#

أهم أمور الدين

أهم أمور الدين
بعد صحة الإيمان والإسلام أهم أمور الدين عند الله الصلوات الخمس، روينا في كتاب المعتقد للبيهقي رحمه الله أنه كان أول ما يبدأ به رسول الله إذا دخل الرجل في الإسلام أن يأمره بالصلاة، الصلوات الخمس أفضل الأعمال كلها بعد الإيمان بالله ورسوله، لا يقوم مقامها عمل ءاخر من الأعمال الحسنة ولا شىء ذنبه أعظم بعد الكفر من ترك الصلوات الخمس، فذنب ترك الصلوات أعظم عند الله من كل المعاصي إلا الكفر، هذا أي كون ترك الصلوات الخمس أعظم الذنوب عند الله بعد الكفر ظاهر عند الذين قالوا بكفر تارك الصلاة كسلًا، وهم جماعة من السلف أشهرهم الإمام أحمد بن حنبل. أما عند الجمهور أي جمهور علماء الإسلام فأعظم الذنوب عند الله بعد الكفر قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، ثم الزنا ولا سيما الزنا بحليلة الجار أي بزوجة الجار، وهو أي الزنا بحليلة الجار أشد من الزنا بغيرها عشر مرات. ثم بعد ذلك يترتب النظر، هل أشد المعاصي بعد ذلك أي بعد قتل النفس التي حرم الله إلا بالحق ما هو، أي بعد الزنا، لأن قتل النفس بغير حق عند الجمهور هو أعظم الذنوب بعد الكفر ثم الزنا. ثم القتل أيضًا يتفاوت في شدة الذنب وأشد الذنب ما ورد في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه في جامع البخاري أنه قيل يا رسول الله أي الذنب أعظم، ففي هذا الحديث ذكر قتل الشخص ولده. كان في الجاهلية بعض الناس يقتلون البنت إما مخافة العار أي أن تلحق بأبيها العار إذا كبرت كما كان حصل في الجاهلية أن رجلًا كان غزاهم قوم يعادونه فأسروا من هؤلاء القوم عددًا من الناس، من جملة من أسروهم بنت لهذا الرجل الذي هو وجيه في قومه، رجل معتبر، ثم تصالحوا، تصالحت القبيلتان، ثم هؤلاء الذين أسروا من هذه القبيلة بعد المصالحة أرادوا أن يردوا من وافق، من أحب الرجوع إلى أهله، وكان لهذا الرجل بنت له أسرت وخيّرت، قيل لها أتحبين أن ترجعي إلى أبيك أم تختارين هذا الرجل الذي أخذك، فقالت أختار هذا الرجل فغضب أبوها غضبًا شديدًا، فحلف أنه إن ولد له بعد ذلك بنت ليدفننها وهي حية، فجاءه بعد ذلك ثمانية من البنات فدفنهن وهن حيّات، هذا كان في وقت كفره هذا الرجل، ثم بعد ذلك تداركته رحمة الله بأن أسلم وندم على ما كان فعله قبل ذلك، وكان بعد إسلامه من خيار المسلمين حتى قال قائل عندما توفي هذا الرجل واسمه قيس بن عاصم، قال الشاعر في رثائه له:
"فما كان قيس هلكه هلك واحد ***** ولكنه بنيان قوم تهدما"
ثم هذا قيس بن عاصم كان معروفًا بالحلم. الله تبارك وتعالى بعدما أسلم زاده حلمًا على ما كان عليه قبل إسلامه من الحلم والكرم والوفاء، زاده الإسلام في ذلك. مما حصل له من العجب بالحلم أن ابن أخ له قتل ابنًا له، فأتي بابن أخيه القاتل مكتوفًا فلما أحضر إليه ابن أخيه هذا الذي أتي به وهو مكتوف، قال فكوا عنه ثم وبخه على قتله ابنه، لا ضربه ولا فعل به شىء، إنما وبخه ثم قال هاتوا أم هذا المقتول أم ابنه المقتول، هاتوا أمه، لكونها غريبة تزوجها من غير قبيلته هي كانت غريبة، ليطيب خاطرها أعطوها مائة من الإبل وهذا مال كثير. الإبل اليوم الرأس الواحد من الإبل يساوي عشرة ءالاف ريال سعودي. هذا من جملة ما كان عليه من عظم الحلم، وهذا مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم "خيار الناس في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" لأن من كان في حال الكفر من خيار الناس بأن كان وفيًا بالعهود، كريمًا، يساعد الملهوفين والمكروبين، صادقًا في معاملته للناس، فهو يزيد في ذلك إذا أسلم وعرف دين الله، "إذا فقهوا" معناه إذا تعلموا الدين. من كان في الجاهلية أي في أيام كفره إنسانًا طيبًا فإنه إذا أسلم يزيد طيبًا، إذا فقه أي إذا تعلم الدين، إذا تعلم الحلال والحرام، ما يحب الله وما يكره، يكون هو خيار الناس بعد إسلامه، فيزيد حبًا وخيرًا على ما كان قبل إسلامه، هذا الحديث رواه البخاري وأوله "الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فقهوا" المعنى أن الناس كفارهم ومؤمنوهم، معادن أي أصولهم مختلفة، فمنهم من كان في الجاهلية أي قبل إسلامه في حالة محمودة من الوفاء والكرم والصدق في الحديث ومعاملة الناس والشفقة على عباد الله، ومنهم من هو على خلاف ذلك فبعد إسلام المرء من كان في أيام جاهليته بصفات حسنة يزيد بالإسلام بالصفات الحسنة.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله