إن الله يحب الأتقياء الأخفياء
إن الله يحب الأتقياء الأخفياء
إنَّ الله تبارك وتعالى أنزل في كتابه العزيز ﴿وَاتَّقُواْ اللَّهَ وَيُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ﴾. ﴿وَاتَّقُواْ اللَّهَ﴾ معناه اعملوا بما فُرض عليكم وتجنبوا ما حُرِّم عليكم، ومن جملة ما فُرض علينا التعلم، تعلم أمور الدين العقيدة والأحكام، فمن تعلم هذا العلم الذي هو فرض على كل مكلف وعمل به صار من أحباب الله تعالى. أما من لم يتعلم فمهما أكثر من العبادة والتردد إلى الحج والصدقات والمبرات لا يكون من أحباب الله تعالى، مهما أتعب نفسه بالعبادات لا يكون من أحبَّاء الله تعالى. أما الذي تعلم ما هو فرض عليه من علم الدين وعمل بما تعلمه وزاد عليه النوافل من الصلاة والقراءة والذكر ونحو ذلك يصير وليًا لله. قبل أن يُعرف في الأرض يعرف في السموات السبع وغيرها. الله تبارك وتعالى يأمر جبريل، يقول الله لجبريل إني أحب فلانًا فأحبه وأبلغ الملائكة إني أحب فلانًا فأحبوه، كل الملائكة يعرفونه يذكرونه بذكر حسن، يعرفونه من أولياء الله ثم الله تعالى يضع له القَبول في الأرض أي يحبه الخيار، خيار المؤمنين يحبونه ولو كرهه الفساق والفجار والكفار لكن من كان من أولياء الله يحبه في الأرض. الله تعالى يضع في قلوبهم حب هذا الإنسان. ورد في الحديث الصحيح أنَّ جبريل يقول رحمة الله عليه فيقول حملة العرش كذلك رحمة الله عليه أي هذا الإنسان الذي أمر الله جبريل بأن يحبه ويُبْلَغ الملائكة بأن يحبوه، من فرحهم به ومحبتهم له جبريل وحملة العرش يقولون رحمة الله عليه. أما من لم يتعلم فهو محروم من هذا الشرف في السماء وفي الأرض وإن كان له بين الكفار وبين الجهال والفجار اعتبار كبير لكنه محروم عند الله وعند الملائكة وخيار أهل الأرض. خيار أهل الأرض هم الأتقياء، الأتقياء كل زمن يوجدون في المسلمين إلى أن تقوم القيامة، ثم هؤلاء الأتقياء قسم منهم لا يعرفهم الناس لرثاثة هيئتهم، لباسهم ليس مونقًا ولا يتزينون إما لشدة الفقر وإما لأنهم مشغولوا القلوب بالله تعالى. الله تعالى أخفى أولياءه وبعضهم الله تعالى يظهره يكون له عند الناس شهرة وقبول لكن الأغلب مخفيون، لذلك تحسين الظن بالمسلم مطلوب لأنه أنت لا تراه إنسانًا له شأن عظيم وهو عند الله له شأن عظيم، أنت لم تر منه ما يعجبك من العمل الصالح لكن هو من الأتقياء الصالحين، لذلك قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "إنَّ الله يحب الأتقياء الأخفياء الذين إذا حضروا لم يعرفوا وإذا غابوا لم يُفتقدوا قلوبهم مصابيح الهدى يخرجون من كل غبراء مظلمة" هذا الحديث دليل على أنَّ من الأولياء أناسًا لا يعرفون عند الناس، إن حضروا مجالس الناس لا يعرفون وإن غابوا لا يسأل عنهم، هؤلاء قسم من الأولياء. لذلك إذا رأيت مسلمًا أنت حسن فيه الظن، تقول لعل هذا عند الله أحسن مني أنا أعرف من نفسي عيوبًا معاصي هذا ما رأيت منه شيئًا بعد لعله أحسن مني، المطلوب أن تحبه وتحترمه ولو كانت هيئته رثة لو كان شعره منفوشًا وثيابه مُغْبَرَّة وجسمه مُغْبَر أنت حسن فيه الظن، ثم إن رأيت منه ما يخالف الشرع تعامله على حسب الشرع ترشده إلى الصواب، تعلمه ما جهل، وإن وجدته على حالة حسنة تستفيد منه، تكتسب منه، تقتدي به.
Tags: مرئيات العلّامة الهرري , شرح حديث