#

خيار الناس

خيار الناس
ورد في حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه الذي أخرجه البخاري أنه قيل يا رسول الله أي الذنب أعظم ففي هذا الحديث ذكر قتل الشخص ولده. كان في الجاهلية بعض الناس يقتلون البنت إما مخافة العار أي أن تُلحق بأبيها العار إذا كبرت، كما كان حصل في الجاهلية أن رجلًا كان غزاهم قوم يعادونهم فأسروا من هؤلاء القوم عددًا من الناس من جملة من أسروهم بنت لهذا الرجل الذي هو وجيه في قومه، رجل معتبر، ثم تصالحوا، تصالحت القبيلتان، ثم هؤلاء الذين أسروا من هذه القبيلة بعد المصالحة أرادوا أن يردوا من أحب الرجوع إلى أهله، وكان لهذا الرجل بنت له أسرت فخيرت قيل لها تحبين أن ترجعي إلى أبيك أم تختارين هذا الرجل الذي أخذك؟ فقالت أختار هذا الرجل، فغضب أبوها غضبًا شديدًا وحلف أنه إن ولد له بعد ذلك بنت ليدفننّها وهي حيّة، فجاءه بعد ذلك ثمانية من البنات، فدفنهن وهن حيات، هذا كان في وقت كفره هذا الرجل. ثم بعد ذلك تداركته رحمة الله بأن أسلم وندم على ما كان فعله قبل ذلك، وكان بعد إسلامه من خيار المسلمين، وقد قال قائل لمّا تُوفّي هذا الرجل واسمه قيس بن عاصم. قال الشاعر في رثائه له:
وما كانَ قيسٌ هُلكُهُ هُلكَ واحدٍ **** ولكنّه بُنيَانُ قَومٍ تَهَدَّمَ
وما كانَ قيسٌ هُلكُهُ هُلكَ واحدٍ **** ولكنّه بُنيَانُ قَومٍ تَهَدَّمَ
هو هذا قيس بن عاصم كان معروفًا بالحلم، الله تبارك وتعالى بعدما أسلم زاده حلمًا على ما كان عليه قبل ذلك أي قبل إسلامه من الحلم والكرم والوفاء، زاده الإسلام في ذلك. مما حصل له من العجب في الحلم أن ابن أخ له قتل ابنًا له فأتي بابن أخيه القاتل مكتوفًا، فلما أحضر إليه ابن أخيه هذا الذي أتي به وهو مكتوف، قال فكوا عنه ثم وبَّخه على قتله ابنه، لا ضربه ولا فعل به شىء إنما وبّخه، ثم قال أعطوا أم هذا المقتول، أم ابنه المقتول، أعطوا أمّه لكونها غريبة، تزوجها من غير قومه، هي كانت غريبة ليطيّب خاطرها، أعطوها مائة من الإبل، وهذا مال كثير. الإبل اليوم الرأس الواحد من الإبل يساوي عشرة ءالاف ريال سعودي. هذا من جملة ما كان عليه من عظم الحلم وهذا مصداق حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: "خيار الناس في الجاهلية خِيارهم في الإسلام إذا فَقِهُوا" أي أن من كان في حال الكفر من خيار الناس بأن كان وفيًا بالعهود كريمًا يساعد الملهوفين والمنكوبين وصادقًا في معاملته للناس فهو يزيد في ذلك إذا أسلم وعرف دين الله، إذا فقهوا معناه إذا تعلموا الدين، من كان في الجاهلية أي في أيام كفره إنسانًا طيبًّا فإنه إذا أسلم يزيد طيبًا، إذا فقه أي إذا تعلّم الدين، إذا تعلّم الحلال والحرام وما يحب الله وما يكره يكون هو خيار الناس بعد إسلامه، أي يزيد فضلًا وخيرًا على ما كان قبل إسلامه، وهذا الحديث رواه البخاري، وأوله "الناس معادن خيارهم في الجاهلية خيارهم في الإسلام إذا فَقِهُوا" المعنى أن الناس كفارهم ومؤمنوهم معادن أي أصول مختلفة، فمنهم من كان في الجاهلية أي قبل إسلامه بحالة محمودة من الوفاء والكرم والصّدق في الحديث ومعاملة الناس والشفقة على عباد الله ومنهم من هو على خلاف ذلك. وبعد إسلام المرء من كان في أيام جاهليته بصفات حسنة يزيد في الإسلام بالصفات الحسنة. ترجم لهم.
الجاهلية هم العرب الذين تركوا الإسلام بعد إسماعيل عليه السلام تركوا الإسلام بعد إسماعيل بمئات من السنين صاروا يعبدون الأوثان إلى أن جاء سيدنا محمد ﷺ فصار يدعو بين كل أهل بلده الذين كانوا كلهم على الجاهلية يدعو إلى الإسلام أولئك الكفار يقال لهم الجاهلية، بعدما مات إسماعيل من مئات من السنين العرب كفروا كانوا مسلمين قبل ثم كفروا، فأنقذهم الله تعالى بسيدنا محمد.

Tags: مرئيات العلّامة الهرري , من مرئيات الشيخ الهرري رحمه الله