كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد
كل عمل ليس عليه أمرنا فهو رد
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كل عملٍ ليس عليه أمرنا فهو رد" معناه كل قول أو فعل أو عمل أو اعتقاد لا يوافق شريعتنا فهو مردود عند الله، لا يقبل. كل فعل وقول واعتقاد لا يوافق شريعتنا فهو مردود. أما ما يوافق ما جاء به رسول الله ولا يخالف ذلك، لا يخالف قرءانًا ولا حديثًا ولا إجماعًا ولا قياسًا مما أحدثه العلماء الأتقياء كالأئمة الأربعة فهو ليس مردودًا لأنه يوافق ما جاء به رسول الله، يوافق أمر رسول الله، وإن لم يكن الرسول صرح به قولوا كذا، افعلوا كذا، لكن لما وجده العلماء الأتقياء لا يخالف ما جاء به الرسول أحدثوه فهو مقبول عند الله. ليس المقبول من الأعمال عند الله الأشياء التي نصّ عليها الرسول بعبارة واضحة، بل يتبع ذلك ما يوافق ما نص عليه الرسول، ولا يخالف هذا أيضًا عند الله مقبول. أما المنصوص عليه من الرسول أي ذكر أمره في القرءان أو الحديث الصحيح بعبارة واضحة لا تحتمل التأويل فلا يجوز الاجتهاد فيه، الأئمة الأربعة ما اجتهدوا في شىء جاء في القرءان بوجه واحد لا يحتمل وجهين، أو جاء في حديث رسول الله على وجه واحد لا يحتمل وجهين. لا يختلفون فيه، إنما اختلافهم فيما كان يحتمل وجهين، في هذا اختلفوا. فقال هذا الإمام على حسب ما أدّاه اجتهاده، وقال الإمام الآخر على حسب ما أدّاه إليه اجتهاده. وهذا كان أيام الصحابة أيضًا، الصحابة اختلفوا في الاجتهاد فيما لم ينص عليه الرسول ولا نص عليه القرءان، فاختلفوا.
في زمن الرسول ما حصلت حادثة أن رجلًا مات أو أن امرأة ماتت وتركت جدًا وإخوة أو ترك هذا الرجل جدًا وإخوة أو تركت المرأة جدًا وإخوة، هذه المسألة الرسول ما ذكرها وليست مذكورة في القرءان لأنها ما حصلت في زمن الرسول، لو حصلت في زمن الرسول كان الرسول حكم فيها أن الإخوة يرثون مع الجد أو الجد يرث فقط، الإخوة لا ترث. كان الرسول حكم لو حدثت في زمانه. وهذا كله في غير الاعتقاد، في غير العقيدة. في العقيدة لم يختلفوا الصحابة، والأئمة الأربعة لم يختلفوا في الاعتقاد. اعتقادهم واحد فيما يتعلق بمعرفة الله والإيمان بالرسول والملائكة والكتب السماوية والقدر ويوم الآخرة، لم يختلفوا في هذا. إنما اختلف الصحابة في الأحكام التي ما ورد في القرءان أو الحديث على وجه ظاهر واضح أو لم يتكلم عليها القرءان ولا الحديث بعبارة صريحة، في هذا اختلفوا. الاختلاف فيما اختلفوا فيه الصحابة والأئمة الذين جاءوا بعدهم ليس فيه ضرر. أما الاختلاف في العقيدة هو الضرر، الاختلاف في العقيدة أيام الصحابة ما كان، في أصول العقيدة الصحابة لم يختلفوا. الإيمان بالله وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، في هذا لم يختلفوا. كذلك لم يختلفوا في أركان الإسلام الستة، الشهادتين والصلوات الخمس وصيام رمضان والزكاة والحج، لم يختلفوا. كذلك الأئمة الذين جاءوا بعد الصحابة لم يختلفوا، في أصل الصلاة لم يختلفوا، في أصل الحج، في أصل الزكاة، في أصل صيام رمضان، لم يختلفوا. في بعض تفاصيلها اختلفوا، في بعض تفاصيل الصلاة، في تفاصيل الصيام، في تفاصيل الزكاة، في تفاصيل الحج اختلفوا، وهذا ما فيه ضرر. إنما الضرر الاختلاف في أصول العقيدة. الصحابة لم يختلفوا في أصول العقيدة، كلهم كانوا يعتقدون أن الله موجود أزلي ليس لوجوده ابتداء وما سوى الله حادث وأن الله لا يشبه العالم بوجه من الوجوه، وكانوا يأخذون بالآية المحكمة ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ وما يخالف ظاهره من الآيات والأحاديث هذه الآية لا يفسرونه على الظاهر حتى لا يختلف القرءان، لأن هذه الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ تدل على أن الله ليس جسمًا لطيفًا ولا جسمًا كثيفًا، ولا هو صفة تابعة للجسم الكثيف أو الجسم اللطيف، وتدل أيضًا هذه الآية ﴿لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَىْءٌ﴾ على أن الله تعالى ليس متحيزًا في جهة ولا هو متحيز مالئ في جميع الجهات، وتدل أيضًا على أن الله منزهٌ عن الأعضاء والأدوات والأركان.
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , شرح حديث