعد عليه فهو كافر والذي يقول الله ملأ السموات والأرض، كل الأماكن ملأها فهو كافر. عقيدة أهل الحق، عقيدة أهل الحق التي كان عليها الصحابة ومن جاء بعدهم إلى يومنا هذا على طريقة الصحابة، يعتقدون أن الله موجود بلا مكان بلا جهة، المخلوق يكون له جهة ومكان أما الله كان قبل المكان وقبل الجهة لا يتغير، ليس بعد أن خلق هذه الأشياء موجود كما كان بلا مكان بلا جهة. لا يغرنكم هؤلاء الذين يقولون الله في كل مكان أهل الطريقة الذين هم يفهمون الطريقة على الحقيقة لا يقولون إنما الجهلة المنتسبين للطرق يقولون هذه الكلمة.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله