#

الله لا يجوز أن يكون له مقدار

الله لا يجوز أن يكون له مقدار
﴿وَكُلُّ شَىْءٍ عِندَهُ بِمِقْدَارٍ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ﴾ معناه أنَّ الله خلق كل شىء على مقدار، الذرة لها مقدار خلقها الله عليه، وحبة الخردل، حبة القمح، وحبة العنب، وحبة البطيخ، والإنسان والجبل والشجر والسماء وهذه الأرض التي تحملنا والشمس والقمر. كل له مقدار خلقه الله عليه، والله لا يجوز أن يكون له مقدار، لا صغير ولا كبير، العرش خلق على مقدار أكبر من كل ما خلق الله، فيحتاج إلى من جعله على هذا المقدار دون أن يكون على مقدار أقل أو على مقدار أكبر من ذلك. والإنسان كذلك ما خلق نفسه على هذا المقدار بل موجود خصصه بهذا المقدار، والذي يخصص هذه الأشياء كلها على مقدار وجهة ومكان لا يكون له مقدار ولا جهة ولا مكان. لو كان له جهة ومكان لكان كغيره يحتاج إلى من خصصه بتلك الجهة وذلك المكان. فالعرش ما أوجد نفسه بذلك الفضاء إنما خالقه أوجده هناك. بدل أن يكون هنا جعله هناك، وهذه الأرض ما هي خلقت نفسها واختارت جهة التحت بل خالقها خصصها بهذه الجهة، جهة التحت، وهذا المقدار وهذا الوصف الذي هي عليه. والنجم والشمس والقمر كذلك، كلٌ الله خصصه بالمكان الذي يكون فيه والشكل والهيئة الذي هو عليه. وهكذا الأجرام مهما كانت صغيرة ومهما كانت كبيرة، الله خصصها بحجمها ومقدارها وصفتها. جعل بعض مخلوقاته أبيض، وجعل بعضًا أسود، وجعل بعضًا أحمر، وجعل بعضًا أصفر، وجعل بعض خلقه ليّن الملمس، وبعض خلقه خشن الملمس، وبعض خلقه متحركًا جعله دائمًا. النجوم دائمًا متحركة وبعض خلقه جعله ساكنًا دائمًا كالسموات، وبعض خلقه جعله ساكنًا مرة ومتحركًا مرة كالبشر والملائكة والجن والدواب والحشرات والطيور. والذي خلقها وخصصها بالأحياز التي تكون فيه والصفات التي تكون هي عليه لا يكون مثلها، لا يكون حجمًا كبيرًا ولا حجمًا صغيرًا ولا متحركًا ولا ساكنًا، ولا يكون متحيزًا في جهة فوق ولا في جهة تحت وإلا لكان له أمثال. لو كان متحركًا دائمًا لكان له أمثال، لو كان ساكنًا دائمًا لكان له أمثال، لو كان يتحرك مرة ويسكن مرة لكان له أمثال، كالإنسان والملائكة. الملائكة كل يوم قسم منهم وظيفتهم أن يقضوا مع بني ءادم الليل وقسم منهم وظيفتهم أن يقضوا مع بني ءادم النهار، ثم هؤلاء الذين قضوا الليل مع بني ءادم عند صلاة الصبح يصعدون ويكون أولئك نزلوا اجتمعوا مع هؤلاء، هؤلاء يظلون النهار وهكذا يتعاقبون. الله تعالى ليس متحركًا ولا ساكنًا لذلك لا يمكن تصور الله. الوهم لا يتصور الله، لا يستطيع، لأن الوهم يتصور الشىء على ما هو بعض صفات المخلوقات، إما أن يتصوره حجمًا كبيرًا وإما حجمًا صغيرًا وإما أن يتصوره حجمًا متحركًا أو حجمًا ساكنًا أو يتصوره شيئًا يتحرك مرة ويسكن مرة أو يتصوره أبيض أو أحمر أو ما بين ذلك. فالله تعالى يجب أن يكون مخالفًا لهذه المخلوقات كلها، لا يشبه شيئًا منها.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله