#

لا يشبع مؤمن من خير يسمعه

لا يشبع مؤمن من خير يسمعه
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يشبع مؤمن من خير يسمعه حتى يكون منتهاه الجنة" معنى الحديث أن المؤمن لا يشبع من علم الدين. علم الدين العالِم لا يشبع منه، مهما بلغ في العلم لا يشبع لأن الله تعالى قال ﴿وَقُل رَّبِّ زِدْنِي عِلْمًا﴾. الله قال للرسول اطلب الازدياد في العلم فكيف غيره؟! إذا كان الرسول الله أمره بطلب الزيادة في العلم فماذا يكون حال غيره؟! لا ينبغي أن يقول الشخص أنا تعلمت فماذا أستفيد إذا جلست في مجلس عالم! لا ينبغي هذا، هذا يدل على ضعف الهمة. ثم من تعلم في الصغر كان ذلك أمانًا له في الكبر من التورط في الجهل، أما من فاته التعلم في الصغر فإنه لا بد أن يتورط في الجهالات، ثم إن شاء الله تبارك وتعالى له أن ينجوَ يلهمه طلب العلم فيتعلم فيكون من الناجين.
بعض أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم ورضي عنهم بلغه أن الرسول قال حديثًا سمعه من شخص أن الرسول قال هذا الحديث فأراد أن يتأكد من ذلك، خرج من المدينة إلى مصر من أجل هذا الحديث الواحد ليتأكد أن الرسول قاله لأنهم كانوا محتاطين، إذا حدّث شخص عن رسول الله بحديث كانوا يريدون من شدة اهتمامهم بالتحقيق في العلم أن يسألوا شخصًا ءاخر سمع هذا الحديث أو من الشخص الذي بلغهم عنه، يريدون أن يتأكدوا من ذلك بمراجعته، إلى هذا الحد كان لهم اهتمام بعلم الدين. في تلك الأيام ما بين المدينة ومصر كانت مسيرة شهر ولم يكن في أيامهم هذه القطار ولا السيارات، سيارات البر ولا الطائرات، ما كانت، كانوا يتحملون المشقات الشديدة من أجل تعلم علم الدين لأن الغلط في علم الدين مهلكة، إذا الإنسان لم يتبين أن هذا كما هو لم يدخله تحريف، إذا أخذه من شخص ليس فيه ثقة قد يكون فيه هلاكه لأن ذلك الإنسان ما تأكد أن الأمر هو كما هو ذكر.
ثم بعد الصحابة خف هذا الاهتمام بعلم الدين إلى حدٍ ما، ثم بعد عصر التابعين، بعد المائة الثانية خف أيضًا، ثم بعد الثلاثمائة خفَّ أكثر الاهتمام بعلم الدين، فكثر الكذب وكثر افتراء بعض الناس على الرسول، ينسبون إلى الرسول ما لم يقله وينسبون إلى بعض الصحابة ما لم يقله بعد الثلاثمائة سنة من الهجرة، فلذلك أفضل هذه الأمة عند الله أهل تلك الثلاثمائة سنة، أولئك أفضل لأن التقوى فيهم كانت أكثر، تقوى الله كانت فيهم أكثر.
الواحد من الصحابة من أكابرهم الذين لازموا الرسول قبل الهجرة وبعدها مثل أبي بكر وعمر وعثمان وعلي وعبد الرحمن بن عوف وطلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام وسعيد بن زيد وأبي عبيدة هؤلاء العشرة ومن كان على شاكِلَتِهم، هؤلاء لا يلحقهم في علو الدرجة عند الله من جاء بعدهم مهما بلغ في العبادة وعمل البر، لا يلحق بهم بالدرجة عند الله، هم أفضل هذه الأمة على الإطلاق.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , شرح حديث